75 عاما على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. اتهامات تحت ظلال حرب غزة
من رحم الحرب العالمية الثانية، وتحديدا في الـ10 ديسمبر/كانون الأول 1948، اعتمدت الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس، بطموح نحو عالم أفضل يعلي قيم الحرية والمساواة والعدالة.
لكن بعد 75 عاما لا تزال بعض دول العالم تواجه ما يوصف بـ«انتهاكات»، وتواجه أخرى انتقادات بعدم الالتزام بقيمه، وآخرها ما قاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن "غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة" هي المكان الذي ينتهك فيه اليوم بشكل صارخ "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
- إنذارات الإخلاء.. هل تعفي إسرائيل من اتهامات انتهاك القانون الدولي؟
- قرقاش: «فيتو» مجلس الأمن أضاع فرصة وقف نزيف الخسائر البشرية بغزة
جاء ذلك خلال كلمة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وفي أعقاب وصول القتلى الفلسطينيين في حرب غزة، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 17700 بينهم آلاف الأطفال والنساء وإصابة 48780 شخصا.
كما جاء في أعقاب استخدام الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي لحق النقض (الفيتو) ضدّ مشروع قرار إماراتي في مجلس الأمن يدعو إلى "وقف إطلاق نار" في قطاع غزة.
"فيتو" اعتبره الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، بأنه "أضاع فرصة وقف نزيف الخسائر البشرية"، مشددا على أن "العالم اليوم أحوج ما يكون إلى توحيد معاييره الأخلاقية والانحياز للإنسانية".
وفي سياق متصل، عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن تمنياته بأن يحمل اليوم العالمي لحقوق الإنسان الخير للبشرية كافة، خصوصا المظلومين والمضطهدين.
وأضاف أنه جرى التصديق على نص اليوم العالمي لحقوق الإنسان قبل 75 عاما وسط آمال كبيرة، لافتا إلى أنه رغم مرور ثلاثة أرباع قرن فإن هذا النص لا يزال يحتفظ بأهميته بوصفه وثيقة من حيث مكتسبات الإنسانية.
وأكد أن هذه الوثيقة ما زالت تواصل تذكير المجتمع الدولي بمسؤولياته منذ إعلانه قبل 75 عاما على أسس المثل العليا المتمثلة في عالم أكثر عدالة وحرية.
وشدد على أنه على الرغم من عدم تمكن الإعلان من إنهاء انتهاكات حقوق الإنسان حتى اليوم، فإنه يعد إحدى الركائز الأساسية لنضال الإنسانية من أجل حياة كريمة.
وأردف أن الكثير من مناطق العالم تشهد في اليوم العالمي لحقوق الإنسان انتهاكات حقوق الإنسان.
وأكمل أن معاداة الإسلام والأجانب في المجتمعات الغربية تأتي في مقدمة التهديدات التي تواجه حقوق الإنسان.
هجوم على إسرائيل
وشدد على أن "الحكومة الإسرائيلية التي تحظى بدعم غير محدود من الدول الغربية ترتكب فظائع وحشية ومجازر في غزة، من شأنها أن تجعل البشرية جمعاء تشعر بالخجل".
وجدد الحديث عن إمكانية "تأسيس عالم أكثر عدلا"، مستدركا "لكن ليس مع الولايات المتحدة، لأنها تقف إلى جانب إسرائيل".
وأعرب عن أسفه جراء إخفاق مجلس الأمن الدولي في تمرير مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض، متسائلا "هل يمكن أن تكون هناك عدالة كهذه؟".
وأكد أنه "من الآن فصاعدا لا يمكن أن تقول الإنسانية إن الولايات المتحدة دولة تؤيد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
وأردف أنه لا يمكن للإنسانية أن تحرز أي تقدم مع منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بشكلهما الحالي.
ما هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟
يعد الإعلان أحد الإنجازات الرئيسية الأولى للأمم المتحدة، وهو الذي أسبغ للمرة الأولى طابعا كونيا على قيم الحرية والمساواة والعدالة.
واعتمدته الأمم المتحدة في 10 ديسمبر/كانون الأول 1948، في باريس، وهو نص يعكس طموحا إنسانيا عالميا ظهر بعد وقت قصير من انتصار الحلفاء على النازيين، حيث وقف المجتمعون في قصر شايو وصفقوا طويلا ترحيبا بالنص.
ويؤكد الإعلان، بدون قوة ملزمة، أسبقية حقوق الأفراد وحرياتهم على حقوق الدول، من خلال تكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المستوى نفسه للحريات المدنية والسياسية.
ونصّ على أن حقوق الإنسان يجب ألا تظل قضية داخلية، كما ارتأى أدولف هتلر رفضا للتدخل الأجنبي، بل يجب أن تصبح قضية "كونية".
النص جاء بعد أشهر من التحضير عبر لجنة ضمت شخصيات من بلدان مختلفة تكونت عام 1947، برئاسة إليانور روزفلت، أرملة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت المتوفى عام 1945.
وقاد الكندي جون بيترز همفري والفرنسي رينيه كاسين النقاشات، ثم أجرت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تعديلات وقدمت اقتراحات على الميثاق المقترح.
وأثرت نساء عديدات في صوغه، فقد أعادت هانزا ميهتا، الناشطة دفاعا عن حقوق المرأة في الهند وخارجها، صوغ المادة الأولى من "يولد جميع الرجال أحرارا ومتساوين" لتصبح "يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين".
وفي وقت كان العالم منقسماً بين الكتلتين الشرقية والغربية، شكل إيجاد أرضية مشتركة مهمة هائلة، فقد دان الشيوعيون الإفراط في التركيز على الحقوق الفردية والسياسية على حساب الحقوق الاجتماعية.
من جانبها، قاومت الديمقراطيات الغربية فكرة ترجمة الإعلان إلى نصّ قانوني ملزم، خشية أن تستخدمه ضدها الدول المستعمَرة، وقد استند عدد من الشعوب المستعمرة إلى الإعلان للمطالبة بالاستقلال.
ورغم الخلفيات التي حكمت صوغ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلا أنه ألهم جميع المعاهدات الدولية التي أبرمت بعد الحرب، ويُعترف عموما بأنه أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وصدرت العديد من الاتفاقات الدولية في أعقابه بدأت في عام 1979 ضد التمييز ضد المرأة، وعام 1984 ضد التعذيب، وعام 1990 بشأن حقوق الطفل، وإنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1998 هو نتيجة مباشرة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ألهم أيضا "حق التدخل" والمساعدة الإنسانية.
وعلى الرغم من أنه أتاح إحراز تقدم نحو "المثال الأعلى المشترك"، فإنه لم يمنع بأية حال من الأحوال انتهاك الحقوق الأساسية المعترف بها.
aXA6IDMuMTM1LjE4NC4xMzYg جزيرة ام اند امز