وقف المساعدات الأمريكية.. أزمة اقتصادية جديدة على غزة
إيقاف المساعدات للضفة الغربية وغزة دخلت حيز التنفيذ، ابتداء من الجمعة الماضية.
"حزينًا خالي الوفاض"، عاد المواطن الفلسطيني مسعود أبوحميد لمنزله دون حصته الشهرية من كوبون برنامج الغذاء العالمي، بعدما طاله الوقف في ضوء التقليصات الأخيرة الناجمة عن توقف المساعدات الأمريكية.
وقال أبو حميد لـ"العين الإخبارية": كنا نتوقع زيادة القسيمة الشرائية، ولكن فوجئت بتوقفها لي بينما تقلصت إلى شيء رمزي للبعض الآخر، بما لا يزيد عن 30 شيكلا للفرد الواحد (الدولار 3.62 شواكل).
ودخلت التخفيضات التي أعلنها برنامج الأغذية العالمي (WFP) على المساعدات التي يقدمها للفقراء المواطنين من غير اللاجئين في قطاع غزة حيز التنفيذ، أمس، مع أول حصة مساعدات يحصل عليها الفقراء في عام 2019.
جاء ذلك بالتزامن تقريبا مع دخول قرار السلطات الأمريكية إيقاف المساعدات للضفة الغربية وغزة حيز التنفيذ، اعتبارا من الجمعة الماضية.
ووصف داود الديك وكيل وزارة التنمية الاجتماعية قرار تقليصات برنامج الأغذية بأنه "مُسيّس" وهدفه الابتزاز السياسي، خصوصاً بعد وقف الولايات المتحدة الأمريكية تمويل المؤسسات الدولية التي تقدم خدماتها للشعب الفلسطيني، مطالباً المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمؤسسات الدولية بتحمل مسؤولياتها إزاء تلك التقليصات التي تطال برنامج الأغذية العالمي.
وأشار الديك إلى أن برنامج الأغذية العالمي يغطي 360 ألف شخص في الضفة والقطاع من غير اللاجئين، ويوفر الأمن الغذائي للأسر الفقيرة والمحرومة، مؤكدا أن التقليصات مع عدم توفر بدائل لها، ستؤثر على الأسر الفقيرة وقدرتها على تلبية احتياجاتها الغذائية العاجلة، وسيزيد من هشاشتها وخاصة الأطفال، كما ستؤثر على المستوى البعيد على رأس المال البشري، وستلحق الضرر بالاقتصاد الفلسطيني، كونها تنفذ عن طريق شبكة تضم 185 متجرًا في قطاع غزة والضفة الفلسطينية تتعاقد مع هذا البرنامج.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُخفض البرنامج مساعداته في فلسطين، فمنذ 4 سنوات يشهد البرنامج سلسلة من التقليصات تستهدف عدد المستفيدين من البرنامج وقيمة البطاقة الشرائية الإلكترونية.
انعدام الأمن الغذائي
أكد الدكتور سمير أبومدللة، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن تقليصات برنامج الغذاء العالمي لها ارتدادات سلبية خطيرة على آلاف الأسر والقطاعات التجارية والصناعية.
ووفق أبومدللة فإن مشروع المساعدات الذي يموله برنامج الأغذية العالمي يوفر احتياجات نحو 120 ألف شخص في قطاع غزة من المواد الأساسية، عبر نظام القسائم الشرائية.
ويحذر أن وقف البرنامج أو تقليصه سيزيد من نسبة انعدام الأمن الغذائي التي تصل في قطاع غزة إلى 70%، وسيزيد فقر الدم في صفوف الأطفال ولدى النساء الحوامل وسيعمق من أزمة البطالة في قطاع غزة والتي تصل نسبتها نحو 54% مقارنة بـ18%.
وأوضح أبومدللة أن 53% من سكان القطاع فقراء بينما 80% يتلقون مساعدات من مصادر مختلفة، مبيناً أن ما يقدم من واشنطن لبرنامج الأغذية نحو 57 مليون دولار هو مبلغ محدود بالنسبة للمانحين وبمقدور الأمم المتحدة تغطيته لضمان استمرار البرنامج.
انعكاسات تدريجية
انعكاسات تدريجية يمكن لمسها لتوقف المساعدات الأمريكية التي تبلغ حوالي 350 مليون دولار باستثناء المخصصات الخاصة بالأونروا، وفق الدكتور نصر عبدالكريم الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة بيرزيت.
وأشار عبدالكريم في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن الدعم الأمريكي للفلسطينيين سبق أن تعرض للتعثر وجمدته إدارة باراك أوباما عندما توجه الرئيس الفلسطيني للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012 لطلب الاعتراف بدولة فلسطين.
وينبه إلى أن الدعم الأمريكي استهدف قطاعات حيوية مهمة مثل الأمن ومشاريع البنى التحتية والطرق والمياه والنفايات والمساعدات الغذائية ودعم الشباب وقطاع الصحة في القدس المحتلة.
ويصل الدعم عبر دعم موازنة السلطة مباشرة أو توجهيه من خلال مؤسسات أمريكية، فضلا عن دعم للأونروا.
ويعتقد الخبير الاقتصادي أن وقف المساعدات الأمريكية يؤثر مباشرة وبقوة على آلاف العاملين في البرامج والمشاريع المدعومة أمريكيا وقال: "هؤلاء سينضم كثير منهم لصفوف البطالة المرتفعة جدا في الأصل".
وتصل البطالة في قطاع غزة إلى حوالي 43% بينما ترتفع في أوساط الشباب والخريجين إلى 67%، في ظل وضع اقتصادي مترد وحصار مشدد منذ 12 عاما.
وينبه عبدالكريم أن وقف المساعدات الأمريكية سيؤثر أيضا على عدد من وزارات والمؤسسات الحكومية الفلسطينية والبلديات التي كانت تتلقى دعما مهما من المساعدة الأمريكية، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني التي كانت تستفيد من المساعدات الأمريكية وهي كثيرة وتواجه مشكلة حادة جراء وقف الدعم الأمريكي لها.
وقال: "الاقتصاد الفلسطيني مأزوم وهو في حالة بطء شديد وقطع المساعدات الأمريكية يزيد الأزمة الفلسطينية".
بطالة نوعية
بدوره يرى الدكتور عبدالحكيم الطلاع، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأقصى، أن وقف المساعدات الأمريكية له تأثير كبير على السيولة النقدية في الأراضي الفلسطينية خصوصا في غزة.
وقال الطلاع لـ"العين الإخبارية": "تؤثر على قطاعات مهمة كانت تتلقى بانتظام مساعدات مالية أمريكية هي الآن في موقف حرج، خصوصا مع الآلاف من الموظفين الذين كانت المساعدات الأمريكية تسهم في دعم موازنة رواتبهم، فضلا عن مساهمتها في دعم الموازنات التشغيلية والتطويرية لتلك المؤسسات النشطة في غزة والضفة.
ويرى أن انضمام آلاف الموظفين النوعيين لصفوف البطالة سيعمق الأزمات الاقتصادية والمالية، وستظهر تلك الآثار السلبية في غضون أشهر على السوق الفلسطينية.
aXA6IDMuMTQ0LjExNS4xMjUg جزيرة ام اند امز