أمريكا وإسرائيل و«دولة فلسطين».. الاعتراف يخدم الجميع
بينما أعلنت عدة حكومات أوروبية عن خططها للاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، لا تزال الولايات المتحدة تقف حجر عثرة ضد هذا التيار.
يتلخص الموقف الأمريكي الرسمي في أن إقامة الدولة الفلسطينية لا بد أن تتم من خلال المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وهذا الموقف مثير للسخرية إذا أخذنا في الاعتبار أن الولايات المتحدة كانت أول حكومة تعترف بإسرائيل في عام 1948.
تؤكد مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أنه لا ينبغي لأحد – لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة – أن يُسمح له باستخدام حق النقض ضد حق الفلسطينيين في تقرير المصير، وأن القيام بهذا لا يؤدي إلى تقويض الحقوق الفلسطينية فحسب، بل وأيضاً المصالح الإسرائيلية والأمريكية.
المصلحة الفلسطينية
وبحسب المجلة فقد أدت إخفاقات اتفاقيات أوسلو، التي تم التوصل إليها في منتصف التسعينيات، والعقود اللاحقة من الإهمال الدولي، إلى تهميش القضية الفلسطينية. وما جرى من مجازر ودمار بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ذكّر العالم بأن أحد صراعاته الأطول أمداً لن يختفي بطريقة سحرية.
وترى المجلة أن الدولة ستوفر للفلسطينيين قوة سياسية غير مؤمنة بالعنف. فهو يوفر لهم الطريق إلى تقرير المصير بقوة سياسية حقيقية وكرامة. كما أن إقامة الدولة تفتح الباب أمام جيل جديد من القادة الفلسطينيين للمضي قدمًا.
والعضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، الهيئة السياسية الأكثر أهمية في العالم لا تشكل حلاً سحرياً، ولكنها من شأنها أن تزود الفلسطينيين بالأدوات الدبلوماسية التي يفتقرون إليها حالياً والتي قد تصبح أداة حاسمة بمجرد بدء المفاوضات مع إسرائيل أخيراً. وهذا يجعل من إقامة الدولة وسيلة أساسية للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار، وإنهاء الحرب، وإدارة إعادة الإعمار المادي والسياسي في غزة.
مصلحة إسرائيل
وأشارت المجلة إلى أن الدعوات للاعتراف بالدولة الفلسطينية لا تزال مدوية في شوارع إسرائيل وعلى الإنترنت. لكنها تواجه معارضة قوية داخل الحكومة، كما أشار وزير المالية (والمستوطن المتطرف) بتسلئيل سموتريتش في اجتماع عقد مؤخراً مع قادة المستوطنين، فإن الاعتراف المتزايد بالسيادة الفلسطينية في جميع أنحاء العالم يجعل من قيام الدولة الفلسطينية "خطراً ملموساً ومتطورا".
ولكن الخطر الأعظم الذي يتهدد إسرائيل يتلخص في تخريب نتنياهو المستمر للتطلعات السياسية الفلسطينية، وهي السياسة التي تعمل على تعزيز قوة المتطرفين الإسرائيليين والفلسطينيين، وإدامة الحرب، وتدمير حياة وسبل عيش أولئك الذين تتظاهر بحمايتهم. وربما تقود الدولة التي تأسست لمنع حدوث إبادة جماعية ثانية ضد الشعب اليهودي إلى ارتكاب إبادة جماعية ضد شعب آخر، وهي تعمل بشكل متهور على عزل دولة صغيرة عن حلفائها الدوليين الأكثر ولاءً، بمن فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن.
المصلحة الأمريكية
الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس مجرد ورقة مساومة بل هو قادر بالفعل على استعادة الزعامة الدبلوماسية الأمريكية والمساعدة في إعادة ضبط نفوذها العالمي، وتعزيز مواقفها ضد روسيا وإيران، بل وحتى التصدي للمخططات الصينية في تايوان.
ومن الممكن أن تؤدي خطوة جريئة نحو دعم إقامة الدولة الفلسطينية إلى تغيير لغة الخطاب بشكل حاسم. وهذا من شأنه أن يقدم أخيراً الرئيس الأمريكي باعتباره يقف على الجانب الصحيح من التاريخ، وسوف يساعده في تأمين المزيد من الدعم السياسي محلياً ودولياً.
وقد يصر البعض على أن الوقت الحالي ليس الوقت المناسب لممارسة حكم سياسي معقد، حيث يتضور الأطفال جوعا في غزة. ولكن في هذه اللحظة التاريخية، فإن مجرد وقف إطلاق النار لا يكفي ببساطة. لقد أصبح لدينا أخيراً الفرصة الدبلوماسية، والنفوذ السياسي، والضرورة الأخلاقية لدعم التغيير.
ولا يخاطر بايدن بإعادة انتخابه فحسب، بل بالمكانة الأخلاقية للولايات المتحدة على المسرح العالمي. وإذا فشلت محاولة إعادة انتخابه، فإن إعادة تنشيط رئاسة ترامب من شأنها أن تعيث فساداً في النظام الدولي – بما في ذلك القضية الفلسطينية.
aXA6IDE4LjIyMS44LjEyNiA= جزيرة ام اند امز