ذكرى توحيد القوات المسلحة.. الإمارات قوة إقليمية موثوقة

تحل، غدا الثلاثاء، الذكرى الـ49 لتوحيد القوات المسلحة الإماراتية في وقت أضحت فيه الإمارات قوة إقليمية مؤثرة إقليميا وعالميا، بفضل جيشها.
ويسجل تاريخ الإنسانية بحروف من نور لدولة الإمارات وجيشها جهودا متواصلة في مختلف أرجاء العالم لنشر السلام ودعم الاستقرار والأمن والعدل على الساحتين الإقليمية والدولية.
جهود سطر في سبيلها جنود الإمارات البواسل ملحمة تضحية وفداء في سبيل رفعة بلادهم وكرامة الأمة والدفاع عن الحق والشرعية ودعم الأمن والاستقرار والسلام في شتى بقاع المعمورة.
قرار تاريخي
وفي مثل هذا اليوم، قبل 49 عاما، وبالتحديد في السادس من مايو/أيار 1976 أقر المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد القرار التاريخي بتوحيد القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة مركزية واحدة، تسمى القيادة العامة للقوات المسلحة.
قرار شكل نقطة الانطلاق نحو بناء جيش وطني متطور وعصري، يصنف حاليا من بين الأقوى في المنطقة والعالم، يمتلك أسباب القوة والمنعة، التي تعززت على مدار 49 عاما عبر التطوير والتحديث والتأهيل على أرفع المستويات، الذي يتواصل بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
أولوية استراتيجية
وهو ما أكد عليه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تصريحات له قبل أيام، مشددا على أن تطوير القوات المسلحة، وتحديث قدراتها القتالية، وتعزيز جاهزيتها العملياتية، يمثل أولوية استراتيجية للدفاع عن الدولة والمحافظة على أمنها واستقرارها.
جاء هذا خلال زيارته في 24 أبريل/ نيسان الماضي، قيادة لواء خليفة بن زايد الثاني المحمول جواً التابع لقيادة حرس الرئاسة.
واطّلع خلال الزيارة على عرض مفصل حول تنظيم اللواء، الذي يعد ركيزة أساسية ضمن تشكيلات القوات المسلحة، ومهامه العملياتية، والدور الحيوي الذي يضطلع به ضمن منظومة الدفاع الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، باعتباره وحدة استراتيجية عالية الجاهزية متخصصة في العمليات المحمولة جواً والانتشار السريع، ما يعزز قدرات الدولة على التعامل مع مختلف التحديات الطارئة، ويجسد توجهاتها المستقبلية في بناء قوة ردع متطورة وفعالة.
ويتكون اللواء من وحدات مدربة على أعلى مستويات الاحتراف في تنفيذ المهام الخاصة والتدخل السريع، ويُعد أحد أبرز تجليات جاهزية القوات المسلحة واستعدادها لحماية سيادة الدولة ومكتسباتها الوطنية.
الأمر ذاته، أكد عليه الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، خلال اجتماع مجلس الدفاع الأول للعام 2025، في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي.
وأكد خلال الاجتماع أهمية مواصلة العمل على الارتقاء بقدرات المنظومة الدفاعية للدولة، بما يواكب المتغيرات والتحديات الإقليمية والعالمية، مشيداً بالدعم اللامحدود من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، للقوات المسلحة وما يوليه من اهتمام ومتابعة لمختلف قطاعاتها، وحرص مستمر على امتلاك كافة وحداتها أحدث التجهيزات والتقنيات لضمان جاهزيتها واستعدادها الدائم للقيام بواجباتها نحو الوطن على الوجه الأمثل.
وشدد على أن القيادة الرشيدة لم ولن تدخر جهداً في توفير كل ما يلزم لتطوير إمكانات المؤسسة العسكرية الإماراتية وفق أفضل المعايير العالمية.
ريادة إقليمية
وتتويجا لجهود الإمارات في العمل على تطوير إمكانات المؤسسة العسكرية الإماراتية وفق أفضل المعايير العالمية، تتوالى شهادات وتقارير دولية من مؤسسات مرموقة حول العالم تتفق جميعها على أن دولة الإمارات تعد أكثر بلدان العالم في مؤشرات الأمان، وأن جيشها من أقوى جيوش المنطقة والعالم.
وحافظت دولة الإمارات على مكانتها كواحة عالمية للأمن والاستقرار، حيث احتلت المركز الثاني عالمياً في مؤشر الأمان العالمي وفقاً لتقرير موقع الإحصاءات العالمي "نومبيو" لعام 2025.
أيضا عززت الإمارات موقعها بين أقوى جيوش العالم بحسب الترتيب الصادر عن موقع "غلوبال فاير باور" يناير/كانون الثاني، لتحتل المرتبة 54 في عام 2025، وتحافظ على ترتيبها إقليميا كخامس أقوى الجيوش العربية.
تقارير وشهادات دولية تجسد جهود تطوير القوات المسلحة الإماراتية التي بدأها المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويواصلها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، الذي حققت القوات المسلحة بتوجيهاته نقلة نوعية كبيرة.
نقلة نوعية كبيرة شهدتها القوات المسلحة كماً وكيفاً في جميع أفرعها البرية والبحرية والجوية كانت نتيجة خطط ودراسات متأنية ودعم واهتمام متواصلين من القيادة وإحساساً بأهمية دور القوات المسلحة كإحدى ركائز الدولة العصرية.
وطوال العقود الماضية، واكبت القوات المسلحة الإماراتية متطلبات التطوير والتنظيم والإعداد والتدريب للعنصر البشري، حيث أسست دولة الإمارات العديد من الأكاديميات والكليات العسكرية لتلبية احتياجات القوات المسلحة من الكوادر الوطنية المدربة والمؤهلة تأهيلاً علمياً، وعسكرياً مناسباً.
صفقة تاريخية.. ونقلة نوعية
ضمن أحدث جهود تطوير القوات المسلحة الإماراتية، أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، تدشين أول طائرة "رافال" الفرنسية ضمن الدفعة الأولى، والتي تُعد من بين الأكثر تطوراً في العالم، في خطوة نوعية لتعزيز قدرات القوات المسلحة.
وأكدت الوزارة أن تلك الطائرة تأتي ضمن صفقة تاريخية لتعزيز قدرات القوات المسلحة الإماراتية، مشيرة إلى اقتناء هذا النوع من الطائرات يأتي ضمن خطة شاملة لتحديث القدرات الدفاعية للدولة، تتضمن تطوير أسطول القوات الجوية بأحدث المعدات العسكرية، بما يتماشى مع المتغيرات والتحديات الأمنية على المستويين الإقليمي والدولي.
وترتكز استراتيجية القوات المسلحة على الاقتناء المدروس لأحدث الأسلحة والمعدات التي تتماشى مع متغيرات حروب المستقبل والتطورات التقنية والنوعية، ما يعزز من الكفاءة القتالية الشاملة لمنظومة الدفاع الوطني بالدولة، ويحافظ على ريادتها من بين أكثر القوات كفاءة وجاهزية على مستوى المنطقة والعالم.
وتعد صفقة "رافال" التاريخية، التي بلغت قيمتها 16.6 مليار يورو، من أبرز الصفقات الدفاعية في تاريخ العلاقات الإماراتية-الفرنسية، وتشمل إنتاج 80 طائرة مقاتلة مجهزة بأحدث التقنيات الدفاعية.
درع الوطن
تطوير يتواصل، تؤكد به القوات المسلحة الإماراتية أنها على أتم الاستعداد لمواجهة كافة التهديدات الأمنية التي قد تفرضها تغيرات المشهد الجيوسياسي في المنطقة والعالم.
وهو ما برهنت عليه على أرض الواقع في إحباط الهجوم الحوثي الإرهابي، قبل نحو 3 سنوات، وتحديدا في 17 يناير/كانون الثاني 2022، حين تعرّضت منشآت مدنية في العاصمة الإماراتية أبوظبي لهجوم إرهابي حوثي، أسفر عن وفاة 3 مدنيين من جنسيات آسيوية.
أعقب ذلك اثنان من الهجمات الحوثية الإرهابية يومي 24 و31 من الشهر نفسه، أحبطتهما القوات المسلحة الإماراتية، واعترضت ودمرت 3 صواريخ باليستية في الهجومين، وردت بشكل فوري بتدمير منصات إطلاق تلك الصواريخ الباليستية باليمن بعد تحديد مواقعها.
وحينها، تواصلت مسيرة الحياة في الإمارات، بوتيرتها المعتادة، لتوجه رسائل قوية إلى المليشيات بأن بلد الأمن والأمان عصية على عصابات الغدر.
رسائل جسدت مقولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، إن "قواتنا المسلحة ستبقى درعاً للوطن، وحامية للتنمية، وركيزة من ركائز التقدم في دولة الإمارات".
حفظ السلام
أيضا تحل تلك الذكرى، بعد عام ودعت فيه دولة 9 من شهدائها الأبرار خلال عام 2024، صعدت أرواحهم الطاهرة إلى بارئها، خلال أدائهم واجبهم داخل الدولة وخارجها.
ونعت وزارة الدفاع الإماراتية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، شهيد الواجب رقيب/١، تعرض لإصابة حرجة خلال مشاركته بعملية عاصفة الحزم عام 2015 في اليمن، وكان تحت العناية المركزة وارتقى شهيدا.
كما أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية في 24 سبتمبر/أيلول الماضي، استشهاد 4 من منتسبي القوات المسلحة، إثر تعرضهم لحادث أثناء أداء الواجب في الدولة.
أيضا ودعت دولة الإمارات ومعها العالم الحر في العام نفسه 4 من شهدائها من منتسبي القوات المسلحة صعدت أرواحهم إلى بارئها إثر تعرضهم لعمل إرهابي في الصومال 10 فبراير/شباط، أثناء أدائهم مهام عملهم في تدريب وتأهيل القوات المسلحة الصومالية، التي تندرج ضمن الاتفاقية الثنائية بين دولة الإمارات والصومال في إطار التعاون العسكري بين البلدين.
تعد تلك العملية أحدث الأمثلة على الأدوار الإنسانية التي تقوم بها القوات المسلحة الإماراتية، إلى جانب دورها البارز في عمليات حفظ السلام الدولية، تجسيدا للدور الفاعل لسياسة الدولة الخارجية في نشر السلام وتحقيق الأمن والاستقرار وتقديم العون للمحتاجين في مناطق الصراعات.
ومنذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كرست دولة الإمارات نفسها لاعبا أساسيا وشريكا هاما في إنجاح مبادرات السلام على المستويين الإقليمي والدولي، وهو دور لا تزال دولة الإمارات ماضية فيه تحت قيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وخلال العقود الماضية، شاركت دولة الإمارات بعمليات حفظ السلام في عدة مبادرات دولية، حيث شاركت في 1976 بقوة ضمن قوات الردع العربية في لبنان في محاولة لدرء مخاطر تفجر الحرب الأهلية وحفظ السلام.
كما سطر الإماراتيون قيادة وحكومة وجيشا وشعبا أروع معاني الوفاء والدعم والحب للكويت وشعبها، حيث شاركت دولة الإمارات ضمن قوات درع الجزيرة في عملية تحرير الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي عام 1991 ضمن التحالف الدولي، وقدّمت 8 شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية، ومبادئ حسن الجوار.
وترجمة لالتزامها بمد يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات في الصومال واستقراره، أرسلت دولة الإمارات عام 1993 كتيبة من القوات المسلحة إلى هذا البلد الأفريقي، للمشاركة في "عملية إعادة الأمل" ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي.
كما ساهمت دولة الإمارات في العديد من المشروعات الإنسانية بهدف المساعدة في إعادة الإعمار في البوسنة، وأعطت الأولوية لمساعدة الطلاب وفتح المدارس وإعادة بناء المساجد.
أيضا أقامت القوات المسلحة الإماراتية عام 1999 معسكرا لإيواء آلاف اللاجئين الكوسوفيين الذين شردتهم الحروب في مخيم "كوكس" بألبانيا، إضافة إلى مشاركتها في عمليات حفظ السلام هناك.
وكانت الإمارات الدولة المسلمة الوحيدة التي قامت بإرسال قوات لتنضم إلى القوات الدولية لحفظ السلام في كوسوفو بموافقة قيادة حلف شمال الأطلسي.
وفي عام 2001، كان للقوات الإماراتية الدور الأهم في تطهير الأرض في الجنوب اللبناني من الألغام.
وبعد ذلك بعامين، شاركت دولة الإمارات ضمن قوات حفظ السلام في أفغانستان "إيساف"، وبلغ عدد أفراد قواتها المسلحة المشاركة في القوة أكثر من 1200 فرد، حيث لعبت هذه القوات دورا حيويا في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، فضلا عن قيامها بدور مواز في خطط إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن والاستقرار في البلد الآسيوي.
وإثر الأحداث التخريبية التي شهدتها البحرين ومحاولات التدخلات الخارجية في شؤونها عام 2011، شاركت دولة الإمارات بفاعلية ضمن قوات درع الجزيرة التي حافظت على أمن واستقرار ووحدة الشعب البحريني ودرأت عنه مخاطر الفتن المذهبية.
وفي عام 2014، استشهد الملازم أول طارق الشحي في حادث التفجير الإرهابي بمنطقة الدية في البحرين، حيث كان يعمل ضمن قوة "أمواج الخليج" في مملكة البحرين، المنبثقة عن اتفاقية التعاون الأمني الخليجي المشترك، مسجلا بدمائه ملحمة بطولة جديدة.
وانضمت دولة الإمارات إلى التحالف الدولي ضد "داعش" الإرهابي في عام 2014، وشاركت بفاعلية في العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا إيمانا منها بأهمية التعاون الدولي لحفظ الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب.
وفي مارس/آذار 2015، شاركت دولة الإمارات في عملية "عاصفة الحزم" التي نفذها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، حيث سطّر الجنود الإماراتيون ملاحم بطولية دفاعا عن عروبة اليمن وحماية لأمنه واستقراره.
وفي يوليو/تموز 2015، استُشهد الملازم أول عبدالعزيز سرحان صالح الكعبي (24 عاما)، ابن منطقة الفوعة في مدينة العين، كأول شهيد إماراتي في عملية "إعادة الأمل" للتحالف العربي، لدعم الحكومة الشرعية.
وتواصل القوات المسلحة الإماراتية مساهمتها في تعزيز الأمن الإقليمي والعالمي من خلال التحالفات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب والتطرف، وتحت مظلة الشرعية الدولية والإجماع الدولي.
المرأة وبناء السلام
أيضا تحل تلك المناسبة، في وقت فيه يجني العالم ثمار المبادرات الرائدة وقواته المسلحة لنشر السلام في العالم.
ومن أبرز المبادرات الرائدة التي تقودها دولة الإمارات لنشر السلام بالتعاون مع الأمم المتحدة، ووزارة الدفاع الإماراتية، مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات” رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، لتمكين المرأة في السلام والأمن.
وتعد الإمارات الدولة الأولى على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تمتلك برنامجا وطنيا لدعم تنفيذ الالتزامات العالمية بشأن المرأة والسلام والأمن مع إطلاقها في 2019 "مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن"، وذلك تنفيذا للقرار 1325 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تأكيداً على أهمية الدور الذي تلعبه المرأة في قطاعي السلام والأمن.
ويهدف البرنامج التدريبي الرائد إلى بناء وتطوير قدرات المرأة في مجال العمل العسكري وقطاعي الأمن والسلام حول العالم.
ويستند البرنامج إلى مذكرة تفاهم تم توقيعها عام 2018 بين كل من وزارة الدفاع والاتحاد النسائي العام وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، الأمر الذي يؤكد ثقة المؤسسات الدولية بقدرة دولة الإمارات على بناء وتطوير قدرات المرأة ليس على المستوى المحلي فقط بل إقليمياً وعالمياً.
وشهد أغسطس/آب الماضي تخريج دفعة جديدة من "مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن"، الأمر الذي يؤكد أهمية دور دولة الإمارات في دعم أجندة المرأة والسلام والأمن العالمية.