تحالف الشر يدق طبول الحرب بليبيا.. تحرك مصري يربك مخططاته
دلائل تشير إلى أن مخططات محور الشر كان يعد لها خلال اجتماع وزراء دفاع وداخلية قطر وتركيا وحكومة السراج للتصعيد العسكري في ليبيا
أربكت موافقة البرلمان المصري على إرسال قوات من الجيش بمهمات قتالية خارج حدود الدولة، مخططات كان يُعد لها خلال اجتماع في أنقرة لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار ونظيره القطري خالد العطية ووزير داخلية حكومة الوفاق الليبية غير الدستورية فتحي باشاغا.
وثمة عدة دلائل تشير بشكل واضح إلى أن تلك المخططات، التي كان يعد لها خلال اجتماع وزراء تحالف الشر، تدور في فلك التصعيد العسكري في ليبيا، واستفزاز مصر وتهديد أمنها القومي، والعبث بأمن واستقرار المنطقة.
أولى هذه الدلائل أن هذا الاجتماع الذي عقد الإثنين، جاء بعد يوم واحد من زيارة وزير الدفاع التركي إلى قطر، الأحد، ولقائه أمير قطر تميم بن حمد، وسط ترجيحات أن مباحثات الجانبين الذي تصدرها الملف الليبي، تم خلالها بحث أمرين رئيسيين، هما تولي الدوحة مهمة توفير ونقل مرتزقة لليبيا، بعد تزايد الانتقادات الدولية لقيام تركيا بإرسال مرتزقة من سوريا.
وكانت زيارة أكار المفاجئة إلى قطر قد جاءت غداة إصدار وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون) تقريرا يكشف أن تركيا أرسلت ما بين 3500 و3800 مرتزق إلى ليبيا لدعم مليشيات فايز السراج، الأمر الذي يمثل إحراجا دوليا لأنقرة.
الأمر الثاني هو بحث التعامل مع رسائل الردع المصري وتداعيات أي خطوات لتوسيع العدوان في الفترة القادمة في ظل تفويض البرلمان والقبائل لمصر بالتدخل لدحر العدوان التركي وارتفاع التكلفة السياسية والمادية والعسكرية المتوقعة في حال تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها القاهرة.
وغداة اجتماع آكار- تميم أرسل الأخير وزير دفاعه لأنقرة، في الوقت الذي استدعت فيه تركيا وزير داخلية حكومة السراج غير الدستورية، وهو ما يعني أن اجتماع وزراء تحالف الشر يستهدف تقييم مسألة التصعيد العسكري على 3 أوجه، هي الميداني والعسكري والمالي.
سلسلة اجتماعات.. وقلق متزايد
ثاني تلك الدلائل أن الاجتماع الثلاثي لوزراء تحالف الشر سبقه سلسلة اجتماعات ثنائية جمعت وزيري دفاع قطر وتركيا، وآخر جمع العطية مع باشاغا، وثالث جمع باشاغا مع آكار، وهو ما يشير بشكل واضح إلى قلق متنامي في أوساط حالف الشر من جانب.
كما يُنبئ أيضا بخطورة ما يتم الاتفاق عليه، وأهمية التنسيق بين الأطراف الثلاثة ، سواء على الصعيد الثنائي أو الجماعي بشأن الخطوات القادمة.
أما الدلالة الثالثة فتتمثل في الاجتماع جاء في ظل تسريبات إعلامية من تحالف الشر عن إعداد العدة للتصعيد العسكري، وفي هذا الصدد أشارت وسائل إعلام تركية رسمية إلى أن ميلشيات طرابلس تواصل حشد مزيد من القوات في جبهة سرت، من مختلف المدن والمناطق، استعدادا للهجوم في حال فشل المفاوضات الجارية.
وحاولت الوكالة التركية الحكومية التشكيك في إمكانية التدخل العسكري المصري في ليبيا، مستندة على تقييم مضلل بشأن تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال لقائه مشائخ القبائل الليبية قبل أيام، والذي تحدث عن أهمية تحقيق السلام في ليبيا عبر "الحل السياسي"، مع إغفالها عمدا عن تحذيراته المتكررة بشأن مغبة تجاوز خط سرت الجفرة، الذي اعتبره الرئيس السيسي خطا أحمر.
رسائل مهمة من مصر
بالتزامن مع تلك التحركات والمخططات، تم الإعلان عن موافقة البرلمان المصري بالإجماع على إرسال عناصر من القوات المسلحة في مهام قتالية خارج حدود البلاد.
وقال البرلمان في بيان له، إن هذه القوات تهدف للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي ضد أعمال المليشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات.
وقد أربكت تلك الموافقة كل مخططات تحالف الشر بالتصعيد، وبعثت لهم برسالة واضحة أن تجاوزهم الخطوط الحمراء التي رسمها السيسي، وحظيت بتأييد شعبي وعربي ودولي، تعني أن مغامرتهم في ليبيا لن تكون نزهة لهم وأن محاولتهم العبث بالأمن القومي المصرية سيدفعون ثمنها.
وجاء قرار البرلمان ضمن دبلوماسية السياسة المصرية في التعامل مع الملف الليبي وفق مسار متدرج للدفع بحل سياسي للأزمة، في إطار خطوط حمراء، رسمتها القاهرة لمنع العبث بأمنها القومي، والحفاظ على الأمن الليبي.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رسم الخطوط الحمراء في ليبيا حين قال، في يونيو/حزيران الماضي، إن "سرت والجفرة خط أحمر" ، فيما جاء قرار البرلمان بالموافقة على إرسال قوات إلى خارج البلاد، مكملا لرؤية القاهرة بعد إصرار وتعنت أنقرة، واتجاه تحالف الشر لتجاوز الخطوط الحمراء.
وفي إطار هذا المسار المتدرج، كانت هناك 3 خطوات بارزة، الأولى هي إطلاق المبادرة المصرية، الرامية إلى حل الأزمة في ليبيا في 6 يونيو/حزيران الماضي.
الخطوة الثانية كانت رسائل مباشرة وحاسمة من الرئيس السيسي لوح فيه أثناء زيارته المنطقة الغربية العسكرية القريبة من الحدود الليبية 20 يونيو/حزيران الماضي بإمكانية التدخل العسكري في ليبيا، لحفظ أمن واستقرار الدولتين، مشددا على أن أي تدخل من الجانب المصري في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية الدولية، خاصة مع مواصلة دول خارجية تسليح ميليشيات متطرفة، مشيرا إلى أن سرت والجفرة خط أحمر.
الخطوة الثالثة هي لقاء الرئيس السيسي ومشايخ وأعيان القبائل الليبية، في 16 يوليو/تموز الجاري، وهو اللقاء الذي كان بمثابة رسالة تأكيد للمجتمع الدولي بشرعية الموقف المصري وتدخله لحماية الأمن القومي والعربي.
وأعرب مشايخ وأعيان القبائل الليبية في لقائهم مع السيسي عن تفويضهم للجيش المصري للتدخل في ليبيا إذا دعت الضرورة، وذلك بعد يومين من إعلان البرلمان الليبي ترحيبه بتضافر الجهود البلدين لدحر "المحتل التركي".
ومن هنا تأتي أهمية قرار البرلمان المصري، لإعادة ضبط التوازن المفقود داخل ليبيا منذ التدخل التركي السافر قبل عدة أشهر لدعم مليشيات طرابلس، ووحماية الأمن القومي لكل من مصر وليبيا في ظل سعي تركيا وقطر إلى تحويل هذا البلد إلى محطة للجماعات الإرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار في مصر والمنطقة.
aXA6IDE4LjIyMS4xMDIuMCA= جزيرة ام اند امز