"مقهى أم كلثوم".. رحلة ساحرة إلى زمن "كوكب الشرق" وقمم الفن
السيدة أم كلثوم مرت من المكان سنة 1948، خلال طريق العودة من إحدى "البروفات" بدار الأوبرا، وقررت أن تشرب فيه فنجان قهوة.
لم تكن "سيدة الغناء العربي" أم كلثوم مجرد مطربة، بل كانت "دولة" تمنح جنسيتها للعاشقين من جميع أنحاء العالم، ولا غرابة أن تكررت وتكاثرت صور وأشكال الاحتفال بها في كل مكان.
وربما يوجد بكل عاصمة عربية مقهى يحمل اسمها، ومع كثرة تلك المقاهي يبقى لواحد منها في القاهرة، يقع بقلب منطقة التوفيقية وسط المدينة، امتيازاً لا يُضاهَى، فهو الأول الذي خصص ركناً لـ"الست" واستأذنها في حياتها بإطلاق اسمها عليه.
يقع المقهى خلف شارع "محمد الألفي" في القاهرة، ومن هناك يمكن أن تستمع إلى صوتها وسط الضجيج وهي تغني "أنا في انتظارك" كأنها تنادي العابرين كي يلتقطوا أنفاسهم في حضرتها.
وعندما تنظر إلى وجه الجالسين والحاضرين في المكان، تجدهم بحالة راحة تامة، يسمعون صوتها الآسر وتنتابهم المتعة و"السلطنة".
وقال سمير عوض صاحب المقهى لـ"العين الإخبارية": "المكان كما ترون مُكون من 4 طوابق، وكان يتألف سابقاً من دورين فقط، في الأول يجلس كبار السن عادة، بينما يجلس الشباب في الطابق الثاني ذي الإضاءة الخافتة".
وأضاف: "الطابق الثالث مُصمم على الطراز العربي القديم، وأكثر رواده من الأجانب والعرب"، موضحاً أن الطابق الأخير يمثل سطح المقهى، وهو مخصص لمن يريد المكوث في الهواء الطلق، ولا يخلو أي من الطوابق الأربعة من صورة السيدة أم كلثوم.
وأكد سمير أن تاريخ المقهى يعود إلى عام 1936، عندما أنشأه الحاج عبدالعزيز وأطلق عليه اسم "مقهى توفيق"، نسبة إلى شارع "الخديوي توفيق"، مشيراً إلى أن السيدة أم كلثوم مرت من هناك سنة 1948، في طريق العودة من إحدى "البروفات" بدار الأوبرا، وقررت أن تشرب فنجان قهوة.
وتابع قائلاً: "لم يصدق الحاج عبدالعزيز بأن أم كلثوم تجلس على مقهاه، فطلب منها أن يسمي المكان باسمها ووافقت"، ذاكراً أنها لم تكن الزيارة الأخيرة؛ حيث بقيت "كوكب الشرق" تمر على المقهى عندما تتوجه إلى مكتب الموسيقار محمد عبدالوهاب في العمارة 55 بالشارع.
وبالنظر إلى موقع المقهى المميز وقربه من شركات الإنتاج السينمائي، كان يرتاده الفنانون أمثال الفنان توفيق الدقن والمخرج هشام أبوالنصر.
وأردف سمير أن السبب الحقيقي وراء ارتباط الزبائن بالمقهى، هو عشقهم الأول والأخير لأم كلثوم وصوتها الذي لن يتكرر بسهولة.
وعن سبب إضافة اسم المطربة أمال ماهر ليصبح "مقهى أم كلثوم وخليفتها أمال ماهر"، قال محمد زكي أحد مديري المكان، إن ابن صاحب المشروع أراد مواكبة العصر وتطوير الموقع، إذ تكهن كثيرون للفنانة الشابة بأن تكون خليفة "كوكب الشرق" مستقبلاً، وأن تصبح "أم كلثوم الثانية".
وأفاد: "من هنا كان الاهتمام بصور واسم أمال ماهر، ولكن تكرار أم كلثوم لم يحدث، ورواد المقهى مستاؤون من التغيير، ويطالبون بأن يبقي اسم أم كلثوم فقط بلا منازع".
وعندما نتأمل جدران المقهى المختلفة نجدها أشبه بالمتحف الذي يحوي عدة من الذكريات للسيدة أم كلثوم وعباقرة ذاك الزمان، حيث نلمح لها صورة مع الأديب توفيق الحكيم، وأخرى للمطربة الكبيرة فيروز وهي تقبّل يدها، وثالثة مع "العندليب" عبدالحليم حافظ، وصورة برفقة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وأخرى صحبة "موسيقار الأجيال" محمد عبدالوهاب.
كما توجد لها صورة منسوخة من تلك الشهيرة التي تغني فيها رائعتها "إنت عمري" والموصوفة بـ"لقاء السحاب"، لأنها جمعت أول مرة بين صوت سيدة الغناء العربي وألحان عبدالوهاب.
ويضم المقهى أيضاً صورةً مرسومةً للموسيقار المبدع بليغ حمدي، وهو يدندن بعوده، إضافة إلى صورة لوالد أم كلثوم.
ومنذ الوهلة الأولى عند دخولك إلى المكان، تحس بأنك ترحل نحو زمن القمم الفنية وتقف أمام هؤلاء المبدعين الخالدين.
وذكر أحد العملة ويُدعى أحمد، أن كثيراً من رواد المقهى لا يطلبون مشروبات بقدر ما يطلبون أغاني محددة لـ"الست"، مؤكداً أن رواد الموقع مشهورون ويعرفون بعضهم البعض.
aXA6IDMuMTM3LjE1OS4xNyA= جزيرة ام اند امز