بين "داعش" و"القاعدة"، التي عادت الآن، واليمين المتطرف الصّاعد اليوم في أوروبا وأمريكا ودول الغرب عموما عامل أو عوامل مشتركة.
بين "داعش" و"القاعدة"، التي عادت الآن، واليمين المتطرف الصّاعد اليوم في أوروبا وأمريكا ودول الغرب عموما عامل أو عوامل مشتركة، هي رفض الآخر والكراهيّة والإقصاء وتعميم الأحكام على الأشخاص وتصنيفهم حسب لونهم أو أصلهم أودينهم، بحجج التلين البريء منها والثقافات المختلفة رغم شرعية الاختلاف.
الاختلاف الذي من المفترض أن يجعل العالم أكثر تنوعا، وشعوبه أكثر تطلّعا لمعرفة الآخرين وقبول الثقافات المختلفة، حوّله المرتزقون على الدماء والكراهية لمصدر يقتاتون عليه في أيامهم العادية، ويحولونه إلى مذابح أيام الأزمات، ليكون الاختلاف خلافا، ولتترعرع أيديولوجياتهم المسمومة في سبيل انهيار العالم الحديث
والمشكلة الأساسية ليست في الثقافات واختلافها أو تنوع الشعوب واختلاف الديانات بقدر ما أصبحت اليوم أيديولوجيات دينية ليس أساسها التوحيد كما تقضي الديانات منذ الأزل، بل التفرد والإقصاء والعداء لكل مَن لا يتخذ من عقول أصحاب الأيديولوجيات مظلة يعملون تحتها بنظرية السمع والطاعة العمياء، وتغييب العقل وإقصاء كل مصادر النور.
حان الوقت للتوقف والنظر في كل ما حولنا، 20 قتيلا وعشرات الجرحى في تكساس أمس يقتلهم شاب لماذا؟ وفي مركز للتسوق..
الفكر اليميني اليوم لا يمكننا نقده أو التجريح فيه بدون العودة لأسباب وجوده أساسا.
"الإرهاب" والأخطار المرتبطة به التي وجدت وتكوّنت عبر عشرات السنين بين الغرب والعالم العربي عبر أعمال منظمة جماعيا ومنفذة فرديا من طرف مَن آمنوا واقتنعوا بأنهم الأصح وأن من خالفهم له الموت والإقصاء بسبب الدين.
تصاعدت الحركات اليمينية في جل دول العالم، وعادت للتشدد للدين وبناء المواقف عليها، وآلاف القتلى والضحايا والمشردين والمفصولين عن عائلاتهم والمجبرين على اعتناق ديانة غير ديانتهم من الإيزيديين على سبيل المثال والذين قرأت تقريرا عنهم أمس في "بي بي سي".
والأخطر من تنظيم "داعش" ومن "الدواعش" المشتتين في عالمنا اليوم، ومن تنظيم "القاعدة" ومن العقليات الجهادية المغالطة اليوم، هما التنظيم الإخونجي باستراتيجياته طويلة المدى والمدمرة للفكر الإنساني ولأنوار المستقبل، وما تحمل الرؤوس الفارسية تحت عمامات النظام الملالي منذ عقود.
المعضلة الأساسية هي أن مَن يعتنقون الأيديولوجيات الإقصائية سواء من المتطرفين دينيا أو من المنتقمين ثقافيا لا يعلمون أن وراء ما يتبعون ومن يتبعون أجندات سياسية، وأموال ضخمة تضخ لـ"تصنعهم".
الكراهية نتاج، والتطرف نتاج، والعنف والقتل والكراهية والإقصاء لمن أرادوا نتاج. وليس من الصدفة أن يصل عالمنا اليوم لما هو عليه من الحقد والكراهية المبنية على العنصرية والإقصاء بمختلف أنواعه بين البشر.
"الدين" كان وما زال الحجة وليس المحرك الأساسي، خاصة أن الأديان على اختلافها، خاصة السماوية منها، تقوم على التسامح وقبول الآخر.
الاختلاف الذي من المفترض أن يجعل العالم أكثر تنوعا وشعوبه أكثر تطلعا لمعرفة الآخرين وقبول الثقافات المختلفة، حوّله المرتزقون على الدماء والكراهية لمصدر يقتاتون عليه في أيامهم العادية، ويحولونه إلى مذابح أيام الأزمات، ليكون الاختلاف خلافا، ولتترعرع أيديولوجياتهم المسمومة في سبيل انهيار العالم الحديث، والقضاء على الحضارة خاصة في منطقتنا، وقتلنا تدريجيا، والعودة بنا عقودا إلى الوراء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة