وجدي الكومي لـ"العين الإخبارية": ورش الكتابة تطور القدرات الإبداعية
صاحب "شوارع السماء" وصف إدارته لورشة كتابة أدبية في مجال القصة القصيرة للمرة الأولى بأنها مثمرة لاكتشافه قدرات شخصية جديدة في نفسه
أدب القصة القصيرة كان العنوان الذي اجتمع في باحته عدد من محبي هذا الفن في المعهد الثقافي الألماني "جوته" بالقاهرة، الذي قام أخيرا بتنظيم مسابقة في فن كتابة القصة القصيرة تحت عنوان "قصص القاهرة القصيرة ٢٠١٨"، لدعم المواهب الشابة في مجال الكتابة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقع اختيار لجنة المسابقة على أفضل 12 قصة من المتقدمين، الذين وصل عدد طلبات ترشحهم نحو 285 طلبا، وضمن فعاليات المسابقة عقدت ورش عمل للمشاركين تحت إشراف الكاتب المصري وجدي الكومي.
وأجرت بوابة "العين الإخبارية" حوارا مع صاحب "شوارع السماء"، حول انطباعه عن المشاركة في مشروع "جوته" لتنمية مهارات القصة القصيرة، وتقييمه لأهمية ورش الكتابة الأدبية، ومواظبته على تقديم فن القصة القصيرة ضمن مشروعه الشخصي ككاتب له حضور عربي في كل من الرواية والقصة القصيرة على السواء.. وإلى نص الحوار.
ما تقييمك لتجربة "قصص القاهرة القصيرة" التي شاركت بها مع "جوته" كمدرب ومحاضر؟
هذه المرة الأولى التي أدير فيها ورشة كتابة أدبية في مجال القصة القصيرة، وكانت مثمرة لأنني تعرفت فيها على قدرات أخرى لي تتعلق بتنظيم الوقت واستغلاله ووضع بناء للتفكير في محاور متعلقة بكتابة لون أدبي معين، هو فن القصة القصيرة، إضافة لقدرات أخرى اكتشفتها في نفسي، وهي القدرة على إدارة حوار بين مجموعة من الكتّاب ومناقشة آرائهم، للوصول إلى أفضل صيغ تمكننا من الاتفاق على فكرة لمعالجة رأي سبق وطرحته، أو فرضية تتعلق بالكتابة، استفدت كثيرا بالطبع من إمكانياتي ككاتب قصة قصيرة، أكتبها وأمارسها منذ أكثر من 20 عاما، واستعرضت خلال أيام الورشة الـ9 وعلى مدار 3 أسابيع في الفترة من 22 يونيو/حزيران حتى 8 يوليو/تموز معظم القضايا الخلافية والمتفق عليها المرتبطة بالقصة القصيرة.
بالتأكيد أن أدير ورشة جوته المعروفة بـ(قصص القاهرة القصيرة) فرصة عظيمة لي ككاتب على اكتشاف جانب لم أعهده في شخصيتي، ألا وهو قدرتي على وضع بناء كبير لورشة أدبية بمحاور وموضوعات مختلفة ومتعددة، وأن أملأ بها البرنامج، الساعات النقاشية التي بلغت 8 ساعات لكل يوم لمدة 9 أيام، أي أنني خلال 72 ساعة تحدثت عن موضوعات ومحاور وقضايا تخص فن القصة القصيرة، ووفقني الله أن أملأ هذه الساعات بقضايا أفادت المشاركين، حسب علمي.
بماذا ترد على فريق يعتبر أن الأدب موهبة في المقام الأول وأن ورش الكتابة لا تصنع أديبا؟
الكتابة مثل أي نشاط إنساني، لا يمكن أن يكون هناك اتفاق على كيفية أداء هذا النشاط بكيفية واحدة، بل إن تطور هذا النشاط الإنساني يفرض علينا أن نقنع أنفسنا أن الطرق القديمة ليست الوحيدة الصالحة لأداء هذا النشاط، وأن هناك طرقا جديدة يمكنها أن تطور منّا، وبالكيفية ذاتها، الفارق بين كاتب وكاتب هو نفسه الفارق بين حرفي يطور نفسه وأدواته، وآخر قنع وثبت عند الكيفية نفسها التي يمارس بها حرفته، لنضرب مثالا على كلامي بنقّاش يشاهد آخر التقاليع في دهان أسقف البيوت، ويتعلم باستمرار الرسم على الحيطان، ولا يكتفي فقط بإجادة "الاستوك" أو "الثري دي"، بل يحاول جاهدا أن يخبر عملاءه أن بوسعه رسم جداريات على حيطان المنازل وغرف النوم، ونقاش آخر كل ما يجيده هو العمل على جدار مستوٍ، وصنع بطانة من معجون النقاشة وخلط الألوان، ودهان البيت وفقط.
أظن أن ورش الكتابة شيء أقرب إلى هذا، هي لا تمنح الكاتب غير الموهوب موهبة من السماء، لكنها تساعد الموهوبين على تطوير قدراتهم الإبداعية، واستنفار حواسهم، وإثارة خيالهم، ورش الكتابة بوسعها أن تساعد الكاتب على أن يتدرب على المزيد والمزيد من التقنيات، هو بالفعل لديه القدرة على الكتابة، ولكن ينقصه حيل أخرى، وينقصه كاتب أكثر منه خبرة يلفت انتباهه إلى عوالم أخرى قادرة على أن تساعده على تنشيط إلهامه، وكذلك يساعده على تخطي عقبات في مهنة الكتابة، مثل سدة الكتابة أو الـ"رايتينج بلوك".
بمطالعتك القصص التي قدمها المشتركون، ما أبرز الموضوعات التي تغلب على كتاباتهم؟
كنت متصورا أن الجيل الجديد من الكتاب غير مهموم إلا بأن يكتب كتابة أقرب للـ"بيست سيللر"، ليتحقق بسرعة، لكنني كنت مخطأ، ما أفادني حقا خلال هذه الورشة أنني تعرفت على مجموعة من الكتاب "12 كاتبا" مهمومون بقضايا إنسانية واجتماعية مثيرة، وشاغلهم في المقام الأول ليس "البيست سيللر" أو النجاح السريع بالعكس، التجويد، والعمل على القضايا الإنسانية، والحالات المصرية، تعرفت على كتاب مصريين حتى النخاع، متشربين بأدبنا وتراثنا المصري والعربي، كتاب أصلاء، أي تنضح كتاباتهم بأصالة معرفية ثقيلة، وسرني جدا أن الكثير منهم لم يلق إرث القصة المصرية وراء ظهره، يوسف إدريس ونجيب محفوظ وخيري شلبي من بين الأسماء التي اتخذها بعضهم ليقودهم في مشروعه القصصي والأدبي.
الشغف لفن القصة القصيرة لا يفارق مشروعك، ودائما تواظب عليه رغم إنجازك الروائي، لماذا ينحاز الكثيرون للرواية مع تقدمهم في مشوارهم الأدبي على حساب القصة القصيرة؟
هذا يعود لمشكلات التعاطي مع هذا اللون الأدبي (القصة القصيرة) في الوسط الثقافي المصري، لأن نشر القصة القصيرة يتم على أضيق نطاق، أما الرواية فهي مرحب بها دائما، ولهذا تحظى الرواية بمساحات للنشر والانتشار على حساب القصة.
بعد "شوارع السماء" هل يكون جديد وجدي الكومي رواية أم مجموعة قصصية جديدة؟
كنت أظن أنني بصدد نشر عمل روائي، ولكن تأخر نشرها لظروف عديدة، وربما يكون عملي القادم مجموعة قصصية جديدة، فكما كنت أدفع المشاركين إلى كتابة أعمال قصصية خلال الورشة، وكذلك تمرينات كتابية، كنت أكتب أنا أيضا وأشاركهم العمل، ربما أعمل على مجموعة قصصية قريبا، لكنني لا أجزم بموعد صدورها.
aXA6IDMuMTQwLjE5Ni41IA== جزيرة ام اند امز