كارثة تصنع حياة.. قصة مدينة أنشأها انفجار "تشيرنوبل"
مدينة سلافوتيتش الأوكرانية تدين بوجودها وإنشائها للحادثة الإشعاعية التي وقعت في المفاعل رقم 4 من محطة "تشيرنوبل" للطاقة النووية.
رغم مرور أكثر من 33 عاماً على كارثة "تشيرنوبل" تظل مدينة سلافوتيتش الأوكرانية شاهداً يذكّر الجميع بأسوأ كارثة نووية على الإطلاق، إذ بُنيت خصيصاً للعاملين الذين تم إجلاؤهم في محطة "تشيرنوبيل" للطاقة النووية.
وبعد الكارثة التي وقعت في أبريل/نيسان 1986 أصبح حوالي 45 ألف شخص بلا مأوى، لينشئ الاتحاد السوفيتي مدينة جديدة لكثير منهم، تحمل اسم سلافوتيتش.
وتدين المدينة بوجودها وإنشائها للحادثة الإشعاعية التي وقعت في المفاعل رقم 4 من محطة "تشيرنوبل" للطاقة النووية، والتي تعدّ واحدة من آخر الإنجازات الكبرى للهندسة الاجتماعية والفيزيائية التي أنجزها الاتحاد السوفيتي، حسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وفي أعقاب انفجار المفاعل النووي، أُجليَ 45 ألف شخص، من مسقط رأسهم، بريبيات، التي كانت في وقت ما واحة خضراء ونموذج الرخاء السوفيتي، لتصبح مدينة أشباح ملوثة بالإشعاع، غادرها آلاف السكان في أساطيل من الحافلات، بعد أن أخبروا أنهم سيعودون في غضون 3 أيام، لكن لم يعد أحد إليها، فقد انتهت بالفعل.
ولكن حتى بعد وقوع الكارثة، كان على محطة "تشيرنوبل" للطاقة أن تواصل عملها، لذا ظلت 3 مفاعلات تعمل، واعتمدت عليها أوكرانيا بشدة لسنوات، ما تطلّب إنشاء منازل جديدة للعاملين في محطة توليد الكهرباء، ومن هنا ولدت سلافوتيتش.
وقالت كريستينا بلشنكو، التي تعمل في متحف مخصص للتاريخ المحلي ومحطة "تشيرنوبيل" للطاقة النووية: "كان هناك 3 معايير رئيسية لإنشاء المدينة، منها ألا تبعد مسافة تزيد على 50 كيلومتراً عن محطة تشيرنوبيل، ومسارات السكك الحديدية الحالية والأراضي غير الملوثة بيئياً".
وأضافت: "كانت البقعة المختارة محطة سكة حديد في وسط غابة صنوبر كثيفة، بدأ العمل بها بمجرد اتخاذ القرار، في خريف عام 1986، لبناء المدينة الجديدة، وبعد تعبئة لا تصدق لموارد البناء السوفيتية، وصل أول المستوطنين في أكتوبر/تشرين الأول 1988".
وكانت سلافوتيتش بمثابة اعتذار معماري من المسؤولين السوفييت إلى السكان النازحين من بيوتهم نتيجة كارثة "تشيرنوبل"، وتم تقسيم المدينة إلى أحياء سميت باسم عواصم الجمهوريات التي أنشأتها، واستعيرت معظم تصاميم المباني من مدن سوفيتية.
ومُنح سكان المدينة الجدد فرصة لاختيار الحي الذي كانوا يرغبون في الاستقرار به، وبعد فترة بسيطة من فتح أبوابها نهاية عام 1988، تحولت من مجموعة مباني خرسانية فارغة إلى مدينة حية في واحدة من أعلى مستويات المعيشة بالاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت.
وعلى الرغم من كل ذلك، لم تكن المدينة الجديدة مناسبةً للجميع في بداية الأمر، إذ قالت تاتيانا كوزنتسوفا: "خلال السنة الأولى من العيش هنا كرهت سلافوتيتش وأردت المغادرة منها بأسرع ما يمكن".
ولدت كوزنتسوفا في بريبيات وغادرت المدينة وهي في الـ11 من عمرها، يوم 27 أبريل/نيسان 1986 خلال عملية الإجلاء الجماعي إثر الانفجار، لتستقر عائلتها بدايةً في تشيسيناو بمولدوفا، وهي واحدة من مدن سوفيتية عدة، ولكن أعيد والدها إلى العمل في "تشيرنوبل" مرة أخرى، فانتقلت الأسرة سنة 1990 إلى سلافوتيتش المبنية حديثاً.
وذكرت تيتيانا بويكو، رئيسة قسم المعلومات في مجلس المدينة: "إن سلافوتيتش ناضلت في البداية من أجل الوقوف على قدميها، لكنها تسعى جاهدة الآن لتصبح مركزاً منفتحاً للابتكار والإبداع الفني، حيث تستضيف العديد من الفعاليات الفنية السنوية، من بينها مهرجان دولي للسينما والتعمير يحمل اسم 86".