سياسة
أمريكا تجدد طوارئها في العراق وسوريا.. الأسباب والدلالات
في تطور لافت يمكن أن يعيد تراتبية الصراع في المنطقة، وقع الرئيس الأمريكي، جو بايدن مرسوما يمدد حالة الطوارئ الوطنية في العراق وسوريا.
وحسب بيان نشر على موقع البيت الأبيض، فإن بايدن وقع قراراً بتمديد حالة الطوارئ فيما يخص العراق وسوريا لمدة عام.
وأضاف البيان: "لا تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في البلاد".
وتابع أن "هذه العقبات تشكل تهديدا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق والولايات المتحدة الأمريكية أيضا، لذلك، قرر الرئيس الأمريكي أنه من الضروري استمرار حالة الطوارئ الوطنية المعلنة بموجب الأمر التنفيذي 13303 فيما يخص استقرار العراق".
وفي 22 مايو/أيار 2003، وبموجب الأمر التنفيذي 13303، أعلن الرئيس الأمريكي حينها، جورج دبليو بوش، حالة طوارئ وطنية للتعامل مع التهديد غير العادي للأمن القومي والسياسة الخارجية.
وفرضت الولايات المتحدة بموجب ذلك الأمر، عقبات أمام إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة وحفظ السلام والأمن في البلاد، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية فيه.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أصدر قراراً في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، يفرض بموجبه حالة الطوارئ الوطنية في سوريا، ومن ثم عاد بعد عام لتمديده مرة أخرى بذريعة الهجمات التركية في الشمال السوري والتي من شأنها تقويض الجهود الرامية لمواجهة تنظيم "داعش".
طوارئ أمريكية.. في العراق
ورغم مرور أكثر من 18 عاماً على اسقاط نظام صدام حسين عبر التدخل العسكري للولايات المتحدة، فإن العراق يعيش حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار على مستويات عدة من بينها السياسة والأمن والاقتصاد.
وسجل العراق منذ عام 2003 وحتى الآن، العديد من الأحداث الهامة والخطيرة التي تركت أثارها على حاضره السياسي والأمني بينها التنظيمات الإرهابية بدءاً من تنظيم القاعدة واحتلال المدن من قبل تنظيم داعش قبل 7 سنوات إضافة إلى الحرب الطائفية التي اندلعت عام 2006، واستمرت قرابة العامين.
ويثير قرار الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، الخاص بإعلان حالة الطوارئ الوطنية موضوع بقاء القوات الأجنبية وقواعد التحالف الدولي في العراق وجدولة انسحابها والتغييرات التي يمكن أن تطرأ على طبيعة المهام الموكلة لها.
ويرى المحلل السياسي، نجم القصاب، أن إعلان الطوارئ الوطنية في العراق وسوريا يؤشر على احتدام في المواجهة بين الولايات المتحدة والقوى العالمية، وخصوصاً مع الدب الروسي بمنطقة الشام التي كانت واشنطن غادرتها طواعية قبيل نهاية ولاية ترامب.
وأوضح القصاب في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الأمر سيكون مختلفاً في سوريا عن العراق لأن كل من البلدين له حيثياته في شكل ونوع الصراع والقوى المتنازعة"، مبيناً ـن "عودة أمريكا في المناطق التي كانت انسحب منها في المنطقة، ستواجه بتضاد نوعي كبير".
وأضاف "أمريكا لن تسمح لروسيا وإيران أن يتغلغلا في العراق وسوريا".
ويمثل الوجود العسكري للقوات الأمريكية في العراق التي يقترب عددها من 4 آلاف جندي، تحدياً كبيراً لحكومة بغداد في تأمين مقارها وحركتها من الاستهدافات المتكررة التي تشنها مليشيات مسلحة تتلقى أوامرها من إيران.
مسألة القوات الأمريكية
ويعد قرار بايدن الأخير، بمثابة مسوغ شرعي لبقاء تلك القوات في العراق تحت ذرائع التحديات الأمنية ومواجهة الإرهاب الذي يهدد الأمن العالمي، وفق مراقبين.
وأنهت واشنطن وبغداد في الـ7 من أبريل/نيسان الماضي، الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي، والذي ناقشا فيها العديد من الملفات الهامة بينها مصير بقاء القوات الأمريكية والتحالف الدولي وتحديد مهمتها بتقديم المشورة والتدريب للقوات الأمنية العراقية.
ويعتقد الأكاديمي والمحلل السياسي سعدون الساعدي أن قرار الطوارئ جاء بفعل الأوضاع المضطربة في العراق وسوريا، والتي تمثل تهديدا لمصالح واشنطن في المنطقة.
وأضاف الساعدي في حديث لـ"العين الإخبارية": "بموجب ذلك القرار قد تعيد الولايات المتحدة نشر قواتها في سوريا والعراق باعتبار أن خطر تنظيم داعش ينذر بمخاطر كبيرة تعترض مخططات ومصالح واشنطن عند تلك الرقعة الجغرافية".
ولكن الساعدي يرى أن "لهذا القرار تأثيرات إيجابية تصب في صالح حكومة بغداد كونه يعد بمثابة اهتمام أمريكي بما يجري في العراق من تحديات على مستوى مواجهة الإرهاب وكذلك في جوانب الاقتصاد والاستثمار".
فيما يرى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، سعران الأعاجيبي، أن "قرار الطوارئ الأمريكي فيما يخص الجانب العراقي، لن يكون له تأثير على انسحاب القوات الأمريكية كون أن ذلك أمر مفروغ منه".
وأكد الأعاجيبي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه "على اطلاع مستمر بآخر تطورات انسحاب عديد القوات الأمريكية والتحالف الدولي وقد نفذ ذلك الأمر طبقاً لما جاءت به نتائج الحوار الاستراتيجي الأخير".
وبشأن تأثير قرار الطوارئ الأمريكي، قال إنه "يحتاج إلى توضيح: ماذا يعني بإعلانه؟ ولماذا صدر في ذلك التوقيت؟".
وتابع أن "مثل هكذا إجراءات تتخذ في ظل انهيار أنظمة سياسية أو تعرض البلدان إلى كوارث وانقلابات، لكن العراق يعيش حالة استقرار رغم الأوضاع المضطربة".
ودعا الأعاجيبي الحكومة العراقية إلى مفاتحة الجانب الأمريكي عبر القنوات الدبلوماسية بغرض الاستفسار عن ذلك القرار.