يبدو أن الرعب بات يسيطر بالفعل على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على خلفية فوز المرشح "الديمقراطي" جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أُجريت مؤخراً
حيث لم يتوقف منذ أن هنأه بفوزه يوم العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عن إجراء مناوراتٍ فاشلة وغير كافية لمخاطبة أنصاره في الداخل وحلفاء بلاده في الخارج.
وتعمّد أردوغان إلى اللجوء في أولى مناوراته الداخلية والخارجية معاً، للتعهّد بتطبيق إصلاحاتٍ قضائية وقانونية واقتصادية سريعة، وجاء هذا الإعلان بعد 5 أيامٍ فقط من تهنئته لبايدن، الذي سبق وأن أعلن في إحدى المرات عن عدائه للرئيس التركي. وأراد الأخير من خلال تلك المناورة توجيه رسالة واضحة للإدارة الجديدة في واشنطن مفادها أنه مستعد لتقديم التنازلات كعادته بعد عنادٍ طويل مقابل بقائه في السلطة.
وكذلك أراد من خلال تلك المناورة المزدوجة باعتبارها موجهة للداخل والخارج في آنٍ واحد، التخفيف من حدّة توتر الأجواء في بلاده بعد حربٍ شرسة يقودها منذ سنوات ضد معارضيه ومنتقديه من الصحافيين والأكاديميين وقادة الأحزاب، خاصة أعضاء حزب "الشعوب الديمقراطي". وقد تلا ذلك مطالبات من كبير مستشاره السابق بولنت آرنتش، بإطلاق سراح الرئيس المشارك الأسبق للحزب، صلاح الدين دمّيرتاش، وعثمان كافالا رجل الأعمال والحقوقي المعروف. وكلاهما محتجزان منذ سنوات بتهمة "الإرهاب".
لكن الرئيس التركي رفض طلب كبير مستشاره فوراً وأجبره على تقديم استقالته، وهو بذلك أراد أن يقول لواشنطن إنه من الممكن الإفراج عن كلا المعتقلين ولكن ليس الآن وإنما مع قدوم بايدن. وبالتالي، التضحية بالإفراج عنهما لتحسين صورة بلاده المتدهورة في مجال حقوق الإنسان، وفي كل المجالات الأخرى.
أما الهدف الثاني، من مناورة أردوغان تلك، فهو السعي للتمسّك بشعبيته التي تتدهور كلّ يوم جراء سياساته الاقتصادية الفاشلة، والتي أوصلته لأن يجرّد صهره بيرات ألبيرق من كلّ مناصبه الرسمية، حيث استقال من منصبه كوزيرٍ للمالية مطلع الشهر الماضي. وكذلك استقال ألبيرق قبل أيام من "صندوق الثروة" التركي، وربما يطرده أردوغان أخيراً من حزبه أيضاً مقابل التقرّب من بايدن بعد وصوله إلى البيت الأبيض بعد أقل من شهرين. وفي الوقت عيّنه يكسب أنصاره الذين بدؤوا يشعرون بخيبة الأمل من جديد، مع فشله في تحسين الظروف الاقتصادية.
وبالتالي، كل ما يقدم عليه أردوغان في الوقت الحالي، ليس إلا مناورة فاشلة يحاول من خلالها التقرّب من الإدارة الأمريكية الجديدة خاصة وأنه يدرك جيداً أن "الديمقراطيين" عادة ما يلجؤون إلى قضايا الأقليات. وقد أعلن بايدن بنفسه عن تأييده لحقوق الأكراد والمعارضة التركية نهاية العام الماضي، وهذا ما يضع الرئيس التركي في موقفٍ محرج إذا ما دعم الرئيس الأمريكي الجديد بالفعل المعارضة التركية والأكراد.
لذلك أمام أردوغان شهرين عصيبين، سيغيّر فيهما الكثير داخلياً وخارجياً، مقابل أن يكون مقرّباً من إدارة بايدن، خوفاً من دعم الأخير لخصومه الحاليين، فحصول هذا الأمر يعني نهايته وخروج حزبه الحاكم من السلطة إلى الأبد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة