حبوب التفوق قد تدمرك.. تحذير من إساءة استخدام أدوية فرط الحركة

بينما كانت أدوية اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه،تُعتبر طوق نجاة، تتزايد اليوم المخاوف من مخاطرها، لا سيما مع تزايد معدلات استخدامها.
وتروي جوان، 55 عاما، من مقاطعة هامبشاير البريطانية، قصتها مع ابنها بيتر، الذي تم تشخيصه باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في سن الثانية عشرة، ووُصف له دواء "ريتالين" المعروف بتحسين التركيز وتقليل النشاط المفرط. وتقول والدته: "في البداية، كان الدواء بمثابة نعمة، فقد تحسن تركيزه وتوقف عن القفز والتصرف بانفعالية".
ولكن بعد خمس سنوات، تغير الحال، فبيتر، الذي يبلغ اليوم 17 عاما، لا يزال يتناول الدواء يوميا، لكنه لم يعد الشاب "السعيد والمنفتح" كما كان.
تقول والدته لموقع "ديلي ميل": "يبدو حزينا ومنعزلا، ويعاني من اضطرابات النوم ويقضي الليالي مستيقظًا حتى الثالثة غجرا، كما أن شهيته للطعام شبه معدومة".
ويعبّر بيتر بدوره عن فقدانه للحافز والرغبة في المنافسة الرياضية، لكنه يخشى التوقف عن الدواء خوفًا من تدهور مستواه الدراسي مع اقتراب امتحانات.
تحذير من الآثار الجانبية
ومع أن الأدوية مثل "ريتالين" و"كونسيرتا" أثبتت فعاليتها في تحسين التركيز وتنظيم السلوك لدى ملايين المصابين بالأضطراب، إلا أن خبراء يحذرون من آثارها الجانبية التي قد تشمل فقدان الشهية، الأرق، تقلب المزاج، وفي بعض الحالات النادرة، مشكلات قلبية.
ووفقًا لبيانات هيئة الخدمات الصحية البريطانية ، فإن عدد المستخدمين لتلك الأدوية تجاوز ربع مليون شخص في بريطانيا، في وقت تتزايد فيه وصفات العلاج بنسبة 18% سنويا بين عامي 2019 و2024.
وتشير دراسات نُشرت مؤخرًا في مجلة "جاما سيكتري" إلى أن تناول دواء "ميثيلفينيديت" قد يزيد خطر الإصابة باضطرابات القلب بنسبة 10% خلال الأشهر الستة الأولى من الاستخدام، إلى جانب ارتفاع الضغط وتزايد معدل ضربات القلب.
الأمر لا يقتصر على المرضى المشخصين، بل امتد إلى طلاب يشترون الأدوية عبر الإنترنت لتحسين التركيز قبل الامتحانات، رغم عدم معاناتهم من الاضطراب، أو يعانون من أعراض مشابهة ناتجة عن الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يُطلق عليه البعض "اضطراب فرط الحركة وتشتيت الانتباه الزائف".
ويحذر الأطباء من الاعتماد على الاختبارات الذاتية عبر الإنترنت لتشخيص هذا الاضطراب، مشددين على أهمية الفحص من قبل مختص نفسي معتمد.
وعلى الرغم من أن العلاج الدوائي قد يُشكل بداية مهمة للتحسن، إلا أن الخبراء يوصون بدمجه مع علاجات سلوكية مثل العلاج المعرفي السلوكي، بهدف دعم المصاب في بناء عادات صحية طويلة الأمد، تمكنه من الاستغناء عن الدواء مستقبلاً.
وتختم جوان حديثها بحسرة: "أحيانا أتمنى لو لم نوافق على إعطاء ابننا هذا الدواء، فالكلفة النفسية والصحية باتت تفوق الفوائد".