"اللي عنده معزة يربطها".. كوميديا سوداء على مواقع التواصل بمصر
حالة من الجدل والسخرية سادت بين المصريين بشأن فيديو الخلاف بين أولياء أمور.
"طفل في مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي يقبل زميلته في المدرسة".. موقف عادي ويتكرر كثيرا، لا سيما في هذه السن المبكرة، ولكن فيديو مفرغا من إحدى المحادثات الجماعية بتطبيق "واتساب" تعلن فيه والدة الطفلة رفضها هذا السلوك، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، ليتحول إلى حديث المصريين.
ورغم ما أثاره الفيديو من ردود فعل غلب عليها الطابع الساخر، إلا أن آراء خبيرين في علم الاجتماع، تكشف أنه ربما تكون سخرية من المأساة، والتي تعرف باسم "الكوميديا السوداء"؛ إذ يظهر من خلاله تدنٍ في لغة الحوار، وقصور في التفكير وأساليب التنشئة والتربية لدى الطرفين.
وعرف الفيديو باسم "اللي عنده معزة يربطها"، وهي الجملة التي استخدمها والد الطفل المشكو بحقه للرد على الأم، التي بدأت الفيديو قائلة بلهجة حادة: "مش نتكلم على الخاص، لازم نتكلم على الجروب، ولازم أي أم تكون متابعة وكل الأمهات تعرف وتشوف" موجهة حديثها لوالد الطفل "عبدالرحمن" الطفل المشكو منه، رافضة أن يقوم باحتضان وتقبيل ابنتها صاحبة الـ4 سنوات على حد تعبيرها.
واستكملت في الفيديو الحديث بنبرة مرتفعة، معلنة رفضها للاختلاط بين الجنسين بالمدارس، لتؤكد أنها حريصة على تربية الأطفال والأجيال الجديدة على منع الاختلاط، وأن الضرب المبرح والتأديب البدني سلوك متبع بمنزلها في هذه المواقف، التي وصفتها بـ"غير اللائقة"، مهددة أسرة الطفل من تكرار هذا الفعل مرة أخرى مع ابنتها.
ولم يختلف رد فعل أسرة الطفل عبدالرحمن كثيرًا عن فعل والدة الطفلة، وبصوت مرتفع يقول والد الطفل: "ابني براحته.. اللي عنده معزة يربطها" في إشارة منه إلى أن تصرف ابنه صحيح، مشككًا في تربية وسلوك الطفلة.
هذه الحالة التي ظهرت بالتسجيل الصوتي، أثارت استياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، رافضين جميع العبارات والألفاظ التي ذكرت، والأسلوب المتبع من قبل أولياء الأمور.
وعن سبب الخلاف بين الشخصين، استنكر المغرودن عبر "تويتر" هذا التفكير والسلوك منهما، موضحين أن الأمر لا يستحق هذه التعبيرات، ولا يجب تحويل الموضوع من التعامل بين أطفال إلى أمر آخر.
وفي الوقت نفسه، تناول البعض الموضوع بحالة من السخرية، متداولين الكثير من صور وفيديوهات الأفلام الكوميدية المصرية والكوميكس، التي ربطوها بهذا الفيديو. كما سخر آخرون من مستوى اللغة الإنجليزية التي تحدثت به الأم، مستشهدين ببعض الجمل والعبارات من الفيديو وبعض الأفلام الكوميدية.
بعيد عن الأخلاقيات
وحول توصيف الحالة التي ظهرت بالفيديو، قال الدكتور رشاد عبداللطيف، أستاذ التنظيم المجتمعي بجامعة حلوان: "السلوكيات والعبارات المذكورة بالفيديو ليس لها علاقة بالأخلاقيات والأسلوب السليم لتنشئة الأجيال" مستنكرًا أن تصدر العبارات والجمل من أولياء أمور، خاصة أن الأديان حثت على مراعاة السلوك والآداب العامة، وأكدت على أن التربية لا تعني العنف المفرط في التعامل مع الأطفال.
وفي الوقت نفسه، أبدت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، استياءها من التصرف، مشيرة إلى أن هذه الحالة هي حالة فردية، لا تنطبق على جميع الأسر المصرية، ولا تمثل جميع فئات المجتمع المصري.
وحملت أستاذة علم الاجتماع، المدرسة المسؤولية كاملة للتعامل مع هذه الممارسات بنشر الوعي والسلوك السليم بين الأطفال بجميع المراحل التعليمية المختلفة والأهل أيضًا.
سلوك مرفوض
واتفق عبداللطيف وخضر، على أن الشخصين لم يراعا القواعد والسلوك الصحيح في التعامل والحديث، وقالت أستاذة علم الاجتماع إن النموذجين بالفيديو لا يمثلان العامة من الآباء والأمهات بمصر، واصفة الحالة بالعينة الفردية، الناتجة عن الثقافة غير المكتملة.
وأوضحت أن العبارات بالفيديو، تدل على نظام التربية السيئ المتبع في منزل الطفلين، مضيفة "الأمر بسيط لا يحتمل ردود الفعل غير المنطقية، فالقسوة والحدة واضحة بشكل كبير في حديثهما".
وعن التصرف السليم مع هذه الواقعة إذا ثبت حدوثها، اعتبر عبداللطيف، أن نشر هذه الأحاديث على مجموعة مفتوحة للدردشة بين أولياء الأمور، غير سليم بالمرة، وأن الاستعانة بأخصائي اجتماعي والتعامل بشكل علمي مع هذه الحالات، هو المطلوب، متخوفًا من أن يصبح الطفلان مسار سخرية بين زملائهما بالمدرسة، والتعرض للعديد من المشكلات بالمدرسة.
وأوضح عبداللطيف أن طريقة الأهل في هذا الموقف ربما يصبح لها تأثيرها السلبي على نفسية الأطفال. مطالبا بضرورة تقويم سلوك الأهل أولًا قبل الأبناء.