الصين تحتاج إلى منطقة الخليج لما في جوفها من موارد للطاقة في مقدمتها النفط، وتحتاج إليها بصفتها ممرا بحريا استراتيجيا
تحتاج الصين إلى منطقة الخليج، لما في جوفها من موارد للطاقة في مقدمتها النفط، وتحتاج إليها بصفتها ممرا بحريا استراتيجيا، وتحتاج إليها أيضا بصفتها أسواقا مهمة للبضائع والمنتجات الصينية.
وبالمقابل نحتاج نحن في دول الخليج إلى الصين، بل لعلنا نحتاج إليها اليوم أكثر من أي مرحلة سابقة، في ظل التطورات الإقليمية وفي ظل الاصطفافات الدولية الجديدة وفي ظل متغيرات الوضع الدولي عامة. ومن هذه الزاوية، فإن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى بكين حملت مغزى كبيرا من أبعاد عدة.
قريبا جدا، سيحلّ اليوم الذي تغدو الصين فيه هي القوة الاقتصادية الأولى في العالم متفوقة على الولايات المتحدة الأمريكية، وهي ما انفكت تقدم الأدلة على كونها شريكا موثوقا يعتد به، لا في الاقتصاد وحده، وإنما في السياسة أيضا. وهو أمر تدركه دولة الإمارات العربية المتحدة كونها أيضا دولة تحقق نجاحات اقتصادية وتنموية مهمة، فيما ينمو دورها السياسي على الصعيدين الإقليمي والدولي.
إن على دولنا الخليجية ألا تحصر تعاونها مع قوة دولية واحدة، وأن تلتفت إلى ما في العالم من تحولات، وصعود الصين هو أحد أهم هذه التحولات، حيث يمكن الاطمئنان إلى بناء علاقة استراتيجية معها قائمة على الثقة والصدق والمنافع المتبادلة
خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد للصين، ناقش الجانبان المقومات والفرص الواعدة لتطوير التعاون بين البلدين في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والعلمية والثقافية والطاقة المتجددة، كما بحثا أيضا القضايا والمستجدات التي تشهدها المنطقة وتبادلا وجهات النظر بشأنها.
وفي محله تماما، كان تأكيد سمو ولي عهد أبوظبي أن "ترقية الشراكة الاستراتيجية مع الصين إلى شراكة شاملة هو بمنزلة تتويج لمسار طويل وناجح من التعاون المشترك الذي أثمر شراكات رائدة في المجالات المختلفة"، وفي محله أيضا جاء تأكيد سموه أن تطوير العلاقات مع الصين يمثل توجها استراتيجيا للإمارات.
توجّه دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز تعاونها مع الصين وتطوير مجالات الشراكة معها يجب أن يصبح توجها استراتيجيا للمنظومة الخليجية، فهو توجه ينمّ عن قراءة صحيحة للمتغيرات الدولية في جميع المجالات، ولصورة النظام الدولي الراهن والمستقبلي بصفته نظاما متعدد الأقطاب، لم تعد قوة واحدة، مهما كان جبروتها، هي التي تتحكم في مجرياته منفردة، وإنما هو نظام قائم على توازن المصالح بين الدول والأمم.
وبالتالي فإن على دولنا الخليجية ألا تحصر تعاونها مع قوة دولية واحدة، وأن تلتفت إلى ما في العالم من تحولات، وصعود الصين هو أحد أهم هذه التحولات، حيث يمكن الاطمئنان إلى بناء علاقة استراتيجية معها قائمة على الثقة والصدق والمنافع المتبادلة، لا على الابتزاز والأنانية واستنزاف ثروات بلداننا كما تفعل الإدارة الأمريكية الحالية.
نقلا عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة