أزمة لبن الأطفال في أمريكا.. بايدن يعود لـ"الحرب الباردة" وأوروبا تتحرك

وسط زحام الأزمات العالمية المتتالية، تبرز في الولايات المتحدة معضلة داخلية، تسببت في كارثة كبيرة لمعظم الأسر الأمريكية، كونها تتعلق بحياة ملايين الأطفال.

الكارثة تتعلق بنقص لبن الأطفال في الولايات المتحدة، وهو منتج لا غنى عنه لملايين الأسر، ولم تجد واشنطن أمامها سوى أوروبا التي مدت بدورها يدها للحليف عبر الأطلسي.

هبطت طائرة شحن عسكرية في إنديانابوليس الأحد، حاملة أول شحنة من لبن الأطفال من أوروبا لمعالجة النقص الحاد في الولايات المتحدة.

وأدت حملة من شركة أبوت لابوراتوريز، كبرى شركات تصنيع لبن الأطفال في الولايات المتحدة، لسحب منتجاتها من الألبان في 17 فبراير/شباط وإغلاق مصنعها في ستورجيس بولاية ميشيجان إلى أحد أكبر حالات النقص في لبن الأطفال في التاريخ الحديث بالنسبة للأسر الأمريكية.

اختفاء لبن الأطفال

وتسعى إدارة الرئيس جو بايدن إلى مواجهة هذا النقص من خلال 1.5 مليون حاوية من تركيبات اللبن المتخصصة من إنتاج شركة نستله. ولجأ بايدن الأسبوع الماضي إلى قانون الإنتاج الدفاعي، الذي يعود إلى حقبة الحرب الباردة، للمساعدة في زيادة الإمدادات.

• اليمن يستغيث بالهند لتفادي "مجاعة القمح".. هل تستجيب نيودلهي؟
  

وقال البيت الأبيض إن الطائرة التي وصلت اليوم الأحد تحمل 35380 كيلوجراما من لبن الأطفال المتخصص.

وقال برايان ديس مدير المجلس الاقتصادي الوطني التابع للبيت الأبيض لشبكة فوكس نيوز اليوم الأحد "هناك ما يكفي من اللبن على تلك الطائرة، وهو نوع طبي متخصص، لنحو نصف مليون زجاجة. وهذا يعادل حوالي 15 بالمئة من حجم (الاحتياج) الوطني الإجمالي هذا الأسبوع".

أزمة خطيرة

وتكافح المتاجر في جميع أنحاء الولايات المتحدة من أجل توفير ما يكفي من لبن الأطفال، حيث يحاول المصنعون الإنتاج بكامل طاقتهم ويصنعون أكبر قدر ممكن، إلا أن هذا لا يزال غير كافٍ لتلبية الطلب الحالي.

وأوضح المدير الأول للسياسة العامة في الرابطة الوطنية WIC، المجموعة المناصرة للنساء والرضع والأطفال، بريان ديتمير، في بيان، أن أزمة نقص لبن الأطفال خطيرة على نحو خاص.

وقال ديتمير: "يؤثر النقص في إمدادات لبن الأطفال في مصدر رئيسي - حصري - لتغذية الأطفال، حيث إن التغذية غير الكافية لها آثار صحية طويلة الأجل على الأطفال".

أرقام صادمة

وتراوح معدل نفاد المخزون للبن الأطفال بين 2% و8% في النصف الأول من عام 2021، لكنه بدأ في الارتفاع بشكل حاد في يوليو/تموز الماضي.

• حوار عابر للقارات بشأن سلاسل التوريد.. هل تنفرج الأزمة؟
  

وقفز معدل نفاد المخزون إلى 31% في الفترة بين نوفمبر/تشرين الثاني 2021 وأوائل أبريل/نيسان 2022، بحسب ما أظهرت بيانات من Datasembly.

وأظهرت الإحصاءات أن هذا المعدل زاد بمقدار 9 نقاط مئوية أخرى في 3 أسابيع فقط في أبريل/نيسان، ويقف الآن عند 40%.

تم بيع أكثر من نصف لبن الأطفال بالكامل خلال الأسبوع الذي بدأ في 24 أبريل/نيسان في 6 ولايات، هي آيوا وساوث داكوتا ونورث داكوتا وميسوري وتكساس وتينيسي.

تفاقم الأوضاع

وتأثر الآباء في جميع أنحاء البلاد بموجة النقص في لبن الأطفال، المشكلة التي تفاقمت بسبب سحب شركة أغذية الأطفال Abbott Nutrition لمنتجاتها مؤخرًا، بعد نقل ما لا يقل عن 4 أطفال إلى المستشفى مصابين بعدوى بكتيرية ووفاة اثنين بعد تناول منتجاتها، بحسب إدارة الغذاء والدواء الأميركية.

وقالت الشركة في بيان الشهر الماضي: "نعلم أن سحبنا الأخير تسبب في مزيد من التوتر والقلق في خضم وضع مليء بالتحديات بالفعل بسبب نقص الإمدادات العالمية، لكننا نعمل بجد لمساعدة الأمهات والآباء ومقدمي الرعاية في الحصول على التغذية عالية الجودة التي يحتاجون إليها لأطفالهم".

وفي ظل الوضع الحالي، يقوم العديد من بائعي التجزئة الكبار الحريصين على الاحتفاظ بالمخزون بتحديد كمية لبن الأطفال التي يمكن لعملائهم شراؤها، على سبيل المثال أوضحت سلسلة الصيدليات CVS في بيان "بعد تحديات الموردين وزيادة طلب العملاء"، سيقتصر المشترون على ثلاثة منتجات من لبن الأطفال لكل عملية شراء في المتاجر وعبر الإنترنت، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

وهو نفس ما فعتله سلسلة والغرينز التي قالت في بيان إنها فرضت أيضًا حدًا من ثلاثة عناصر في محاولة "للمساعدة في تحسين المخزون".

وكان الرئيس التنفيذي لشركة Datasembly، بن رايش، قد قال في بيان الإثنين 9 مايو 2022: "لسوء الحظ، لا نرى أي سبيل لحل نقص الإنتاج في أي وقت قريب، حيث يستمر التضخم ونقص سلسلة التوريد وسحب المنتجات في التأثير في هذا القطاع بشدة، ما يجعله أحد أكثر المنتجات تضررًا في السوق".

بدورها، أكدت اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية في تقرير للأمم المتحدة في فبراير/شباط العام الحالي أن صناعة اللبن الصناعي البالغة 55 مليار دولار تستخدم استراتيجيات تسويق غير أخلاقية للتأثير في قرارات الوالدين بشأن تغذية الرضع وتظهر في شكل ممارسات استغلالية تعرض تغذية الأطفال للخطر وتنتهك الالتزامات الدولية.

وأفاد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس: "من الواضح أن تسويق لبن الأطفال لا يزال منتشرًا بشكل غير مقبول، كما أنه يتسم بالتضليل"، داعيًا إلى تبني اللوائح المتعلقة بالتسويق الاستغلالي وتطبيقها على وجه السرعة لحماية صحة الأطفال.