هاري ستيبينغز يشعل الجدل: 5 أيام عمل لا تبني شركات مليارية

واجه المستثمر المغامر هاري ستيبينغز موجة من الانتقادات في يونيو/حزيران بعد حثّه مؤسسي الشركات الناشئة الأوروبية، على زيادة ساعات عملهم، والآن يقول أنه هناك مجالٍ للتغيير عند تطبيق فلسفته المثيرة للجدل.
ونصح ستيبينغز، مؤسس شركة 20VC، التي تُدير 650 مليون دولار من الأموال، مؤسسي الشركات عبر لينكدإن الشهر الماضي بأن "العمل 6 أيام في الأسبوع هو السرعة المطلوبة للفوز في أوروبا الوقت الحالي"، لمنافسة الشركات الناشئة في وادي السيليكون والصين.
انتشر هذا المنشور على نطاق واسع، مما أثار دهشة ستيبينغز، وأثار جدلاً حول ما إذا كانت ثقافة العمل الصارمة "996" في الصين - والتي تعني العمل من التاسعة صباحًا حتى التاسعة مساءً ستة أيام في الأسبوع - ضرورية في أوروبا.
وينبع هذا النقاش من صورة نمطية سائدة مفادها أن قطاع التكنولوجيا والشركات الناشئة في أوروبا متأخر عن الولايات المتحدة والصين، اللتين أنتجتا شركات تقنية عملاقة تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات، والمعروفتين بتطبيقهما لساعات عمل طويلة.
وتحتضن الولايات المتحدة أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، مثل ميتا وغوغل وأمازون وأبل، في المقابل، تضم الصين شركات عملاقة مثل بايدو وعلي بابا وتينسنت.
وشارك 7 مؤسسين ومستثمرين مغامرين أسباب مقاومتهم لمبادرة 996 التي يدعو لها هاري، في حوار لهم مع شبكة سي إن بي سي.
مثلا، صرحت سارة فيرنر، المؤسسة المشاركة لشركة Husmus، أن "ما تحتاجه أوروبا حقًا ليس المزيد من الدعاية الصاخبة، بل تمويلًا أكثر جرأة".
وفي حديثه للشبكة، قال ستيبينغز إنه لم يكن مستعدًا للانتقادات التي تلقاها، وأن منشوره الأصلي لم ينطبق على الغالبية العظمى من المتفاعلين.
وقال ستيبينغز: "أعتقد أن رد الفعل العنيف هو كل ما هو خاطئ في أوروبا، نحن ننافس الشركات التي تُبنى في وادي السيليكون، والسرعة والقدرة على التحرك السريع هما أساس النجاح، وخاصةً في مجال الذكاء الاصطناعي".
وأضاف، "عندما تذهب إلى وادي السيليكون الآن، وعندما تذهب إلى الصين الآن، تجد أنهم يعملون ستة أو سبعة أيام في الأسبوع في أسرع الشركات نموًا، الأمر بهذه البساطة، لذا، إذا كنت ترغب في أن تكون شركة بقيمة 10 مليارات دولار في أوروبا، وتنافسهم، فلا يمكنك القيام بذلك في ساعات العمل من التاسعة صباحًا إلى الخامسة مساءً، من الإثنين إلى الجمعة."
ومع بناء الشركات لمنتجات أكثر أهمية، قال ستيبينغز إن المعايير أعلى مما كانت عليه في السابق.
وقال: "علينا أن نعمل بجد أكثر من أي وقت مضى لأننا نعمل على حل مشاكل أكثر أهمية من أي وقت مضى".
وفي وقت تكافح فيه الشركات الناشئة الأوروبية للحصول على التمويل في مرحلة النمو، أظهر تقرير حالة التكنولوجيا الأوروبية لعام 2024 الصادر عن شركة أتوميكو أنه منذ عام 2015، فقدت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في أوروبا ما يقرب من 375 مليار دولار من تمويل مرحلة النمو، حيث خسر المؤسسون 300 مليار دولار محتملة من الاستثمارات الأوروبية.
وقالت سارة فيرنر، من شركة هازموس، إن الشركات الناشئة الأوروبية بحاجة إلى رأس مال كافٍ للعمل بجهد دون إرهاق نفسها.
وأضافت "إذا كان فريق من 10 أفراد يبذل جهدًا كبيرًا لمواكبة شركة ناشئة أمريكية برأس مال مخاطر وتضم 50 موظفًا، أو شركة ناشئة مدعومة من الحكومة الصينية، فالمشكلة ليست في قدرتهم على التحمل، بل في رأس مالهم".
مع ذلك، عزا ستيبينغز هذا الأمر إلى ضعف التسويق، وقال إن الأوروبيين ليسوا بارعين في جمع التبرعات مقارنةً بنظرائهم الأمريكيين.
وقال "لا أعتقد أن الأمر يتعلق بنقص في الوصول إلى السيولة النقدية على الإطلاق، ومن حيث أخلاقيات العمل هناك، إذا كنت تعتقد أنك تستطيع بناء مشروع بقيمة 10 مليارات دولار والعمل خمسة أيام في الأسبوع، فأنت، للأسف، تخدع نفسك".
وأضاف أن بعض المؤسسين في أوروبا تلقوا نصائح "سيئة" في بداية حياتهم المهنية، بتضمين شرائح الخروج في عروضهم التقديمية، ووصف هاري ذلك بأنه "كما لو كنت أخطط للطلاق عندما أتزوج".
وعلى النقيض من ذلك، يتفوق الأمريكيون في سرد القصص المثيرة للاهتمام عند الترويج لأعمالهم، "أعتقد أننا في اوروبا والمملكة المتحدة تحديدا غالبًا ما نُقلّل من طموحاتنا".
996 نظام جاهل
في الوقت نفسه، أقر هاري بأن نظام العمل 996 يبقى نظاما جاهلا بعض الشيء، إذا ما وضع بالحسبان، الاهتمام بالراحة النفسية والجسدية للعاملين.
وقال ستيبينغز أن التفاني التام ضروري في السنوات الخمس الأولى - لكن هذا لا يعني التخلي عن الصحة والعافية والعائلة.
وأضاف "هناك فارق بسيط، أنا لا أقصد الانكباب على العمل بدرجة تفويت العشاء مع الأصدقاء أو العائلة أو مجرد الجلوس على مكتبك طوال اليوم، بالتأكيد لا، من المهم جدًا أن تُغلق جهازك وتقضي بضع ساعات بعيدًا عن الكمبيوتر وتكون مع أصدقائك فقط".
ويحاول ستيبينغز نفسه قضاء أكبر وقت ممكن مع والدته المريضة، المصابة بالتصلب اللويحي (MS)، بما في ذلك المشاركة في ماراثون معها كل يوم أحد، ويعود فورًا إلى العمل بعد ذلك.
لكنه أقرّ بأنه من غير الواقعي توقع أن يتبنى الموظفون الموقف نفسه.
وقال "من أصعب الأمور في إدارة شركة أنك لن تجد أبدًا من يهتم بها بقدر اهتمامك أنت، أيها المؤسس، أعتقد أنه من غير المعقول أن تتوقع منهم أن يعملوا بجد مثلك."
وصرح سورانجا تشاندراتيليك، الشريك العام في بالدرتون كابيتال، في حوار سابق مع شبكة سي إن بي سي، في يونيو/حزيران أن التركيز على ثقافة العمل الجاد في صناعة التكنولوجيا في أنه يدور حول "تعظيم العمل الشاق بدلًا من العمل الذكي"، يعد خرافة.
وقال، "كاليفورنيا بارعة جدًا في الدعايا، وهناك الكثير من الخرافات حول مفهوم الشركات الناشئة"، ويتفق ستيبينغز الآن مع هذا الرأي، ويقول إن ثقافة العمل الجاد "مُبالغ في وصفها" في الولايات المتحدة.
ودلل على ذلك بقوله "إذا دخلتَ إلى مقرّ شركة WeWork في سان فرانسيسكو الساعة السابعة مساءً، فلن تجد جميع الموظفين يعملون كما نرى في دعايا الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي، هم يُبالغون في وصف الأمر، رغم أنه ليس صحيحًا تمامًا، ولكن بالنسبة لنسبة 0.01% في وادي السيليكون، فالأمر صحيح تمامًا، فيما يخص أنهم هناك يعملون بجدّ أكبر من أي وقت مضى."
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTc5IA== جزيرة ام اند امز