الكون أكثر نشاطا مما نعتقد.. موجات الجاذبية تكشف عن حركة غير مرئية
موجات الجاذبية، هي تموجات في الزمكان (الفضاء والوقت) التي تحدث بالتزامن مع حدث كوني ضخم، مثل اندماج ثقبين أسودين ضخمين، وعندما يحدث هذا الحدث، يشوه الزمكان وينتج موجات تنتقل عبر الفضاء بسرعة الضوء.
وفي دراسة حديثة، قام فريق من العلماء بقيادة جامعة التكنولوجيا بسوينبرن بإستراليا، بإنشاء خرائط مفصلة لموجات الجاذبية عبر الكون، وهذه الخرائط تساعد العلماء في فهم كيفية تأثير الثقوب السوداء الكبيرة على الكون وتكشف لنا أسرارا جديدة حول الفضاء، فماذا وجد العلماء في هذه الدراسة؟
واكتشف العلماء خلال دراستهم، إشارات قوية لموجات جاذبية ناتجة عن اندماج ثقوب سوداء ضخمة جدا، وهذه الإشارات كانت أقوى وأسرع من أي إشارة تم اكتشافها في تجارب سابقة، وهذا يشير إلى أن الكون أكثر نشاطًا مما كنا نعتقد.
ولفهم هذا الاكتشاف، تخيل إذا كنت في غرفة مظلمة وأصغيت لصوت يدق الباب، فإن الصوت سيكون خافتا وغير واضح، لكن إذا كان هناك زلزال يضرب الأرض في نفس الوقت، فإن الصوت الذي ستسمعه سيكون أقوى وأكثر وضوحا، وهذه هي الفكرة وراء الموجات الجاذبية، حيث تكون الإشارات الناتجة عن الأحداث الكبيرة في الفضاء قوية جدا.
واستخدم العلماء طريقة جديدة لرسم خريطة للموجات الجاذبية، باستخدام "مصفوفة توقيت النجوم النابضة، وهو جهاز يسمح بقياس تذبذب النجوم النابضة بدقة عالية، وهذه الخريطة أظهرت نقطة ساخنة غير متوقعة في إشارة الموجات الجاذبية.
ولفهم هذه النقطة الساخنة، تخيل أنك تستخدم رادارا لقياس حركة السيارات على طريق سريع، وعندما ترصد السيارات على الخريطة، تلاحظ فجأة أن هناك مجموعة سيارات تتجمع في نقطة معينة، هذا يشير إلى شيء غير عادي يحدث هناك، وبنفس الطريقة، فإن موجات الجاذبية أظهرت "نقطة ساخنة" قد تكون ناتجة عن وجود ثقوب سوداء ضخمة.
ماذا يعني هذا الاكتشاف؟
وهذا الاكتشاف هو خطوة كبيرة نحو فهمنا للكون، حيث تمنحنا موجات الجاذبية طريقة جديدة لقياس أحداث كونية ضخمة قد تكون بعيدة جدا عن الأرض، مما يفتح الباب لفهم كيفية تكوين الثقوب السوداء الضخمة، وكيفية تأثيرها على الكون بشكل عام.