القرار الذي أصدره سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس دائرة القضاء في أبوظبي، بإنشاء محكمة الأحوال الشخصية وتركات غير المسلمين في أبوظبي، تؤكد لنا من جديد على ريادة الإمارات في مجال التسامح الديني واحترامها لمخت
القرار الذي أصدره سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس دائرة القضاء في أبوظبي، بإنشاء محكمة الأحوال الشخصية وتركات غير المسلمين في أبوظبي، تؤكد لنا من جديد على ريادة الإمارات في مجال التسامح الديني واحترامها لمختلف الأديان.
إن التاريخ الإسلامي يزخر بالعديد من المواقف والأحداث التي تؤكد على احترام ديننا الحنيف لأتباع الديانات الأخرى، ففي عهد عمر بن الخطّاب تجلّت إدارته في إدارة البلاد منذ بداية الدولة الإسلامية وكان في عصره ما يٌسّمى بديوان العطاء أي بيت المال أو ديوان الأموال، فالإسلام لم يُجبر أي طائفة من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) على اعتناق الإسلام مِصداقاً لقوله تعالى: "لا إكراه في الدين".
فحينما اشتكت امرأة من الأقباط (نصارى مصر) من عمرو بن العاص بأنه ضمّ بيتها (قسراً) للمسجد أمره الفاروق بإعادة البيت لصاحبته.
"ما فعله الشيخ منصور بن زايد هو من سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين"
على نهجهم في معاملة غير المسلمين، فالمسلمون لم يُعرف عنهم تكبّرهم على أحد، فكفالة العاجز هي نهج انتهجه الصحابة زمن الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل الذّمة، وهذا هو المفهوم الضمني للتكافل الاجتماعي في الإسلام فطالما هذا الذمّي يحيا في كَنفِ الإسلام وفي بلد مثل (الإمارات) فالإسلام كفل له الحياة بكل كرامة وهذا يُوفرّ الكثير من الأخلاق والمعاملات الإيجابية تُحسب للدولة والإسلام وأُولات الأمر، فحمايته وكرامته من واجبات الإسلام والقائمين عليه، حيث كانت وصية الصدّيق للجيوش الإسلامية قائلاً: (وستمرّون على قوم من الصوامع رُهباناً يزعمون أنهم ترّهبوا في الله فدعوهم ولا تهدموا صوامعهم).
وهذا سيف الله المسلول يضرب أقوى الأمثلة في معاملته لغير المسلمين بكل تسامح بمصالحته لأهل الحيرة ويكتب لهم قائلاً: (وجعلت لهم أيمّا شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدّقون عليه طرت جزيته وعِيل من بيت مال المسلمين).
وهذا أكبر دليل على أن القرار الذي أصدره سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان هو من السماحة في الإسلام وفي إطار حسن معاملة غير المسلمين، وهو من الأمور الشرعية التي نادى بها الإسلام ومن مقاصده المعروفة وأمثلة ذلك كثيرة.
"إننا نعطي دروسا للعالم أننا ضد الأفكار المُزّيفة للإسلام"
لو تمعنّا النظر إلى إحصائيات السيّاح في الدولة خاصة في إمارتي أبوظبي ودبي لعرفنا لِمَ العالم وجهته الدائمة دولة الإمارات، فليس الأمر يتعلق بجمال المكان فقط بقدر ما هو الإحساس بالأمان والتسامح الذي يجدونه ويحظون به في التعامل وروح التسامح بدءًا من المطار وصولاً إلى الفندق، فكون أكثر من مائة جنسية تزور هذا البلد تحدى حواجز الزمان والمكان ومُتخطيّاً حواجز اللغات والأجناس والأديان.
إذن لم يكن قرار سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان من فراغ بل جاء مُتضامناً مع تقلّبات ما يحدث في عالمنا اليوم؛ ففي الوقت الذي يحدث فيه التناحر وانتشار العنصرية الفكرية والدينية تتمّيز دولتنا بُحبّ الآخرين وتفضيل الإنسانية على أية مشاعر أخرى، فالإنسان قبل كل شيء والارتقاء بإنسانيته هدف كل قرار.
كل ما حدث وسيحدث في الإمارات من نماذج الخير والتسامح أفرز نقاشات على الساحة والعصف الذهني الذي أطلقه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في خلوة الخير لحقتها تبعات لقرارات استحقّت العناية من القيادة الرشيدة في هذ الوطن لإضفاء معنى الإسلام الحقيقي وليس كما يظهر للعالم بأنه رموز للدماء والحروب والإرهاب فهذه المٌسمّيات لا بدّ أن تُزال لأنها تٌدّمر معنى الإسلام الحقيقي مما طغت على جمال الأخلاق والروح النقية لمفهوم الإسلام.
"الإمارات دولة التسامح والإنسانية وحفظ للحقوق مع كل وافد يعيش على أرضها"
نحن هنا وتحت ظل قيادتنا الحكيمة نٌعطي دروسا للعالم أننا ضد الأفكار المُزّيفة للإسلام، فهذه النماذج التي يظهر بها قادتنا أكبر دليل على تسامح الإسلام مع الأديان الأخرى وأن دولة الإمارات دولة التسامح والإنسانية وحفظ للحقوق مع كل وافد يعيش على أرضنا الطيبة بغضّ النظر عن دينه وعِرقه، وكُلّنا فخر بذلك أن نكون منبعا للتقارب الفكري والديني لنحظى بإضافة مميزة لدولة الإمارات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة