يتامى الحروب.. صرخة حقوقية ليبية انتصارا لـ"الضلع الأضعف"
عانت ليبيا خلال السنوات العشر الأخيرة من حروب متتالية سقط فيها آلاف القتلى، وخلفت آلاف الأيتام الذين باتوا "الضلع الأضعف" في البلاد.
وتفتقر ليبيا إلى أعداد رسمية للأيتام مبنية على دراسة حقيقية من قبل المؤسسات المعنية، وفقا للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا.
وتقول اللجنة في تقرير لها بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الحروب، إن الإحصاءات الصادرة عن مؤسسات المجتمع المدني المعنية بشؤون الطفل، تتحدث عن وجود ما يقارب من 120 ألف يتيم في عموم البلاد.
وأضافت أن غياب الأرقام الدقيقة حول الأيتام في ليبيا دليل على عدم وجود اهتمام بالأيتام وعدم إعطائهم أولوية من المؤسسات الرسمية رغم وجود ما يقارب 10 دُور لرعاية الأيتام في البلاد تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية وصندوق التضامن الاجتماعي، ولكن الموجودين فيها نحو 300 يتيم، أما بقية الجهود فهي تحسب لمنظمات المجتمع المدني.
وعزت اللجنة ومؤسسات المجتمع المدني سبب ارتفاع أعداد الأيتام إلى ما تشهده ليبيا من حروب وأزمات وإرهاب وكوارث أدّت إلى فقدان أركان الأسرة وهما الأب أو الأم أو الاثنين معا، ومن ثمّ بات الأيتام حصيلة ما حدث وما يحدث.
أوضاع الأيتام
ويعيش أيتام ليبيا بفقر مدقع، بعدما فقدوا المعيل، بالتزامن مع تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب البطالة والفقر في البلاد.
وتقول اللجنة الحقوقية إن الأطفال الأيتام هم أبرز ضحايا الحروب، ويكوّنون الفئة المهمشة في المجتمع، التي تعاني ويلات الفقر والعوز الاجتماعي والاقتصادي والنفسي والتعليمي.
وأردفت أن أيتام ليبيا لديهم احتياجات نفسية وتربوية ومادية وتعليمية، فالطعام والملابس ليس كل ما يحتاج إليه هؤلاء الأطفال.
استغلال الأيتام
حذّرت اللجنة من قيام بعض الجهات باستخدام الأيتام لوسائل إعلامية وأغراض شخصية لاستدرار تعاطف الناس، وكسب مبالغ طائلة باسمهم.
وقالت إن الأطفال النازحين هم الأكثر تعرضا للتهميش والمتاجرة بمعاناتهم وفقدان أجمل سنوات عمرهم داخل المخيمات ومناطق النزوح، وبعضهم بلا وثائق ثبوتية بسبب تعرضها للحرق أو الضياع في زمن الحرب.
وكشفت أن هناك أعداد تراكمية غير واضحة ترصدها منظمات المجتمع المدني وتحاول أرشفتها من أجل الوقوف على الأعداد الحقيقية لهم.
لا حياة كريمة
وأعربت اللجنة عن أسفها لرصد حالات لأطفال وهم يبحثون عن لقمة العيش وسط القمامة في مشهد يتكرر دوما على أرض الواقع وتوثقه وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة: "أصعب شيء أن يسلب الطفل حقه بالعيش الطبيعي والحصول على متطلبات الحياة البسيطة".
وأوصت اللجنة بإيواء الأيتام ورعايتهم باعتبار أن الأطفال هم اللبنة الأساسية للمجتمع، ولا يمكن بناء مجتمع من دون الاهتمام بهم، واستحداث التشريعات والقوانين الضامنة لحقوقهم.
وطالبت اللجنة بتوجيه مؤسسات الدولة بالقيام بواجباتها تجاه رعاية وحماية الأيتام وتوفير الحياة الكريمة من سكن ومورد عيش وتعليم وصحة.
كما دعت إلى التعاون مع مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني من أجل هذا الدور.
تداعيات مستقبلية
وحذرت اللجنة من تداعيات خطيرة اجتماعية ونفسية تترتب على إهمال اليتامى، مشيرة إلى أن الشريعة الإسلامية تحض على كفالة اليتيم، وتوفير البيئة النفسية والاجتماعية الصحية اللازمة له، كي ينمو نموا سليما وطبيعيا، ويكون فردا إيجابيا ومتفاعلا ومنتجا في هذا المجتمع.
وأكدت أن مسارات خطيرة ومهلكة تنتظر اليتيم في ليبيا إذا لم يحظ بالاهتمام المناسب.
ودعت اللجنة مؤسسات الدولة إلى توفير البيئة المناسبة الصحية من الناحية النفسية والاجتماعية والاقتصادية للأيتام كي ينشأوا بشكل سليم يخدم المجتمع ولا يكونوا عبئا على الدولة ومؤسساتها.
ويحتفي العالم في 6 يناير/ كانون الثاني من كل عام باليوم العالمي ليتامى الحروب، ويعود هذا الإعلان إلى المنظمة الفرنسية "نجدة الأطفال المحرومين" SOS، وهي منظمة إنسانية غير حكومية تهتم بأحوال الأطفال، خاصة أولئك الذين يحتاجون إلى الحماية من جميع أشكال الإساءة، ومقرها في العاصمة الفرنسية باريس.