اعتراف أمريكا بإبادة الأرمن.. آثار سياسية وتساؤلات عن التعويضات
قال خبراء إن قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن، السبت، بالاعتراف بإبادة الأرمن أثناء حكم الدولة العثمانية يطرح تساؤلات عدة عن التعويضات
وأشار الخبراء في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية"، إلى أن هذا القرار "يحمل وزنا رمزيا ومعنويا وسياسيا كبيرا"، ويفتح الباب أيضا أمام المطالب الأرمينية باسترداد حقوقهم خلال العقود الماضية.
وأكدوا أن الإقرار الأمريكي ينزع شرعية أي ادعاءات، أو مزاعم تركية في صراعات خاضتها وأجمع المجتمع الدولي على مخالفتها لمبادئ وقواعد القانون سواء في شرق المتوسط أو غيرها.
لكن الخبراء شددوا في الوقت ذاته، على أن القرار الأمريكي لن يترتب عليه أية آثار قانونية مباشرة ملزمة على تركيا، تتعلق بتعويضات أو ملاحقات قضائية.
وبات جو بايدن، أول رئيس أمريكي يعترف رسميًا بمذبحة الأرمن أثناء حكم الدولة العثمانية على أنها "إبادة جماعية".
وذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن الاعتراف، يشير إلى التزام أمريكي بحقوق الإنسان العالمية، لكنه في الوقت ذاته يهدد بتزايد التوتر مع تركيا.
وفي بيان بمناسبة الذكرى 106 لبدء المذبحة، كتب بايدن، أنه" في مثل هذا اليوم من كل عام، نتذكر كل من فقدوا أرواحهم في الإبادة الجماعية للأرمن في العهد العثماني ونعيد التزامنا بمنع حدوث مثل هذه الفظائع مرة أخرى".
انتقاص للدولة
الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، وصف الاعتراف الأمريكي بـ"الحدث التاريخي"، وقال إن الاعتراف يحمل دلالات رمزية وأخلاقية وأدبية، والأهم من ذلك دلالات سياسية مرتبطة بطبيعة العلاقات المتردية بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا.
وقال سلامة في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن الإقرار الأمريكي بالمذابح "يحيق خطرا بهيبة الدولة التركية، وينتقص من هيبة الدولة".
ومع اعتراف دول وبرلمانات عديدة بجريمة إبادة الأرمن، الذي سبق الإعلان الأمريكي، لكن الاعتراف يأتي هنا من قوة عظمى، لها تأثيرها الكبير في العالم كله.
وتابع: "الاعتراف يأتي في سياق تاريخي محدد، وهو الصراعات التركية التي صنعتها الأخيرة بيدها شرقي المتوسط، وسوريا، والعراق وغيرها من الدول".
نزع شرعية
ويرى سلامة أن من شأن الإعلان الأمريكي ينسف أي ادعاءات، أو مزاعم تركية لشرعية أي قضية من القضايا التي أجمع المجتمع الدولي على مخالفتها لمبادئ وقواعد القانون الدولي في هذه القضايا والصراعات مع اليونان وقبرص ومصر والعراق وسوريا والقرن الأفريقي، وفقا لسلامة.
وعلى صعيد الأثر السياسي، قال سلامة إنه "لا يمكن الفصل بين القرار الأمريكي، وبين طبيعية العلاقات المستقبلية بين أمريكا وتركيا من جانب، والاتحاد الأوروبي وتركيا من جانب آخر"، مستدركا: "لكن ليس هناك آثار قانونية على اعتراف أمريكا بمذابح الأرمن".
لا آثار قانونية
ويتفق الدكتور بشير عبد الفتاح الباحث في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية مع ما ذهب إليه سلامة.
وقال عبد الفتاح في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "الإعلان الأمريكي لن يولد أي آثار أو نتائج قانونية مباشرة وملزمة على تركيا، لكنه في الوقت ذاته يحمل وزنا رمزيا ومعنويا كبيرا".
وأكد عبد الفتاح، أن أهمية الخطوة الأمريكية تتمثل أيضا في تشجيع دول أخرى بأن تحذو حذو الولايات المتحدة، وتعترف بإبادة الأرمن، علاوة على خلق حالة من التوافق السياسي والقانوني بين حكومات عديدة بالعالم ضد أنقرة إزاء المجازر التي ارتكبتها بحق الأرمن.
ونبه إلى أن مطالبة الجانب التركي بالتعويضات اللازمة أو الملاحقات القضائية، تستلزم اعتراف نقرة أولا، حتى تترتب نتائج قانونية على هذا الاعتراف.
وعلى صعيد تأثير الاعتراف الأمريكي على العلاقات التركية بدول المجتمع الدولي، قال الخبير بمركز الأهرام إن الإعلان الأمريكي يمثل ضربة ستؤثر سلبا على مجمل العلاقات الأمريكية التركية التي تزداد سوءا.
وبدوره، رأى الدكتور مساعد عبد العاطي أستاذ القانون الدولي أن الاعتراف بإبادة الأرمن يفتح الباب أمام المطالب الأرمينية باسترداد حقوقهم خلال العقود الماضية.
وقائع مثبتة
وبخلاف سابقيه، قال عبد العاطي إن الإعلان الأمريكي يحمل آثارا غير مباشرة، وقد يصل الأمر إلى حد مطالبة تركيا بتعويضات جراء المذابح، التي ارتكبت بحق الأرمن، بما للولايات المتحدة من ثقل وتأثير دولي.
وقال عبد العاطي إن ما جرى "وقائع مثبتة معروفة لكن التعويضات أو الملاحقات القضائية تحتاج لقرار أممي".
وكان الدكتور أرمين مظلوميان، رئيس الهيئة الوطنية الأرمينية، قد أشار في حديث سابق لـ"العين الإخبارية" إلى أن الاعتراف الأمريكي ليس له أي قيمة قانونية، وهو غير ملزم لتركيا، لكنه يمثل ضغطا معنويا، وفي نفس الوقت يوثق حدوث الإبادة الأرمينية ويبدد سياسة الإنكار التركية.
ويعني الإعلان الأمريكي المساواة بين ما ارتكبه العثمانيون مع ما وقعت من إبادة جماعية في رواندا عام 1994 وما حدث على أيدي النازيين في الحرب العالمية الثانية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وترى الصحيفة أن الأوضاع الاقتصادية المتردية في تركيا وحاجتها إلى أمريكا، تجعل الخيارات أمام الرئيس التركي رجب أردوغان محدودة.
aXA6IDMuMTM5LjY3LjIyOCA= جزيرة ام اند امز