في السياسة الدولية يعد الموقف الإماراتي من أقوى المواقف السياسية العربية والإسلامية
موقف دولة الإمارات العربية المتحدة من القضية الفلسطينية لا يمكن أن يزايد عليه أحد، لأنها واحدة من ثوابت السياسة الخارجية الإماراتية منذ تأسيسها.
وفي حين أن البعض يحاول أن يستغل هذه القضية لأهداف سياسية ويكون اهتمامه "وقتياً" محدوداً بتحقيق أهدافه، سواء في الانتخابات الرئاسية أو في التنافس على دور إقليمي، فإن موقف دولة الإمارات استراتيجي وثابت ومستمر.
آخر تلك المواقف الإماراتية الكلمة التي ألقتها مندوبة دولة الإمارات في الأمم المتحدة لانا نسيبة في مجلس الأمن الدولي، نيابة عن الدول العربية، حيث اعتبرت الإمارات الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عشر سنوات عقاباً جماعياً غير مشروع على المدنيين، مطالبة المجتمع الدولي بالقيام بمسؤولياته، والتحرك لوقف تلك المجزرة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف العنف الإسرائيلي الذي أدى، مؤخراً، إلى وفاة عدد من المدنيين.
للقضية الفلسطينية وضع خاص في السياسة الخارجية الإماراتية، ولا يخلو خطاب سياسي لدولة الإمارات في أي محفل دولي أو إقليمي من اعتبار هذه القضية أساس عدم الاستقرار، وأنها قضية مستغلة من بعض مثيري الفوضى في المنطقة من التنظيمات الإرهابية ومن الدول التي اعتادت على "التربح" منها مثل إيران وقطر.
لمن لا يعرف من مثيري الفتن من الأنظمة السياسية والتنظيمات الإرهابية شيئاً عن تاريخ الدعم الإماراتي السياسي والإنساني، فقد نسجت علاقة خاصة بين مؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشعب الفلسطيني، وبالتالي ليس بتلك السهولة أن ينجح مَن يسعى إلى الإساءة لمواقفها العربية في تحقيق أهدافه، حيث كان الشيخ زايد يهتم بالقضية، ليس لأسباب سياسية أو كونها القضية المركزية العربية فقط، ولكن باعتبار الفلسطينيين، وفق فلسفته الإنسانية، لا يقلون عن الإنسان الإماراتي، على الأقل لحين عودتهم إلى دولتهم فلسطين، لذا كان سموه صارماً وحازماً فيما يخص أية تجاوزات على حقوقهم من السياسيين العرب والعالم.
لهذا كله، فإن محاولات بعض الدول، وعلى رأسها إيران والنظام القطري ومعهم حلفاؤهم من الإخوان المسلمين، استغلال الأحداث الدامية لتشوية الموقف الإماراتي هي من باب التوظيف السياسي لأهداف بعيدة كل البعد من الدفاع عن القضية الفلسطينية أو شعبها.
ولو افترضنا أن هناك دعماً مالياً تقدمه قطر أو إيران إلى "حركة حماس" فإن هذه الحركة نفسها لم تقدم للقضية ما يستحق بقدر أنها أسهمت من خلال تلك الأموال القادمة إليها في تقسيم الموقف السياسي الفلسطيني في مواجهة استحقاقاته الوطنية.
خلاصة الكلام، أنه في الأوضاع السياسية المستجدة في المنطقة تحولت القضية الفلسطينية خاصة بعد قرار الرئيس ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل، انتقلت القضية إلى تجارة رائجة وفق أسس مصلحية، بعضها له علاقة بالانتخابات مثل تركيا التي تجري انتخاباتها الشهر المقبل، وبعضها لتخفيف الضغط السياسي الدولي والإقليمي، سواء للتنظيمات الإرهابية في المنطقة أو النظام الإيراني. لذا، كانت حملة لتشويه الموقف الخليجي والعربي الصلب ممثلة في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات من هذه القضية.
لكن حقيقة أن دولة الإمارات لم تضجر يوماً أو تتأخر من دورها الاستراتيجي في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني من أجل الحصول على دولته وعاصمتها القدس الشرقية، ولم تقايض الإمارات أي قوى سياسية فلسطينية -كما يفعل المتاجرون بالقضية- بل هي دائماً ما تؤكد التزامها بما تعلنه من سياسات وخطط تستهدف تخفيف المعاناة عن هذا الشعب الواقع تحت الاحتلال منذ ما يقرب من سبعة عقود، ولهذا لا يستطيع أي سياسي أو باحث أن يتجاهل ما قدمته دولة الإمارات من دعم ومساندة بمختلف الأوجه السياسية والإنسانية منذ تأسيس دولة الإمارات إلى يومنا هذا، إلا إذا كان صاحب أجندة أيديولوجية.
في السياسة الدولية يعد الموقف الإماراتي من أقوى المواقف السياسية العربية والإسلامية (الواقعية وليست بالظاهرة الصوتية) في دعم الشعب الفلسطيني في محاولة استرجاع حقوقه، وهذا ما يدركه الفلسطينيون أنفسهم قبل غيرهم، فمواقفها تتم في المحافل الدولية وتنطوي على رسائل واضحة بأن عدم الاهتمام الدولي بحقوق الشعب الفلسطيني هو أحد أسباب الفوضى التطرف والإرهاب في المنطقة، ووفق ذلك فإن أية محاولة من أي طرف له مصالحه السياسية في تخريب علاقة الإمارات بشعب فلسطين سيكون مصيره الفشل، فالفلسطينيون جربوا التعامل مع السياسة الإماراتية وغيرها من السياسات، وبالتالي يدركون الفرق.
للقضية الفلسطينية وضع خاص في السياسة الخارجية الإماراتية، ولا يخلو خطاب سياسي لدولة الإمارات في أي محفل دولي أو إقليمي من اعتبار هذه القضية أساس عدم الاستقرار، وأنها قضية مستغلة من بعض مثيري الفوضى في المنطقة من التنظيمات الإرهابية ومن الدول التي اعتادت على "التربح" منها مثل إيران وقطر، في محاولة تفكيك "مآزقها السياسية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة