رهان أمريكا المصيري.. طائرة واحدة تحدد مستقبل «إف 35»

وسط واحدة من أعقد الأزمات التي تواجه برنامج المقاتلة الأمريكية إف-35، أعلنت القوات الجوية الأمريكية تسلّمها مقاتلة معدّلة من طراز إف-35 أيه، مجهّزة بأدوات قياس وأنظمة تجريبية متطورة، لتكون بمثابة منصة اختبار فريدة قد تحدد مصير المشروع بأكمله.
الطائرة الجديدة وصلت إلى السرب 461 للاختبارات الجوية في قاعدة إدواردز، وهي أول مقاتلة من نوعها قادرة على تقييم أنظمة المهام وعلوم الطيران في آن واحد، وفقا لمجلة "مليتري ووتش".
هذه الإضافة تأتي في توقيت بالغ الحساسية، إذ يواجه البرنامج - الذي يُعد أضخم مشروع تسليح في تاريخ الولايات المتحدة - سلسلة تأجيلات متكررة تتعلق بتطوير تكنولوجيا التحديث الثالث، التي تمثل العمود الفقري لمستقبل المقاتلة.
وكان المقرر بلوغ هذا المستوى قبل نحو 5 سنوات، لكن أحدث التقارير الصادرة عن البنتاغون تشير إلى أن الاختبارات التشغيلية لن تبدأ قبل عام 2026، وربما تتأخر أكثر.
أزمة تتجاوز الجدول الزمني
المعضلة لا تقتصر على التأخير في البرمجيات فحسب، بل تمسّ جوهر البرنامج بأكمله. ففي يوليو/تموز 2023، اضطر مكتب البرنامج المشترك إلى تعليق تسلّم مقاتلات إف-35 الجديدة، بعدما رفض البنتاغون اعتماد عمليات التسليم بسبب فشل برمجيات التحديث الثالث في اجتياز الاختبارات.
هذا القرار أحدث صدمة داخل سلاح الجو الأمريكي، الذي كان بالفعل متأخراً سنوات عن خططه الأصلية لإدخال الطائرة إلى الخدمة الكاملة.
ويزداد الضغط على واشنطن في ظل تسارع وتيرة تطوير المقاتلات الصينية من الجيل الخامس، خصوصاً طراز جيه-20، ما يجعل أي تأخير إضافي في تحديث إف-35 مخاطرة مباشرة بتقليص الهوة التكنولوجية بين الطرفين.
الطائرة "المنقذة"؟
ووصف دانيال برودهوم، مدير قوة الاختبارات المتكاملة للمقاتلة إف-35، وصول الطائرة الجديدة بأنه حدث محوري، قائلاً: "باعتبارها الطائرة الوحيدة من طراز إف-35 إيه القادرة على تقييم أنظمة المهام وعلوم الطيران معاً، فهي عنصر أساسي لتسريع إدخال القدرات المتقدمة إلى الميدان."
وقال برودهوم إن "وجودها في هذا التوقيت الحرج يعني تعزيز اختبارات ترقية التحديث الثالث، وتهيئة المسرح لدمج أسلحة الجيل القادم."
لكن رغم هذه التصريحات المتفائلة، يبقى السؤال: هل تكفي مقاتلة واحدة معدّلة لإنقاذ برنامج تتجاوز مشكلاته حاجز البرمجيات إلى قضايا أعمق تتعلق بالجدوى الاقتصادية، وإدارة الموارد، وتعقيد شبكة المقاولين المشاركين فيه؟
خلف الكواليس: جدل متصاعد
مصادر داخلية وخبراء دفاع يرون أن الطائرة الجديدة تمثل محاولة "إسعاف سريع" أكثر من كونها حلاً جذرياً، فالتأجيلات المتكررة، وتخفيف متطلبات بلوك 4 بشكل ملحوظ، يعكس - بحسب هؤلاء - عجز البنتاغون عن موازنة الطموحات التكنولوجية مع الواقع العملي.
وعلى الرغم من ذلك، فإن إدخال منصات اختبار متخصصة مثل هذه يعكس إدراكاً أمريكياً بأن أي تقاعس قد يمنح المنافسين – الصين وروسيا تحديداً – فرصة لتقليص الفجوة الاستراتيجية.
مستقبل غامض
حتى اللحظة، لا يمكن الجزم بما إذا كانت هذه الطائرة التجريبية ستنجح في معالجة الاختناقات العالقة، غير أن وجودها بحد ذاته يكشف عن حجم الرهان الأمريكي على استمرار تطوير إف-35، بوصفها العمود الفقري لسلاح الجو لعقود مقبلة.
وبينما يسابق الأمريكيون الزمن للوصول إلى مرحلة بلوك 4 بحلول أوائل الثلاثينيات، يظل البرنامج محاصراً بين ضغوط الواقع ومتطلبات التفوق العسكري العالمي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzUg جزيرة ام اند امز