تحركات أممية لإخراج المرتزقة من ليبيا.. عقبات وآمال
"زيارة ناجحة".. كلمتان اكتفى بهما المبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي في ختام زيارة لدول جوار جنوب ليبيا، لكنهما يخفيان التفاصيل.
وزار باتيلي قبل أيام السودان وتشاد والنيجر، حيث ناقش مع كبار المسؤولين في هذه الدول سبل إرساء السلام والاستقرار في ليبيا، بما في ذلك سحب المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، ورفع كفاءة التنسيق بين البلدان المعنية في هذا الملف.
- باشاغا والدبيبة.. مشروعان للتنمية في ليبيا يلاحقهما سؤال النوايا
- المربع صفر أم بر الأمان؟.. جولة حوار جديدة في ليبيا
وفور عودته لطرابلس الليبية أصدر باتيلي بيانا وصف فيه زيارته لدول الجوار بـ"الناجحة"، وصف حاولت "العين الإخبارية" تفكيك مغزاه، وتبيان الفرص والعقبات التي تعتريه.
الخبير الأمني الليبي ناجي القداري قال إن "ما يجريه باتيلي من تحركات هو إجراءات فعلية في ملف سحب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا"، مضيفا أنها خطوات لم يقدم عليها أي من ممثلي الأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا من قبل".
وأضاف القداري، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "ما يفعله باتيلي هو عين الصواب، حيث لم يحمل الليبيين وحدهم مسؤولية هذا الملف، بل هو يشرك دول المنبع التي ينتمي إليها أولئك المرتزقة في حل القضية".
ليس ذلك فحسب، إذ "يؤكد باتيلي في كل مناسبة أو اجتماع دولي أو إقليمي أن وجود المرتزقة في ليبيا يمثل خطرا على كامل المنطقة وأمنها، وهو ما يجعل المساعدة الدولية في إخراجهم ناجعة"، وفق القداري.
دور مصري مباشر
وأكد القداري أن "تحركات باتيلي في هذا الملف مدعومة من السلطات المصرية بشكل مباشر كون القاهرة يهمها جدا سحب المقاتلين الأجانب من ليبيا، فهي دولة جارة والاستقرار في ليبيا يمثل مسألة أمن قومي لها".
وأضاف "لذلك.. يجري باتيلي جميع اجتماعات حل ملف المرتزقة في القاهرة التي تضغط في الاتجاه الصحيح لحل الملف".
وتوقع الخبير الأمني الليبي أن تفضي تلك الجهود "إلى حل للملف في أقرب وقت ممكن، فلم يعد هناك مجال للمماطلة"، حسب قوله.
عقبات على الطريق
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات الليبية نور الدين المهدي لديه رأي مخالف لما ذهب إليه مواطنه القداري في ملف سحب المرتزقة من ليبيا.
إذ يقول المهدي في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "تحركات باتيلي الأخيرة في هذا الملف أمر جيد لكنه سيواجه عقبات جمة".
وأوضح أن "أول تلك العقبات هو عدم قدرة الدول المتمثلة في السودان وتشاد والنيجر على سحب مواطنيها الناشطين كمرتزقة من ليبيا".
وأضاف: "المرتزقة الموجودون في ليبيا والحاملون لجنسيات تلك الدول جميعهم من فصائل معارضة لحكومات هذه الدول، ما يعقد استجابة المرتزقة لأي نداءات حكومية من الدول المعنية".
ومضى قائلا: "بعض أولئك المرتزقة موجودون في ليبيا قبل حتى اندلاع الثورة ضد نظام القذافي في 2011، وبالأخص في مناطق حدودية في المثلث الحدودي بين ليبيا ودول الجوار الجنوبي، ومن المستحيل أن يتم إخراجهم اليوم".
ما بعد الخروج
العائق الثاني، يوضحه الأكاديمي الليبي بأن "ملف المرتزقة يمكن النظر إليه من زاوية أخرى، وهي زاوية الدول الأفريقية الجنوبية نفسها".
ومضى موضحا: "تلك الدول ضمن استراتيجيتها غير المعلنة عدم إرجاع أولئك المرتزقة، لأن هذه العودة قد تعني زيادة الجرائم واختلال التوازن الهش في تلك الدول، ومن المتوقع أن يعملوا على إحداث انقلابات عسكرية ضد أنظمة تلك الدول".
وضرب المهدي مثالا لذلك بالقول: "تشاد مثلا لا تود عودة جماعة المعارضة كجبهة التغيير والوفاق، فهي التي هاجمت شمال تشاد وقتلت الرئيس السابق إدريس ديبي في 20 أبريل/نيسان 2021".
ورغم ذلك، تحدث أستاذ العلاقات الدولية الليبي عن شيء يجريه باتيلي، ويراه "في غاية الذكاء"، يتمثل في "عزم المبعوث الأممي معالجة جميع ما يترتب على عودة أولئك المرتزقة إلى بلدانهم الأصلية، وهو شيء قد يكون حافزا لتلك الدول على القبول بعودة المرتزقة لها".
أما عن ثاني التحديات في الملف، بحسب المهدي، "هو أن باتيلي يعمل فقط على ملف المرتزقة ويتجاهل القوات الأجنبية النظامية الموجودة في ليبيا كوحدات الجيش التركي مثلا".
وقال عن ذلك: "إن كان باتيلي يطمح لحل الملف فيجب أن يعمل في الملفين بالتوازي، أي يعمل على مباحثات مع دول الجوار لإخراج المرتزقة التابعين لها من ليبيا، وكذلك يعمل على إخراج القوات الأجنبية من ليبيا".
aXA6IDE4LjExNy43NS42IA== جزيرة ام اند امز