حرب المدن.. سلاح داعش لاستنزاف حكام أفغانستان الجدد
بعد أكثر من شهر بقليل على تسلم حركة طالبان السلطة في كابول يواجه قادة الحركة، الذين أصبحوا حكام أفغانستان الجدد، أعداء في الداخل.
وهؤلاء الأعداء يتبنون الكثير من أساليب حرب المدن التي استخدمتها الحركة نفسها في حملة ناجحة من قبل.
وسلط هجوم مميت عند مطار كابول الشهر الماضي وسلسلة تفجيرات في مدينة جلال أباد بشرق أفغانستان الضوء على ما يواجهه استقرار البلاد من تهديد من جانب جماعات مسلحة عنيفة لا تزال تعارض طالبان.
وقد أعلن فرع محلي لتنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم والتفجيرات.
تهوين من طالبان
وبينما هون ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان، من شأن هذا التهديد قائلا هذا الأسبوع إنه ليس لتنظيم داعش وجود فعال في أفغانستان، فإن قادة ميدانيين لم يستخفوا به.
وقال عضوان في أجهزة مخابرات تابعة للحركة حققا في بعض الهجمات التي وقعت في الآونة الأخيرة بجلال أباد إن تلك الأساليب أظهرت أن التنظيم ما زال يمثل خطرا حتى لو لم يكن لديه عدد كاف من المقاتلين والموارد للاستيلاء على مساحات من الأراضي.
واستهدفت الهجمات باستخدام قنابل لاصقة، وهي قنابل ممغنطة عادة ما تُلصق أسفل السيارات، أعضاء طالبان بنفس الطريقة التي استخدمتها الحركة نفسها لاغتيال مسؤولين.
وقال أحد مسؤولي مخابرات طالبان: "نشعر بقلق إزاء تلك القنابل اللاصقة التي استخدمناها يوما لاستهداف أعدائنا في كابول. نشعر بقلق على قيادتنا لأنه يمكنهم استهدافهم لو لم يتم السيطرة عليهم".
وظهر تنظيم داعش في خراسان، وهو الاسم المأخوذ من الاسم القديم للمنطقة التي تضم أفغانستان الحديثة، أواخر عام 2014 لأول مرة.
لكن نفوذه تراجع من ذروته عام 2018 بعد سلسلة من الخسائر الفادحة التي ألحقتها به كل من طالبان والقوات الأمريكية.
وقالت قوات أمن طالبان في إقليم ننكرهار إنها قتلت ثلاثة من أعضاء تنظيم داعش ليل الأربعاء.
وأكد مسؤولو مخابرات أن تنظيم داعش لا تزال لديه القدرة على إثارة اضطرابات من خلال شن هجمات صغيرة.
وأضاف أحدهم: "هيكلهم الأساسي مفكك وهم الآن منقسمون إلى مجموعات صغيرة تشن هجمات".
تجفيف التمويل
ومرارا قالت حركة طالبان إنها لن تسمح باستخدام أفغانستان قاعدة لشن هجمات في دول أخرى.
لكن بعض المحللين الغربيين يعتقدون أن عودة الحركة للسلطة نشّط مجموعات مثل تنظيمي داعش والقاعدة التي جعلت أفغانستان قاعدة لها أثناء حكم طالبان للبلد قبل 20 عاما.
وقال روهان جوناراتنا، أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة نانيانج التكنولوجية في سنغافورة: "في أفغانستان، تمثل عودة طالبان انتصارا كبيرا للإسلاميين. لقد احتفلوا بعودة طالبان، لذا أعتقد أن أفغانستان هي المسرح الجديد".
ويُعتقد أن تنظيم داعش الإرهابي في خراسان يجتذب العديد من مقاتليه من صفوف طالبان أو النسخة الباكستانية من طالبان، المعروفة باسم حركة طالبان باكستان، لكن الكثير من الطريقة التي يعمل بها ما زالت غير مفهومة.
فقد حارب طالبان للسيطرة على طرق التهريب وعلى فوائد اقتصادية أخرى لكنه يدعم كذلك خلافة عالمية تقوم على أساس الشريعة الإسلامية، على عكس طالبان التي تصر على أنها لا تهتم بأي مكان خارج أفغانستان.
ويحدد معظم المحللين، والأمم المتحدة أيضا، قوام تنظيم داعش في خراسان بأقل من 2000 مقاتل، مقارنة بما يصل إلى 100 ألف مقاتل تحت تصرف طالبان.
وزاد عدد مسلحي داعش في خراسان مع إطلاق سراح السجناء عندما فتحت طالبان سجون أفغانستان خلال اجتياحها للبلاد.
ويفيد تقرير أصدره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في يونيو/ حزيران الماضي بأن الروابط المالية واللوجستية لتنظيم داعش في خراسان مع التنظيم الأساسي في سوريا قد ضعُفت على الرغم من أنه ما زال يحتفظ ببعض قنوات الاتصال.
وقال التقرير: "يُعتقد أن دعم التمويل لفرع خراسان من المنبع قد جف بشكل فعال".
ومع ذلك أضاف التقرير أن علامات حدوث انقسامات داخل طالبان، والتي بدأت بالفعل في الظهور، يمكن أن تشجع مزيدا من المقاتلين على الانشقاق بينما تحاول حركة التمرد في زمن الحرب إعادة تقديم نفسها في صورة إدارة في وقت السلم.
وقالت الأمم المتحدة إن التنظيم "لا يزال نشطا وخطيرا لا سيما إذا كان قادرا على تجنيد مقاتلي طالبان الساخطين وغيرهم من المقاتلين لتعزيز صفوفه، من خلال تقديم نفسه على أنه المجموعة الرافضة الخالصة الوحيدة في أفغانستان".
aXA6IDMuMjEuMTU5LjIyMyA=
جزيرة ام اند امز