زيارة ترامب للخليج لم تكن محض صدفة، بل جاءت لتعكس أولويات واشنطن في واحدة من أكثر المناطق استراتيجية في العالم.
هذا ما أكده المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية مايكل ميتشيل، في مقابلة خاصة أجرتها معه "العين الإخبارية"، على هامش الجولة الخليجية التي يجريها الرئيس دونالد ترامب، والتي تشمل الإمارات والسعودية وقطر.
مقابلةٌ فتحت فيها "العين الإخبارية" ملفات الشراكة الخليجية، ومآلات المفاوضات مع طهران، وأفق العلاقة مع سوريا بعد رفع العقوبات، إضافة إلى رؤية واشنطن لحل الصراع في قطاع غزة، ودور الإمارات المحوري في المنطقة.
وإلى نص الحوار،
لماذا اختار الرئيس ترامب منطقة الخليج وجهة خارجية أولى له بعد توليه المنصب؟
شكرا لك على الاستضافة. أنا سعيد جدا أن أكون معكم. أولا، يجب أن أقول إن اختيار الرئيس ترامب المنطقة لم يأت بشكل عشوائي. هذه المنطقة مهمة للغاية ونريد أن نعزز العلاقات الاستراتيجية مع كافة شركائنا الخليجيين. هذا هو السبب الرئيسي للزيارة، وليس فقط على الصعيد الأمني فحسب، بل أيضا على صعيد العلاقات التجارية والاستثمارية.
ما هي الرسائل التي يحملها الرئيس الأمريكي اليوم في جولته بدول الخليج؟
نقدر للغاية الجهود الخليجية نحو مستقبل أكثر أمنا وأكثر ازدهارا. الولايات المتحدة تعتمد بدرجة كبيرة على شركائنا ووسطائنا الخليجيين من أجل تحقيق الكثير من الأهداف والأولويات المشتركة، ليس فقط لحلول الحروب والنزاعات، بل أيضا من أجل تحقيق نمو اقتصادي كبير.
ما هي أولويات الإدارة الأمريكية اليوم في تعاونها مع منطقة الخليج؟
سؤال جوهري بالفعل، ولكن في نهاية الأمر الكثير من هذه الأمور مرتبطة مع بعضها البعض بصفة عامة. الحروب والنزاعات دائما تؤثر سلبا على النمو الاقتصادي. فينبغي علينا أن نحل هذه الحروب والنزاعات من أجل تحقيق نمو اقتصادي أكثر.
وفي هذا السياق، فإن ملف إيران بالغ الأهمية فيما يتعلق بأولويات الرئيس ترامب، وأيضا لكي نضع حد لهذه الحرب بين إسرائيل وحركة حماس. والنتائج الجيدة في هذه الملفات سوف يؤدي إلى تقدم في مجالات أخرى.
العلاقة مع الإمارات
كيف تنظر الإدارة الأمريكية إلى دور دولة الإمارات في حل النزاعات؟
الولايات المتحدة تتمتع بعلاقات استثنائية مع دولة الإمارات بالفعل، وليس فقط على الصعيد الأمني ولكن في مجالات عديدة ومختلفة.
وفيما يتعلق بالاقتصاد، هناك على سبيل المثال أكثر من 2500 شركة أمريكية تعمل حاليا في دبي. وبسبب زيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني الإماراتي، إلى البيت الأبيض، لدينا الكثير من الزخم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي.
وفيما يتعلق بدور الإمارات بالذات، الولايات المتحدة تقدر للغاية هذا الدور المحوري من أجل تحقيق المزيد من الأمن والاستقرار في الكثير من الملفات.
ما هو أفق تعزيز التعاون الاقتصادي بين دولة الإمارات والولايات المتحدة؟
الولايات المتحدة ودولة الإمارات كان لديهما اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات مختلفة، ولكن بالتأكيد هذه الزيارة سوف توفر لنا فرصة لكي ندرس كيفية تعزيز هذه العلاقات والاتفاقات، لاسيما في التكنولوجيات الجديدة التي سوف تغير المشهد العملي في كل أنحاء العالم.
من المعروف أن الإمارات العربية المتحدة تكرس الكثير من الجهود في الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي، وهذا سوف يوفر المزيد من الفرص للعمل المشترك في المستقبل.
كيف يرى المجتمع الأمريكي الاستثمار الإماراتي في أسواقه، وخاصة في مجال التكنولوجيا والطاقة النظيفة؟
هذه العلاقة التجارية قائمة على الثقة. على سبيل المثال، حجم الاستثمارات الإماراتية في الأسواق الأمريكية هو إشارة واضحة على هذه الثقة. وهناك الكثير. والمجتمع الأمريكي مثمن جدا للمزيد من الاستثمارات المتبادلة.
مفاوضات إيران
كيف تقيّمون نتائج المفاوضات الأمريكية مع إيران، وما هي توقعاتكم بشأن مستقبل هذا الملف؟
هذا سؤال جوهري. إلى حد ما يجب القول إن الولايات المتحدة حققت إنجازات دبلوماسية كبيرة في هذا الشأن، لأنه قبل أشهر لم يكن لدينا أي اتصال مباشر مع الطرف الإيراني في هذا الصدد، فضلا عن الجهود العمانية في مسقط، بدأنا مفاوضات ثنائية مباشرة، وهذه إشارة إيجابية جدا فيما يتعلق بإمكانية تحقيق حل لهذه المشكلة.
من المبكر جدا أن أتنبأ بما سيحدث في المستقبل. ولكن حتى الآن التقديرات الرسمية من قبل البيت الأبيض أن الطرف الإيراني يتفاوض بجدية.
خطر الحوثيين
هل يمكن أن يشكل الاتفاق الأخير بين الولايات المتحدة والحوثيين نهاية التهديدات الحوثية في الممرات الملاحية الدولية؟
هذا الاتفاق مبدئي، ونريد توسيعه من أجل وقف أي هجمات من قبل الحوثيين ضد أي طرف من الأطراف المعنية، ليس فقط ضد المصالح الأمريكية، لأنه في نهاية المطاف يشكل الحوثيون خطرا ليس فقط للمصالح الأمريكية، ولكن لشعوب المنطقة برمتها. فالهدف النهائي دائما توسيع هذه الاتفاقية من أجل تجنب المزيد من العمليات العسكرية والمزيد من المعاناة إزاء الشعب اليمني.
سوريا
بعد رفع العقوبات عن سوريا، هل يمكن أن نرى تحسّنًا في العلاقة بين الولايات المتحدة وسوريا في المستقبل؟*
هذه الخطوة من قبل الرئيس ترامب تمثل تطورا زلزاليا فيما يتعلق بسوريا، لأنه من المعروف جدا أن شعب سوريا كان يعاني بسبب هذه العقوبات الاقتصادية ضد نظام الأسد. هذا يمثل فرصة لكي نرى تقدما اقتصاديا يُحسن الظروف الإنسانية في سوريا.
مع ذلك، يجب مقاربة التطورات على الأرض لأن سوريا ما تزال تعاني من انفلات أمني سياسي. هناك المزيد من الطائفية، وانتهاكات لحقوق الأقليات. ورفع هذه العقوبات لا يعني أن الولايات المتحدة لن تهتم فيما يجري في سوريا.
الحرب في غزة
كيف تنظر الولايات المتحدة إلى الوضع في غزة، وما هو دورها في التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار؟
نتمنى أن يؤدي إطلاق سراح الأمريكي الإسرائيلي، عيدان ألكسندر، إلى بناء ثقة ما بين كافة الأطراف. الولايات المتحدة كانت قبل انهيار اتفاق وقف إطلاق النار على اتصال مستمر ومباشر مع حركة حماس، من أجل إثبات ما إذا كانت الحركة جدية في المفاوضات.
الولايات المتحدة وشركاؤنا الإقليميون حققا الكثير من الإنجازات الدبلوماسية في هذا الصدد. لكن مع الأسف الشديد، تبخرت كل هذه الإنجازات بسبب انهيار هذا الاتفاق.
الهدف من قبل الرئيس ترامب واضح. نريد أولا تحسين الظروف الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، ونريد الوصول إلى اتفاق شامل ومستدام. أما كيفية الوصول إلى هذه النقطة هذا سيكون تحت الدراسة مع شركائنا.
هل سنشهد تحسنا للوضع الإنساني في غزة؟ أقصد هنا دخول المساعدات قبل أي استئناف للمفاوضات؟
الشعب في قطاع غزة بحاجة ماسة إلى هذه المساعدات الإنسانية. ليس بعد شهر ولكن على الفور. ونحن نعمل على هذا الملف منذ أشهر بشكل مكثف وهذه الجهود سوف تستمر.
ولكن في نهاية الأمر الولايات المتحدة ليست العنصر الوحيد في في المعادلات. يجب أن نناقش هذا الملف بأسره مع كافة شركائنا الإقليميين ومن بينهم إسرائيل.
هل لديكم إشارات إيجابية فيما يتعلق باستئناف مفاوضات غزة؟
كل الإشارات حتى الآن إيجابية. والرئيس ترامب هو متحمس كثيرا للتقدم في هذا الملف بلا شك.
الحرب الأوكرانية
ترامب لم يستبعد حضور محادثات أوكرانيا باسطنبول، هل يمكن أن تكون تركيا بوابة السلام هذه المرة بين كييف وموسكو؟ وعلى ماذا يعلق الجانب الأمريكي في إحداث أي تقدم في هذا الملف؟
من المبكر جدا أن أتنبأ بما سيحدث في المستقبل ولكن لدينا زخم سياسي ودبلوماسي. هذا من جانب. ومن جانب آخر. الرئيس ترامب تحدث بشكل صريح بأن الولايات المتحدة ليس لديها الصبر في هذا الملف.
ينبغي علينا أن نرى إشارة واضحة وجدية من كافة الأطراف بشأن تحقيق السلام. ونتمنى أن نرى تقدما في هذا الملف في تركيا في المستقبل القريب.
دولة الإمارات كان لها العديد من الوساطات في هذا الجانب في الأزمة الأوكرانية الروسية، كيف تنظرون للدور الإنساني الإماراتي؟
هذا دور أساسي ومحوري، وهذه إشارة أخرى إلى أن هذه العلاقات الاستراتيجية مع الإمارات مهمة للغاية.