«القانون العبقري».. واشنطن تشرّع العملات المشفرة المستقرة لأول مرة

في خطوة تاريخية لقطاع العملات المشفرة، أقرّ المشرّعون في الولايات المتحدة أول تشريع وطني شامل ينظّم العملات المشفرة.
والقانون، المعروف باسم القانون العبقري (Genius Act)، يضع إطارًا تنظيميًا لما يُعرف بـ العملات المستقرة، وهي نوع من العملات المشفرة المدعومة بأصول آمنة مثل الدولار الأمريكي. ويمثل هذا القانون نقطة تحوّل كبيرة لصناعة طالما وُصفت بأنها هامشية، وضغطت لسنوات من أجل تنظيم واضح.
ووفقا لتقرير نشرته شبكة بي بي سي البريطانية، فقد أُقرّ القانون في مجلس النواب أمس الخميس، بعد أن وافق عليه مجلس الشيوخ الشهر الماضي.
تحول كبير
ومن المتوقع أن يوقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على القانون اليوم الجمعة، في خطوة تعكس تحوّله الكبير في الموقف تجاه العملات المشفرة.
فبعد أن كان من أشدّ منتقديها، أصبح الآن من داعميها، ويملك علاقات تجارية مع شركات مثل "وورلد ليبرتي فاينانشال". ويأتي دعمه لهذا القانون ضمن توجه أوسع نحو تبنّي القطاع، الذي ساهم بملايين الدولارات لدعم مرشحين مؤيدين للعملات الرقمية في انتخابات 2024، بما فيهم ترامب نفسه.
والقانون العبقري واحدًا من ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بالعملات المشفرة تتقدّم حاليًا في الكونغرس، وجميعها تحظى بدعم ترامب. وبينما يركّز هذا القانون على تنظيم العملات المستقرة، فإن المشروعين الآخرين يسعيان إلى منع الاحتياطي الفيدرالي من إصدار عملة رقمية مركزية، ووضع إطار تنظيمي أوسع لبقية أنواع العملات المشفرة. وقد تم تمرير هذين المشروعين في مجلس النواب، وهما الآن بانتظار التصويت في مجلس الشيوخ، حيث يتمتع الجمهوريون بأغلبية ضئيلة.
والعملات المستقرة، التي تسعى إلى الجمع بين مزايا العملات الرقمية واستقرار العملات التقليدية، هي محور هذا التشريع. وينص القانون على وجوب دعم هذه العملات بنسبة 1 إلى 1 بأصول آمنة مثل الدولار الأمريكي أو غيره من الأصول منخفضة المخاطر. وتُستخدم هذه العملات على نطاق واسع بين المتداولين كوسيلة لتحويل الأموال بين رموز العملات المشفرة المختلفة، وقد شهدت نموًا سريعًا في السنوات الأخيرة.
ويرى مؤيدو القانون أنه يوفّر أساسًا قانونيًا يُتيح الابتكار ويحمي النظام المالي بشكل أوسع، ويعتبرونه خطوة ضرورية لإدخال العملات الرقمية إلى النظام المالي السائد، ولمساعدة الولايات المتحدة على مواكبة التطورات التكنولوجية في أنظمة الدفع العالمية.
انتقادات حادة
لكن القانون واجه انتقادات حادة من جماعات حماية المستهلك ومراقبي الأسواق المالية. ففي رسالة أُرسلت إلى الكونغرس في الربيع الماضي، حذّرت مجموعة من هذه المنظمات من أن التشريع قد يشرّع استخدام العملات المستقرة دون توفير حماية كافية، مما يؤدي إلى مخاطر جديدة. وأعربوا عن خشيتهم من أن يظن المستهلكون خطأً أن هذه الأصول آمنة، رغم أنها لا تتمتع بالحماية التي توفرها الأدوات المصرفية التقليدية.
كما أبدى المنتقدون قلقهم من السماح لشركات التكنولوجيا بالمشاركة في أنشطة مشابهة للبنوك دون إخضاعها لنفس المعايير والرقابة. وأشاروا إلى أن انهيار إحدى شركات العملات المستقرة قد يترك العملاء في مواجهة عملية إفلاس معقّدة وغير واضحة.
ورغم هذه التحذيرات، حصل القانون على دعم من الحزبين؛ إذ صوّت لصالحه نحو نصف الديمقراطيين، إلى جانب الغالبية الجمهورية. وأشار بعض المشرّعين إلى أن القانون ليس مثاليًا، لكنهم رأوا أنه أفضل من غياب أي تنظيم على الإطلاق.
أمر رئاسي جديد
وفي الوقت نفسه، تشير تقارير إلى أن ترامب يعمل على أمر رئاسي قد يسمح باستخدام حسابات التقاعد للاستثمار في أصول خاصة، مثل العملات المشفرة والذهب والأسهم الخاصة – في إشارة أخرى إلى تعمقه المتزايد في الاقتصاد الرقمي.
وجاء تمرير القانون في وقت شهدت فيه الأسواق الرقمية ارتفاعًا قياسيًا، حيث تجاوز سعر البيتكوين حاجز الـ 120,000 دولار. ومع ذلك، لا يزال المحللون متحفظين. إذ قال تيري هاينز من شركة "بانغايا بوليسي" للاستشارات في واشنطن إن هذا قد يكون "الانتصار الأخير للعملات المشفرة لفترة طويلة". وأضاف: "إذا كان الجزء السهل – العملات المستقرة – استغرق 4 أو 5 سنوات ونجا بالكاد من فضائح الصناعة، فلا يوجد الكثير للاحتفال به".
وسواء فتح هذا القانون الباب أمام تبنٍ أوسع للعملات الرقمية أو أدخل مخاطر جديدة إلى النظام المالي، فإن المؤكد هو أن واشنطن بدأت تأخذ هذه التكنولوجيا الناشئة على محمل الجد.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTkg جزيرة ام اند امز