بعد 18 شهرا، وأكثر من 1200 مقابلة، و10 جلسات استماع علنية، قُدمت فيها 70 شهادة، أصدرت لجنة مجلس النواب للتحقيق في هجوم "6 يناير" على مبنى الكابيتول تقريرها النهائي.
وقد وجّه التقرير للرئيس السابق، دونالد ترامب، عددا من التهم، كان من أبرزها عرقلة عمل الكونغرس، والتحريض على الهجمات.
وارتكزت حجة اللجنة في اتهاماتها لترامب على أن الرئيس السابق أثناء وجوده في "البيت الأبيض" سعى إلى استخدام سلطته التنفيذية بصورة غير قانونية للتشبث بالسلطة، رغم هزيمته في انتخابات عام 2020.
ورغم ذلك، لا يمكن للكونغرس نفسه أن يوجه اتهامات مدنية أو جنائية ضد الخاضعين للتحقيقات، وإنما يقتصر عمله على التوصية باتخاذ إجراءات قانونية، مثل الملاحقات المدنية أو الجنائية، أو كلتيهما.
وتعتقد اللجنة أن أولئك الذين أقسموا اليمين على حماية الدستور والدفاع عنه ثم في "السادس من يناير" انخرطوا في "العصيان"، يمكن استبعادهم بشكل مناسب ومنعهم من تولي منصب حكومي، سواء كان فيدراليا أو حكوميا، مدنيا أو عسكريا.
كما أوصت اللجنة بإصلاحات في قانون الانتخابات، وبإطلاق حملة فيدرالية ضدّ الجماعات المتطرفة، وباعتبار مصادقة الكونغرس على نتيجة الانتخابات الرئاسية "حدثا أمنيا وطنيا خاصا" على غرار خطاب حالة الاتحاد السنوي.
وتُعد توصية اللجنة بمحاكمة رئيس سابق غير مسبوقة، فالتوصيات التي صدرت عن لجنة التحقيق رمزية وليست لها تبعات قانونية، إذ إن وزارة العدل هي التي تملك سلطة توجيه الاتهامات الجنائية للضالعين في هذه الأحداث.
من جانبه أنكر الرئيس السابق الاتهامات الموجهة إليه بتحريض أنصاره على اقتحام الكونغرس لعرقلة التصديق على فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة، ووصفها بـ"المسيسة".
ونتيجة الاتهامات التي وجهها التقرير النهائي الخاص بلجنة التحقيق في هجوم "الكابيتول"، اتّهم الرئيس السابق ترامب لجنة التحقيق المعنية بالهجوم بالسعي لمنعه من الترشّح للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2024، عبر توصيتها وزارة العدل بتوجيه "اتّهامات زائفة" إليه، على حد قوله.
وأضاف ترامب عبر منشور على منصته للتواصل الاجتماعي الخاصة، أن كلّ هذه الأفعال الرامية لملاحقته هي على غرار محاكمة عزله، محاولة حزبية لإقصائه هو والحزب الجمهوري من الانتخابات الرئاسية المقبلة، متوقع أن الإحالة الجنائية ستساعده في النهاية، قائلاً: "ما لا يقتلني يجعلني أقوى، والناس الذين يحبون الحرية يتجمعون حولي".
وذكر أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون، ولا سيما أولئك المتحالفين مع زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، أن لجنة 6 يناير قابلت شهودا "موثوقا بهم"، وأضافوا إلى السجل التاريخي بطريقة جوهرية، رغم أن لديهم مخاوف بشأن كيفية تعامل الديمقراطيين حول استخدام نتائج اللجنة لتسجيل نقاط سياسية.. وأكدوا أن الأمر متروك للنائب العام، ميريك جارلاند، أو جاك سميث، المستشار الخاص بوزارة العدل، للتحقيق مع ترامب أو توجيه الاتهام إليه.
وفيما احتشد الحزب الجمهوري بسرعة وبقوة خلف ترامب في الساعات التي تلت مصادرة وكلاء اتحاديين لوثائق سرية من منزله في فلوريدا هذا الصيف، لم يكن للجمهوريين موقف مُماثل بعد إصدار نتائج لجنة التحقيقات وتوجيه أربع تهم لإدانة ترامب.. وبصورة عامة، تجنب الجمهوريون البارزون -إلى حد كبير- الإحالة الجنائية التاريخية.
لا شك أن ردود الفعل المتباينة هي علامة على مدى سرعة تحول المشهد السياسي بالنسبة لترامب في ظل مواجهته تهديدا قانونيا جديدا وتقدمه بمحاولة ثالثة للرئاسة.
إنه تغيير ملحوظ بالنسبة لحزب عُرف، قبل كل شيء، من خلال ولائه غير المشروط لترامب تحت أي ظرف من الظروف طوال السنوات الست الماضية.. فقد أصبح الحزب الجمهوري أقل استعدادا للوقوف خلف ترامب.. وحتى الآن، لم يؤيد سوى عدد قليل من أعضاء الكونغرس ترشحه لانتخابات 2024.. وخلال الأسابيع الأخيرة، تصاعدت مخاوف الحزب بشأن انتخاب ترامب بعد نتائج التجديد النصفي للكونغرس، نوفمبر الماضي، حين هُزم مرشحون اختارهم ترامب.
يتضح ممَّا سبق أن العديد من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ ينأون بأنفسهم عن الرئيس الأمريكي السابق، ترامب، بعد توصية لجنة الكونغرس المكلفة بالتحقيق في واقعة اقتحام الكابيتول، بإجراء وزارة العدل تحقيقات جنائية مع ترامب، كما أن أعضاء مجلس النواب الجمهوريين أكدوا أن الأمر متروك للعدالة ولم يدافعوا بقوة عن ترامب.
وأخيرا، يمكن القول إن الداخل الأمريكي لم يكترث كثيرًا بما أسفرت عنه نتائج التحقيقات التي يبدو أنها لم تكن مفاجئة، مؤكدين أن الأمر متروك للعدالة.
وربما تؤدي نتائج التحقيقات إلى تقليل التوجهات اليمينية المتطرفة والانقسامات القائمة في صفوف الجمهوريين، والتي كان يدعمها ترامب بشكل كبير، كما أنها ستعمل لصالح دعم منافسي ترامب المحتملين للترشح في انتخابات عام 2024.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة