الغنوشي يعترف بعنف الإخوان.. مناورة لتفادي السقوط
أصدر زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي، الذي يتراس البرلمان بيانا اعتبره متابعون اعترافًا بعنف تنظيمه المتطرف وتورطه في زعزعة الاستقرار.
جاء في البيان، الذي صدر مساء الجمعة، إدانة لما مارسه بعض نواب كتلة "ائتلاف الكرامة" من عنف ضدّ نواب الكتلة الديمقراطية، أنور الشاهد وسامية عبو وأمل السعيدي بتاريخ 7 ديسمبر/كانون الأول الماضي
.
وقال الغنوشي ضمن اعترافه بإرهاب حركته "إنه سابقة خطيرة يجب أن لا تتكرّر".
البيان اعتبره متابعون للشأن التونسي جزء من مناورات الشيخ الثمانيني الذي يحاول تسويق صورة تتعارض مع مضمون تفكيره الإرهابي وتورطها في عمليات الاغتيالات السياسية.
ففي سابقة معبّرة عن حجم الورطة التي علق فيها تنظيم الإخوان في تونس، قدّر رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة الإخوانية أن ما أتاه حلفاء حزبه السياسيين في "ائتلاف الكرامة" ذراع الإخوان بالمجلس هو من قبيل الممارسات العنيفة ماديا والاعتداءات ذات الخطورة على عمل المؤسسة التشريعية وعلى المشهدين السياسي والوطني بأبعادهما المختلفة، بما لا يجب معه تكرّر مثل هذه السابقة السيئة في تاريخ الهيكل التشريعي والبلاد عموما.
وقد جاء في البيان أن الغنوشي أبدى تقديره هذا بعد الإطلاع على ملابسات عملية التعنيف والتهجم الجسدي التي قام بها نواب الائتلاف ضد النواب الديموقراطيين بما يدفع إلى القول بأن العملية التي تداولتها وسائل الإعلام الوطنية والدولية الرسمية والخاصة وشبكات التواصل الاجتماعي بأنواعها كانت بكل المقاييس ترهيبا وإرهابا سياسيا وفكريا وجسديا مارسه النواب المعتدون على زملائهم بالمجلس وأمام أنظار العموم عبر الكاميرات في استهتار بالغ بالقيم والأعراف والضوابط القانونية والأخلاقية.
مأزق الاخوان
يرى الكاتب السياسي بسام حمدي أن بيان الغنوشي كشف مأزقا حادا تحاول الحركة الإخوانية تفادي منزلقاته الحادة في الفترة الأخيرة، إذ بات معلوما لدى التونسيين مدى تورط الحركة "المتأسلمة "في أشكال العنف المختلفة والترهيب بأنواعه بالوسائل والطرق المتنوعة المعهود منها وغير المعروف، من أجل بسط نفوذها على الساحتين السياسية والوطنية، ومسك زمام الأمور عبر الأساليب كلها خصوصا منها استعمال حلفاء ذوي نزعات متشددة عنيفة وتسليط نعراتهم المتطرفة وآرائهم السلطوية على من يعتبرونه خصوما، غير قابلين لغير الدحر والمحق إن فكريا أم جسديا.
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "اعتراف الغنوشي بالسقطة الأخلاقية والسلوكية الكبيرة المذكورة محاولة فاشلة من زعيم تنظيم عرف بتاريخه العنيف للتملص من مسؤوليته المجتمعية والهيكلية على عشر من سنوات الدم والتكفير والتفجير والاغتيالات علمتها تونس منذ 2011."
وأوضح حمدي أن هذه السقطة مازالت تعاني تونس من تراكمها واستتباعاتها في المجالات جميعها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وهي محاولة تملص ترجمتها إدانة باردة وهمية لم يتابعها أي إجراء عقابي إن مؤسسيا أم قضائيا، رغم أن الحادثة جرت في رحاب مجلس نواب الشعب في اعتداء بيّن كذلك على رمزية المؤسسة التشريعية أول ركائز الدولة وهياكلها المؤسسة، بحسب على حد تعبيره.
ضغوط النواب
اعتراف الغنوشي المحتشم بعنف ممارسات نواب الائتلاف جاء بعد ضغوطات متعددة الاتجاهات والمصادر طيلة أكثر من شهر.
تمثلت الضغوط في تحرك النواب المتضررين والعديد من النواب من كتل أخرى لنيل دعم رئيس الجمهورية والقوى السياسية والمدنية لإدانة فعل الاعتداء ودفع المجلس ورئيسه أساسا إلى التصريح بكونه من قبيل التجاوزات ذات الخطورة على المؤسسة المشرعة والبلاد وتجربة الانتقال الديمقراطي التي تعيشها تونس.