الجمعية العامة للأمم المتحدة.. هنا فقط «يلتقي» زعماء العالم
تتنافر مواقف قادة العالم وتتصادم، وقد يحصل اتفاق في بعض الأحيان، لكن المؤكد هو أنه في هذا المكان فقط «يلتقون» في نقطة تقاطع إجبارية.
واعتبارا من بعد غد الأحد، يصل أكثر من 130 رئيس دولة وحكومة إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، في خضمّ لحظة متفجّرة تعكس واقعا دوليا متأزما تطوقه الحروب والصراعات.
أما وجهتهم فهي ضفاف النهر الشرقي لمدينة نيويورك، هناك حيث ينتصب مبنى ضخم يشكل مقر الأمم المتحدة، وفيه يتصادم بعض هؤلاء الوافدين، وقد يتفقون، لكن في ركن ما، يلتقون.
وفي القاعة الرئيسية لذلك المبنى، يلتقي سنويا قادة دول ووفود رسمية رفيعة، يضبطون بوصلتهم على موعد ثابت تجتره السنوات حتى بات شبيها بكرة لهب تراكم أزمات المعمورة.
وفي تلك القاعة الفسيحة، يتقاطع جميعهم بشكل إجباري، لأن فيها فقط يحصلون على دليل أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنها يبحرون في رحلتهم السنوية.
حرب وسلام
قاعة فسيحة ستعتقد وأنت تدخل إليها بأنك تتأهب لسبر أغوار تاريخ طويل لمكان تحول عبر الزمن لما يشبه اللوحة الضخمة التي تختزل محطات العالم بما فيها من إنجازات ونكبات.
تتسع لنحو 2000 شخص، وفي مدخلها، تتراءى لوحتان على الجدارين الشرقي والغربي لردهة المندوبين في الطابق الأرضي من مبنى الجمعية العامة.
وتم وضع اللوحتين خارج قاعة الجمعية العامة بحيث يواجه المندوبون الحرب في طريقهم إلى المبنى، والسلام في أثناء مغادرتهم.
ويمثل الجدار الشرقي عند دخولك الحرب، وقد تم رسم هذه الجدارية باللون الأزرق الداكن، وفي منتصفها نساء بوجوه مغطاة يتوسلن لإنهاء العذاب، وشخصيات يحملن أطفالهن القتلى في أحضانهن.
أما في الجدار الغربي، فتنتصب جدارية السلام، لتخلق ثنائية متناقضة في ظاهرها مع نظيره الشرقي، لكنها تعكس واقع الحال حول العالم، وتسلط الضوء على أهمية السلام لإنقاذ البشرية من الحروب.
وأنت داخل القاعة ستشعر وكأنك تتجول بشكل يرسم خطوطا ومنعطفات على شكل "U"، ومهما تجولت في باقي قاعات المبنى الضخم، فلن تصادف قاعة أكبر منها مساحة.
وبخصوص افتتاحها، فقد جرى في 25 سبتمبر/أيلول 1937 خلال انعقاد الجمعية الثامنة عشرة لعصبة الأمم (الأمم المتحدة لاحقا).
ويرجح أنها أول غرفة اجتماعات في العالم مجهزة للترجمة الفورية، قبل تجديدها لتظهر بشكلها الحالي عام 1996، قبل أن يصبح هذا الإجراء دوريا وبانتظام لاستيعاب الوفود الجديدة وتحسين المعدات الصوتية والتقنية.
وتشمل الأحداث المنتظمة في قاعة الجمعية الاجتماعات السنوية لمنظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية، لكنها استضافت أيضا اجتماعات عرضية للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تجتمع عادة بالمقر الرسمي في نيويورك.
صوت الرصاص
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قبل أيام: "من الشرق الأوسط إلى السودان وأوكرانيا وخارجها، نرى الرصاص والقنابل تشوّه وتقتل والجثث تتراكم والسكّان مصابون بصدمات نفسية ومباني مدمّرة".
وبينما أعرب غوتيريش عن قلقه من تصعيد إقليمي للحرب في غزة أو من خطر نووي مرتبط بالحرب الروسية الأوكرانية، أكد أن العالم قادر على "تجنّب التوجّه نحو حرب عالمية ثالثة" رغم انقساماته.
وفي السياق، قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، إنّ هذه اللحظة الرئيسية للدبلوماسية الدولية "لا يمكن أن تحدث في وقت أكثر أهمية"، مشيرة إلى قائمة طويلة من النزاعات والعنف والأزمات الإنسانية، في غزة وأوكرانيا والسودان وهايتي ونيانمار.
وأشارت إلى أنّه "في مواجهة هذه التحديات، من السهل الوقوع في التشاؤم والتخلي عن الأمل ونبذ الديمقراطية، لكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك".
"فرق على الأرض"
وقال ريتشارد غووان من مجموعة الأزمات الدولية "من الواضح أنّ غزة ستكون من أبرز الصراعات التي سيتم التطرّق إليها في خطابات القادة" في ظل حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
وأضاف "لكنني لا أعتقد أنّ هذا سيُحدث فرقا حقيقيا على الأرض".
وبلغت المخاوف من اتساع رقعة الحرب إلى لبنان، ذروتها هذا الأسبوع عقب تفجيرات منسوبة إلى إسرائيل استهدفت أنظمة اتصال تابعة لحزب الله حليف حماس.
ورغم غياب الرئيسين الروسي والصيني عن هذه المناسبة الدبلوماسية، كما حصل في السنوات الأخيرة، فإن قائمة القادة السياسيين المعلنة في نيويورك طويلة.
aXA6IDMuMTM1LjIwNi4yNSA= جزيرة ام اند امز