تكساس الأمريكية.. هل تتمرد «النجمة الوحيدة»؟
لم تكن فكرة انفصال تكساس عن الولايات المتحدة مستجدة لكن ناقوس الخطر دق حين غادرت الهامش لتدخل في نسيج الخطاب السياسي للحزب الجمهوري.
حدث ذلك في 2021، وحينها، كتب الصحفي والمؤلف الأمريكي ريتشارد كرايتنر، المتخصص في تاريخ الانفصال بأمريكا، يقول إنه حان الوقت "لأخذ الحديث عن الانفصال على محمل الجد".
ولاحقا، تكرر الجدل في يونيو/حزيران 2022، حين طالب الجمهوريون باستفتاء حول انفصال الولاية، في خطوة بدت شبيهة بقنبلة رغم أنها لم تكن المرة الأولى.
ولم تقتصر الدعوات حينها على مطلب الانفصال، بل وجه الحزب سهامه أيضا للرئيس الديمقراطي جو بايدن، معتبرا أنه "لم ينتخب بطريقة شرعية".
في حينه، اعتبر البعض أن المسألة تدخل ضمن معركة حزبية قد تضع أوزارها بخروج بايدن من البيت الأبيض، فيما حذر آخرون من أنها قد تكون أيضا قنبلة تختزل مساع وتطلعات بالانفصال.
طرح يجد تأييده في أن ما حدث آنذاك لم يكن المرة الأولى التي تظهر فيها دعوات تطالب بانفصلال تكساس الملقبة بـ "بالولاية ذات النجمة الوحيدة"، وإنما شكل نقطة تجدد لنعرات باتت تطفو من حين لآخر.
نعرات تتجدد
فترة من التوتر مع الرئيس جو بايدن تعيشها، حاليا، ولاية تكساس بسبب تطبيق قانون الهجرة، في خلافات تطفو مجددا للسطح على شكل شكاوى قضائية وجبهات متعددة ومختلفة.
وتجددت الحرب بين حاكم تكساس غريغ أبوت وإدارة بايدن على خلفية رفض الولاية قرار المحكمة العليا بإزالة الأسلاك الشائكة على حدودها الجنوبية.
كما تمسكت برفضها السماح لمسؤولي الهجرة الفيدراليين بالوصول إلى حديقة تقع بقلب مدينة إيغل باس بالولاية، والتي تشكل نقطة احتجاز وتجميع مهاجرين.
وفي تحد صارخ لقرار المحكمة، أصدر أبوت تعليماته بمنع نزع الأسلاك الشائكة على طول الحدود، مشددا في الآن نفسه على أنه لن يسمح لأي موظف من وكالة الهجرة الفيدرالية بالوصول إلى ذلك المكان.
كر وفر سرعان ما انتقل إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث جرى تداول مناشير تنقل عن مسؤولين بالولاية تهديدهم بالانفصال، وسط توقعات بتصاعد التوتر بالساعات القليلة المقبلة.
ورغم أنه لا وجود حتى الآن لأي تصريحات فعلية من هذا النوع، إلا أن مراقبين يعتقدون أن مثل هذه الخلافات غالبا ما تعيد مطالب الانفصال للواجهة إن عاجلا أم آجلا.
ماذا يقول الدستور؟
لا يتضمن الدستور الأمريكي أي مادة تمنع أي ولاية أمريكية من الخروج من الاتحاد، ما يعني أنه استنادا لهذا القانون الأعلى، لا شيء يمنع تكساس من اتخاذ خطوة مماثلة.
لكن على الأرض، تبدو فكرة الانفصال غريبة في بلد اعتقد أنه دفنها للأبد حين استسلم جيش الكونفدراليين في نهاية الحرب الأهلية عام 1865، فالأمريكيون بشكل عام يؤمنون بأن انتصار الاتحاد كان -ولا يزال- سابقة لعدم جواز انفصال الولايات قانونيا.
فبعيدا عن نص الدستور، بدا قاضي المحكمة العليا الأمريكية الراحل أنتونين سكاليا حاسما في رده حين سئل قبل سنوات طويلة عما إن كان هناك أي سند قانوني للانفصال.
وآنذاك، كتب سكاليا يقول إن "الإجابة واضحة"، مشددا على أنه "إذا كان هناك قضية دستورية واحدة حسمتها الحرب الأهلية، فهي أنه لا يحق [للولايات] الانفصال".
وعلاوة على ما تقدم، يعتقد خبراء أن خطوة الانفصال، وإن لا يحظرها الدستور، لكنها معقدة عمليا، ففي حال اختارت تكساس الانفصال، فهذا يعني أنه سيتحتم عليها الحصول على اعتراف أممي بها كدولة مستقلة.
كما سيكون عليها إنشاء أنظمة مالية ودفاعية مستقلة، ما يعني أن ما على تكساس التفكير فيه ليس الانفصال في حد ذاته، وإنما تحديد آليات المستقبل في حال فكرت بتجسيد الخطوة.