استقر سعر برميل النفط عند مستوى أكثر من ٥٠ دولاراً منذ قررت دول «اوبك» وخارج «اوبك» خفض ١،٨ مليون برميل في اليوم من إنتاجها.
استقر سعر برميل النفط عند مستوى أكثر من ٥٠ دولاراً منذ قررت دول «اوبك» وخارج «اوبك» خفض ١،٨ مليون برميل في اليوم من إنتاجها. وللمرة الأولى في منتصف هذا الشهر ستشهد الصناعة النفطية التزام دول «اوبك» بقرار تخفيض إنتاجها الذي اتخذته في مؤتمرها الأخير. إن التزام هذه الدول سببه أنها جميعها في حاجة الى المزيد من العائدات من النفط بعد انخفاض سعره في السنة الماضية الى مستويات وصلت الى ٢٥ دولاراً للبرميل. ودول الخليج التي هي أغنى دول في منظمة «اوبك» لم توقف استثماراتها في قطاع النفط والغاز رغم انخفاض الأسعار.
أظهرت دراسة قدمها بسام فتوح مدير معهد اوكسفورد لدراسات الطاقة أن خطط استثمارات دول الشرق الأوسط في قطاع النفط والغاز استمرت وفق موعدها من أجل زيادة قدراتها المنتجة وذلك تحديداً لدول مجلس التعاون الخليجي. فلدى الكويت مثلاً برنامج طموح لتوسيع قدرتها الإنتاجية الى ٤ ملايين برميل في اليوم في ٢٠٢٠ فيما العراق شهد تراجعاً في الاستثمارات والنشاط بحجم استثمار يبلغ ١١٢ بليون دولار للسنوات الخمس المقبلة. ودولة الإمارات أيضاً لديها خطة لزيادة قدرتها الإنتاجية الى ٣،٥ مليون برميل في اليوم في عام ٢٠١٨ و «ارامكو» السعودية زادت مصاريف التنقيب والإنتاج ٤ في المئة بالمقارنة بالسنة الماضية. في حين إن العراق شهد تراجع الاستثمار في هذا القطاع بسبب تدهور عائدات الحكومة العراقية. ولكن نمو العرض النفطي في ٢٠١٦ رغم انخفاض أسعار النفط جاء من منطقة الشرق الأوسط في شكل أساسي. والآن وانخفاض الإنتاج المقرر في «اوبك» سيظهر في منتصف هذا الشهر من المتوقع أن تستمر أسعار النفط عند المستويات الحالية أي تتراوح بين ٥٢ و٥٥ دولاراً للبرميل. لكن على «اوبك» أن تمدد هذا الاتفاق ستة أشهر على أن تستمر في جدية التزامها بعد مؤتمرها المقبل في أيار (مايو) إذا أرادت تحسين هذا المستوى والتوصل الى ٦٠ دولاراً للبرميل في نهاية هذه السنة. ولكن التحدي الكبير أمام هذه الدول هو إسراع الإدارة الأميركية الجديدة في رفع القوانين والعوائق أمام منتجي نفط أميركا لإعادة إطلاق إنتاج النفط الصخري الذي كان توقف بسبب انخفاض سعر النفط الذي جعل إنتاج النفط الصخري غير مجد عندما بلغ سعر النفط مستوى الثلاثينات. فمثلاً شركة «اكسون موبيل» الأميركية التي يرأسها الآن دارن وودز ستعتمد على النفط الصخري بنسبة ٢٠ الى ٢٥ في المئة من مجموع إنتاجها مقابل ١٢ في المئة الآن والرئيس الجديد للشركة الذي خلف ريكس تليرسون ينوي زيادة الاستثمارات هذه السنة لتصل الى ٢٢ بليون دولار.
وفي حين إن «اوبك» تلتزم تخفيض إنتاجها وروسيا أقدمت على خفض إنتاجها قبل الموعد، بدأ إنتاج أميركا يرتفع بارتفاع عدد آليات الحفر الى أقصى مستوى منذ تشرين الأول (اكتوبر) ٢٠١٥. إضافة الى ذلك، ارتفع المخزون الأميركي من البنزين ومن النفط الخام مما أدى مؤخراً الى تراجع أسعار النفط في السوق الأميركي. وانخفض سعر البرنت في لندن لتسليم نيسان (ابريل) أمس بنحو ٦٤ سنتاً الى ٥٥،٠٨ . فهذه التطورات تمثل تحديات لقرار الدول المنتجة للنفط بتخفيض إنتاجها وربما تجعلها تحتاج الى المزيد من التخفيضات إذا تراجع مجدداً سعر النفط في شكل أكبر.
* نقلاً عن "الحياة"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة