زيوت الطعام المستعملة مصدر رزق لشباب مصر
محمود خيري الذي سجل شركته مؤخراً في هيئة الاستثمار المصرية، كشركة متخصصة في هذا المجال، يحكي لـ"العين الإخبارية" تفاصيل رحلته مع النجاح
كان الشاب محمود خيري، ابن مدينة قويسنا، إحدى مدن محافظة المنوفية "دلتا النيل بمصر"، يحلم بتأسيس عمل خاص به يبعده عن الوظيفة التقليدية التي باتت تنتظر خريجي قسم الكيمياء بكليات العلوم، وهي العمل بأحد معامل التحاليل، فاستطاع خلال وقت ضئيل جداً، أن يصبح المدير التنفيذي لشركة متخصصة في تجميع زيوت الطعام المستخدمة في إنتاج الوقود الحيوي "البيوديزل".
خيري الذي سجل شركته مؤخراً في هيئة الاستثمار المصرية، كشركة متخصصة في هذا المجال، يحكي لـ"العين الإخبارية" تفاصيل رحلته مع النجاح، والتي بدأت مع إعلان قرأه عن مسابقة مؤسسة إنجاز مصر للشركات الناشئة والصغيرة، والتي كانت نقطة البداية نحو تأسيس شركة "أولكشين".
يقول، وقد ظهرت لمعة الطموح في عينية: "كان يفترض وفقا لشروط هذه المسابقة تشكيل فريق، فتواصلت مع زملائي بجامعة بنها المصرية، التي كنت أدرس بها، وزملاء آخرين تعرفت عليهم من الأنشطة الطلابية، وأصبح عددنا 14 شاباً، وتقدمنا للمسابقة".
ويعد تشكيل الفريق المتجانس، هو الخطوة الأولى في النجاح، كما يؤكد خيري، مضيفاً أن "العصف الذهني الذي كان يتم في جلسات يحضرها زملاؤه الأربعة عشر تحت إشراف المهندس مصطفى حمدان، المشرف الذي خصصته مؤسسة إنجاز لهذا الفريق، قاد إلى فكرة تجميع زيوت الطعام".
ومصطفي حمدان، هو أحد الفائزين في أعوام سابقة بنفس المسابقة التي تقيمها مؤسسة إنجاز، ونجح في تأسيس شركة لإعادة تدوير المخلفات الإلكترونية، وكان لإدارته لجلسات العصف الذهني، دور في الوصول للفكرة الجديدة، كما يوضح خيري.
مصادفة طيبة
كان من المفترض أن يتقدم الفريق الذي يضم الأربعة عشر شاباً إلى مؤسسة إنجاز بفكرة الشركة التي اختارها مع بعض التفاصيل حول كيفية تنفيذها والجمهور المستهدف منها، وذلك بعد 14 أسبوعاً، ولكن لظروف خاصة بمؤسسة إنجاز تم مد الفترة إلى خمسة شهور.
تشعر من الابتسامة العريضة التي ملأت وجه خيري بالنجاح الكبير الذي ستكشف عنه كلماته التالية، وهو ما تحقق بالفعل، إذ مضى يقول: "أعطتنا تلك الفترة الفرصة لعمل ما هو أكبر مما تطلبه المسابقة، إذ شرعنا في تنفيذ الفكرة على أرض الواقع، وبدأنا في تجميع الزيوت من المنازل".
ما فعله خيري وأقرانه ضمن لهم المركز الأول في مسابقة إنجاز عام 2016، واستمروا بعد الحصول على الجائزة في ممارسة نشاط شركتهم بشكل غير رسمي، إلى أن أخذت شركتهم الطابع الرسمي مع حصولهم على تمويل من المنظمة الدوليّة للهجرة، بعد نجاحهم في مسابقة ضمن برنامجها لتمويل المشروعات الصغيرة.
يقول وقد ظهرت نبرة واثقة في كلماته: "من بن مئات المشاريع التي تقدمت للمسابقة، فازت 10 مشاريع في القليوبية والمنوفية والفيوم، كان من بينها مشروع تجميع زيوت الطعام".
لم تكن الشركة في هذا التوقيت تحمل اسماً، ولكن تمويل المنظمة الدوليّة للهجرة أحدث نقلة كبيرة للشركة يتحدث عنها مديرها التنفيذي، مضيفاً: "نجحنا في تسجيلها بشكل رسمي باسم (أولكشين) في هيئة الاستثمار المصرية، كما وفر لنا التمويل مقراً، وبعض الأدوات التي نعمل بها؛ مثل عبوات التخزين الكبيرة التي نستخدمها في نقل الزيت إلى مصانع الوقود الحيوي".
وما بين مرحلة تسجيل الشركة رسمياً وما قبلها تغيرات في طبيعة القطاعات التي يتم استهدافها في عملية جمع زيوت الطعام، ويوضح خيري هذا الفارق قائلاً: "قبل التسجيل الرسمي كان النشاط محدوداً ويقتصر على المنازل، أما بعد التسجيل الرسمي أصبح النشاط أكبر ويعتمد على المنازل والمطاعم ومصانع الحلوى، ونعد حالياً لتوسيع النشاط أكثر ليشمل مطاعم المستشفيات والمصانع والشركات".
شرائح مستهلكي الزيت
ولكل فئة من هذه الفئات أسلوبها في الإقناع حتى نحصل منهم على زيوت الطعام المستعملة، ويتحدث عن هذا الفارق مضيفاً: "المنازل نحصل على الزيت منها بعد إقناع الأمهات بعدم استخدام الزيت أكثر من مرة خوفاً على صحة أبنائها، ولتشجيعهم أكثر على التعاون نعطيهم هدايا بسيطة مثل لعب بسيطة لأطفالها، أو شتلات لبعض النباتات، وأحياناً نعطيهم زجاجات زيت جديدة، أما أصحاب المطاعم والشركات والمصانع ومطاعم المستشفيات، فنقنعهم بتأثير الاستعمال المتكرر للزيوت على جودة الطعام، كما نشتري منهم هذه الزيوت بأسعار منافسة عن غيرنا".
والمنافسون الذين يقصدهم خيري هم بعض جامعي القمامة الذين يعملون على جمع هذه الزيوت من البيوت، ويقول عنهم خيري "كما نجحنا في منافستهم في جمع الزيوت بأسعار منافسه، ننافسهم بالعلم في تزويد مصانع الوقود الحيوي بالزيوت".
ويضيف: "قبل ظهور أولكشين كان جامعو القمامة هم المصدر الرئيسي لزيوت الطعام المستعملة لدى شركات الوقود الحيوي في مصر، وعددها خمس شركات (مصنع بمدينة بدر – مصنعان بمدينة السادس من أكتوبر – مصنعان بمدينة دمياط)، أما الآن أصبحت المصانع تعتمد علينا، لأننا ضمنا بالعلم جودة الزيوت".
ويجري خيري ورفاقه اختبارات على زيت الطعام المستعمل قبل إرساله للمصانع، بحيث يتأكدون أن نسبة المياه فيه لا تتعدى 2%، ونسبة الدهون الحرة لا تتجاوز 5%، وهما شرطان مهمان لجودة الزيت الصالح ليكون وقوداً حيوياً.
ويقول وقد أصبحت كلماته أكثر ثقة من قبل: "بينما نفعل ذلك، فإن بعض موردي زيوت الطعام الآخرين يخلطونه بمكونات أخرى لزيادة الكمية، فمن الطبيعي أن تفضلنا مصانع الوقود الحيوي عن غيرنا".
ولاختبار نسبة المياه والدهون الحرة في الزيوت، يقول: "نأخذ عينة من الزيت ونقوم بوزنها ثم تسخينها، ونعيد وزنها مره أخرى بعد التسخين، ويصبح الفارق في الوزن قبل وبعد التسخين هو نسبة المياه في الزيت، أما الدهون الحرة فتقاس نسبتها عبر عملية التقطير، والتي تستخدم فيها مادة أيزوبروبيل ألكحول".
ستة أطنان شهريا
ويزود خيري ورفاقه مصانع الوقود الحيوي بستة أطنان من زيت الطعام المستعمل شهرياً، والتي تكفي لإنتاج 5 أطنان من الوقود الحيوي، ويقول إنهم يسعون لزيادة هذه الكمية بعد توسيع نشاطهم ليشمل محافظات أخرى.
ويضيف: " نحن نستهدف الآن بشكل أساسي مصادر الزيوت المستعملة بمحافظتي المنوفية والقليوبية، ونسعى لاستهداف محافظات أخرى في الأقاليم، قبل توسعة النشاط ليصل إلى القاهرة والجيزة".
وعن جودة الزيوت التي يتم جمعها ومدى اختلافها من مكان لآخر، يوضح، أنه كلما زاد المستوى الاقتصادي والتعليمي لسكان منطقة ما كانت جودة الزيت أفضل.
ويشير خيري في هذا الإطار إلى أن الزيت الذي أصبح لونه شديد الاسمرار نتيجة كثره الاستخدام الذي لا يصلح لإنتاج الوقود الحيوي، ولكن هناك زيتاً لونه يميل إلى الاسمرار، لكنه يصلح لهذه العملية، وهو الذي استخدام في تحمير بعض الأطعمة التي يميل لونها إلى السمرة مثل الباذنجان، حيث يكتسب هذا اللون مع المرة الأولى للاستخدام.
ولإنتاج الوقود من الزيت المستعمل، يقول: "مهمتنا تنتهي بتسليم الزيت الصالح للإنتاج لمصانع الوقود الحيوي، لكن الطريقة التي تستخدمها المصانع التي نتعامل معها سهلة وبسيطة وتعتمد على تكسير الزيوت النباتية أو الدهون الحيوانية عن طريق إضافة إيثانول، فيكون هناك منتج أولي هو الوقود الحيوي، ومنتج آخر هو الجلسرين الذي له عده استخدامات".
aXA6IDE4LjIxNy42Ny4xNiA= جزيرة ام اند امز