مصانع وفرق سرية.. تسليح كييف يعيد إحياء مصانع وينعش اقتصاديات
لا تنتج واشنطن وحلفاء "الناتو" الذخيرة من عيار 122 ملم، وعدد قليل من الدول التي تنتجها تدور في الغالب في فلك الاتحاد السوفياتي السابق.
ولا يزال جزء كبير من تسليح الجيش الأوكراني الذي يواجه القوات الروسية في جنوب وشرق أوكرانيا، يعود للحقبة السوفياتية، وبالتالي تحتاج كييف باستمرار إلى إمدادات من الذخيرة تناسب هذه الأسلحة.
ودفع ذلك الدول الغربية للبحث عن مصادر بديلة، وضخ ملايين الدولارات على الحلول البديلة التي تحافظ على هدوء المعاملات وتتجنب التداعيات السياسية والانتقام الروسي، ولذلك اتجهت إلى مصنع في بلدة كوستينيتس غربي بلغاريا.
وظيفة خطيرة
وظيفة واضحة وخطيرة وقريبا ستفتح أمام المتقدمين، وهي ملء ذخيرة المدفعية على الطراز السوفياتي من عيار 122 ملم بالمتفجرات التي ستحولها إلى قذائف مميتة.
وبالنسبة إلى سكان كوستينيتس، إنها فرصة مرحب بها رغم خطر الموت؛ إذ تعني توفر مزيد من فرص العمل بمصنع "تيريم" للذخيرة على أطراف البلدة.
وكان المصنع توقف عن تصنيع القذائف عيار 122 ملم عام 1988 مع انتهاء الحرب الباردة. لكن عاد للعمل مجددا؛ إذ حولت الحرب الروسية في أوكرانيا الأسلحة والذخائر التي تعود للحقبة السوفياتية إلى معدات مهمة للغاية مع سعي الدول الغربية لتزويد أوكرانيا بالذخيرة التي تحتاج إليها لإحباط هجوم موسكو.
وهكذا في يناير/كانون الثاني، بعد 35 عامًا من مغادرة آخر قذائف عيار 122 ملم للمصنع، أعيد تشغيل الإنتاج. وبدت البلدة الصغيرة في بلغاريا، رغم وجود عدد كبير من السكان الموالين لروسيا، محورا للجهود العسكرية الأوكرانية.
وبعد مرور عام على الحرب، وبالرغم من تدفق الأسلحة الغربية المتطورة، لا يزال الجيش الأوكراني يعتمد في الأساس على الأسلحة التي تطلق ذخيرة سوفياتية. ولا تنتج الولايات المتحدة وحلفاؤها بـ"الناتو" مثل هذه الذخائر.
وببحثهم عن مصادر بديلة، قادهم ذلك إلى بعض من أبعد المناطق في أوروبا الشرقية، مثل كوستينيتس، وبلدة سوبوت الصغيرة، على بعد حوالي 50 ميلا إلى الشمال الشرقي، والتي تضم مصنع أسلحة آخر تديره الدولة.
وحضر ممثلون من السفارة الأمريكية بهدوء قص الشريط الشهر الماضي لخط الإنتاج الجديد في كوستينيتس، والذي جرى خارج المصنع، وهو مبنى منخفض متهالك في إحدى زوايا البلدة. ومع فرص العمل التي يضيفها، يمكن أن يصبح المصنع أحد أكبر أصحاب العمل في كوستينيتس.
عمالة ووسطاء
وتحسن حظ سوبوت أيضًا منذ الحرب. وهي تضم شركة "في إم زد" للأسلحة التي توظف الكثير من القوة العاملة المحلية. وخلال أحد أيام الجمعة مؤخرا، هزت إحدى الانفجارات النوافذ – والتي يرجح أنها كانت اختبارات لذخيرة تم تصنيعها حديثا.
وعلى مدار السنوات كانت "في إم زد" المصدر الرئيسي لدخل السكان في سوبوت، بحسب العمدة ديان دوينوف. وأضاف: "على الأرجح لا توجد عائلة في البلدة لم يعمل أي من أفرادها أو يعمل بالمصنع. عمليا ليس لدينا بطالة - فقط أولئك الذين لا يريدون العمل عاطلون عن العمل".
وتربط بلغاريا تاريخيا روابط وثيقة بموسكو، بالرغم من أنها جزء من الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي منذ بداية الألفية الحالية.
وارتفعت صادرات الأسلحة من بلغاريا العام الماضي، لتتجاوز 3 مليارات دولار، أي حوالي خمسة أضعاف المبيعات في الخارج في عام 2019، وفقًا لتقديرات الحكومة من البيانات التي تم جمعها في أكتوبر/تشرين الأول.
لكنها بالكاد الدولة الوحيدة التي تساهم بهدوء في الجهود الحربية الأوكرانية. فيما تزود لوكسمبورغ أوكرانيا بأسلحة جرى تصنيعها في جمهورية التشيك.
ويجوب السماسرة الذي يحملون الأموال من الولايات المتحدة المصانع في البوسنة والهرسك، وصربيا، ورومانيا بحثا عن القذائف.
فيما شكلت بريطانيا فرقة عمل سرية لتسليح أوكرانيا، بحسب وثيقة حصلت عليها "نيويورك تايمز" ومسؤولين مطلعين على عمل الفرقة.
وتتزايد أهمية مثل هذه الموارد مع حرق أوكرانيا للذخيرة بمعدل غير مستدام وصفه الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بـ"أعلى بكثير من معدلنا الحالي للإنتاج".
وخلال الشهور الأخيرة، أطلقت أوكرانيا ما بين 2000 و4000 قذيفة مدفعية يوميا، لكنها ستود إطلاق المزيد لتتمكن من استعادة الأراضي من روسيا.
وفي مرحلة ما الصيف الماضي، كانت روسيا تطلق ما يصل إلى 50 ألف قذيفة في اليوم. لكن تراجعت تلك الأرقام منذ ذاك الحين، حيث تعاني روسيا أيضًا من نقص في الذخيرة، وفق نيويورك تايمز.
وبمجرد بدء الحرب العام الماضي، بدأت أوكرانيا وحلفاؤها شراء الأسلحة ذات الطراز السوفياتي أينما يجدونها. وطلبت الشركات الأوكرانية المملوكة للدولة من الوسطاء في أمريكا وغيرها الحصول على دبابات وطائرات هليكوبتر وطائرات وقذائف هاون.
وأظهرت الوثائق التي حصلت عليها "نيويورك تايمز" أن بائع أسلحة تشيكي عرض في يونيو/حزيران الماضي على أوكرانيا ذخيرة وعشرات الطائرات الهجومية الأرضية السوفياتية التي تم تصنيعها بين عامي 1984 و1990 مقابل حوالي 185 مليون دولار.
ومولت كل من بريطانيا والولايات المتحدة مثل هذه الصفقات باستخدام بلدان طرف ثالث ووسطاء في الحالات التي لا تريد فيها الدول المصنعة الكشف عن هويتها بصفتها مزود أسلحة لأوكرانيا، بحسب مصادر مطلعة.
وركزت فرقة العمل التي شكلتها وزارة الدفاع البريطانية على الحصول على الذخيرة ذات الطراز السوفياتي، بحسب مصادر مطلعة، وهي مهمة ازدادت صعوبة مع استمرار الحرب ونفاد المخزون لدى كبار الموردين.
وفي يونيو/حزيران الماضي، أبرمت بريطانيا صفقة مع باكستان لشراء 40 ألف قذيفة مدفعية وصواريخ تصنعها مصانع الذخائر الباكستانية المملوكة للحكومة. وبموجب الاتفاق، ستدفع بريطانيا لوسيط روماني لشراء الأسلحة الباكستانية، بحسب الوثائق.
لكن انهارت الصفقة بعدما لم يتمكن المورد الباكستاني من تسليم الذخيرة، بحسب ماريوس روسو، مسؤول التصدير في شركة الوسيط الروماني "رومتينيكا".
aXA6IDMuMTQ5LjIxNC4yMjMg جزيرة ام اند امز