توجد أدلة على وجود سلاسل إمداد للإرهابيين على ساحل غرب أفريقيا وأنهم يستغلون الدول الساحلية الأفريقية لجمع المؤن ونقلها وتوزيعها.
في مطلع شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، عُقدت ندوة بعنوان: الأمن في غرب أفريقيا.. الدروس المستفادة من عدم الاستقرار في منطقة الساحل. وكانت الندوة من تنظيم كل من البيت الأفريقي، وهي هيئة تابعة لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإسبانية ومركز كوفي عنان الدولي لحفظ السلام (KAIPTC، غانا).
ولعل الجزء الأهم في هذه الندوة البحثية هو أنها جمعت بين خبراء أفارقة ونظرائهم الإسبان عن بعد لتبادل الآراء في آنٍ واحد حول الأمن في غرب أفريقيا، حيث تطرقوا إلى عوامل عدم الاستقرار في منطقة الساحل، في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ولكن أيضاً سلطوا الضوء على تصاعد العنف في البلدان الساحلية الجنوبية وغانا وبنين وتوغو وساحل العاج على وجه التحديد.
لا شك أن أفضل طريقة لمعرفة المشكلات المحلية هي أن يتم نقلها بواسطة أشخاص من المصدر، أي الذين عايشوها ويفهمون ماهيتها، مما قد يسهل مهمة المتخصصين في مجال الأمن لاتخاذ قرارات صائبة.
وبفضل هذا الاجتماع، وصلت إلى علم الخبراء دعوات تحذيرية حول تمدد الإرهابيين إلى دول الساحل الجنوبي وغانا وبنين وتوغو وساحل العاج. ويشير، سامبسون كواركي، الباحث الأول في مركز ISS Africa، إلى وجود مؤشرات على هجرة عناصر الجماعات الإرهابية إلى هذه البلدان. وذكر كواركي أنه توجد أدلة على وجود سلاسل إمداد للإرهابيين على ساحل غرب أفريقيا وأنهم يستغلون الدول الساحلية الأفريقية لجمع المؤن ونقلها وتوزيعها.
واستطرد كواركي قائلاً "أن الدراجات النارية التي يستخدمها الإرهابيون يتم تهريبها من نيجيريا عبر شمال بنين إلى بوركينا والنيجر". وبخصوص قوافل الماشية التي تنطلق من داخل القارة (الساحل) إلى البلدان الساحلية (خاصة غانا وساحل العاج)، فإنها تُستعمل لتمويل الإرهابيين بشبكة واسعة تبدأ ببيع الماشية ليتم توجيه عائداتها لشراء الوقود والأسلحة والإمدادات الأخرى.
وتمتلك جميع هذه البلدان الساحلية ثروات معدنية هائلة، ومع انتشار طرق التعدين التقليدية، تظل الجماعات الإرهابية هي المسيطرة على هذا المجال. ويسلط الباحث الضوء على ازدهار تجارة تهريب الأسمدة التي تستخدم لتصنيع المتفجرات.
وأخيراً، يطلب الباحث أن يتم إيلاء اهتمام خاص لسلاسل التوريد التي تمتد من الساحل الأفريقي إلى البلدان الداخلية. وفي حالة ما إذا تم قطعها، قد يؤدي ذلك إلى هجمات إرهابية تستهدف المراكز الحدودية، والأكثر تعقيداً هو أنه توجد مجتمعات محلية تعتمد في كسبها للعيش على هذه الإمدادات.
إن كل ما يحدث في منطقة الساحل وغرب أفريقيا ليس جديداً. فقبل عشر سنوات، كان بإمكاننا أن نشاهد بمنجم للألماس في سيراليون عناصر تنظيم القاعدة المكلفين بالأمن لحراسة المنجم، بينما ينتمي تجار الماس إلى حزب الله. هل هناك خطر وشيك؟ يكمن الخطر في أن هذا التوازن القائم حتى الآن كان مع جماعة القاعدة الإرهابية. ومع صعود نجم داعش، الذي لا يتوقف عن الضغط في غرب أفريقيا، أصبح التنظيم الإرهابي يستخدم تلك الوسائل والطرق ذاتها، وهو ما يعني أن هذا التفاهم سينتهي، وأن المنطقة ستشهد الانهيار ومزيد من عدم الاستقرار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة