الإمارات تبعث من جديد الأمل في الأجيال العربية عبر زرع الثقة في قدرة العرب على الإبداع والابتكار
فعلا، هل ضاقت مجالات الإبداع والابتكار على الإماراتيين في الأرض ليبحثوا عنها في الكواكب الأخرى؟ وهل بإمكانهم فعلا مزاحمة تلك الدول المتقدمة والتي سبقتهم عقودا من الزمن في مجال غزو الفضاء ليجدوا لهم فسحة في المدارات تؤهلهم لاكتشاف أسرار الكوكب الأحمر؟ الكثير من التساؤلات طرحها الإماراتيون قبل غيرهم لمعرفة ماذا تريد دولتهم من مشروع "مسبار الأمل".
في 16 يوليو 2014 أي قبل 6 سنوات بالتحديد من اليوم، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، مرسوما تاريخيا بإنشاء وكالة الإمارات للفضاء، وبدأ العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ.
وأطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على المسبار اسم "مسبار الأمل"، بعد طرحه اقتراحا لاختيار اسم للمسبار من خلال مشاركة الجمهور ومتابعي سموه على وسائل التواصل الاجتماعي، لتكون بذلك الإمارات واحدة من بين 9 دول فقط تطمح لاستكشاف هذا الكوكب.
يدرك الإماراتيون قيادة وشعبا والعرب جميعا معهم أن مهمة "مسبار الأمل" ليست بتلك المهمة البسيطة ويعلمون في الوقت ذاته حجم التحديات والمصاعب التي يمكن أن تواجه تلك المهمة، منذ الإعلان عنها قبل 5 سنوات وحتى وصول المسبار إلى مساره بعد 7 أشهر هناك في مدار الكوكب الأحمر الذي اشتق العرب تسميته بالمريخ من كلمة "أمرخ" والتي تعني ذلك الذي يلطخ جسده باللون الأحمر نسبة إلى لون تربة الكوكب الحمراء.
ولن تقتصر مهمة المسبار على وصوله إلى مداره بل ستمتد إلى ما بعد ذلك من خلال مهمة إرسال البيانات المتعلقة بالتضاريس والتغيرات المناخية و الإجابة عن الأسئلة العلمية حول سبب فقدان الغلاف الجوي للمريخ الهيدروجين والأكسجين في الفضاء والسبب وراء التغيرات المناخية الشديدة، والتي ستعم فائدتها ونتائجها على العالم أجمع.
بعثت الإمارات من جديد الأمل في الأجيال العربية في هذا المشروع واستنهضت هممهم وقدراتهم عبر زرع الثقة في قدرة العرب على الإبداع والابتكار.
لقد بعثت الإمارات من جديد الأمل في الأجيال العربية في هذا المشروع واستنهضت هممهم وقدراتهم عبر زرع الثقة في قدرة العرب على الإبداع والابتكار والإسهام مع بقية الشعوب في ركب العلم والحضارة وخدمة الإنسانية، وتصحيح تلك الصورة التي رسمت في مخيّلة العالم عن العرب.
حيث أكدت وفي أكثر من مناسبة بأن المشروع هو مشروع للعرب كافة، ويكفي تلك المنافع والخبرات التي كسبها فريق العمل خلال فترة إنجاز المشروع، والتي بلا شك ستكون بمثابة ذلك المخزون الفكري والعلمي لدى الفريق الذي سيكون نواة لإعداد جيل إماراتي وعربي يؤسس لنهضة علمية في الأجيال المقبلة.
يقول الكاتب الأمريكي ليس براون في مقولة له عن الطموح "انطلق نحو القمر، فحتى لو اخطأته فسوف تهبط بين النجوم"، وهو بالفعل ما أدركته القيادة الإماراتية مبكرا، بأن الطموح ليس في الوصول للمريخ أو إطلاق المسبار فحسب، وأن مقياس النجاح أو الفشل لن يكون مقتصرا على وصوله إلى مدار الكوكب أو عدم وصوله فقط، بل تنظر له بأنه اللبنة الأولى التي ستعقبها لبنات أخرى في مشروع بناء الأجيال والاستثمار في البشر.
خاصة إذا ما علمنا أن مشروع "مسبار الأمل" عمل فيه أكثر من 200 مهندس وفني إماراتي، ولكم أن تتخيلوا كمية المعارف والخبرات التي كسبها أعضاء الفريق طوال مدة المشروع، وكيف تعوّل عليهم الإمارات في المضي بطموحاتها لمعانقة عنان السماء في مجال البحث العلمي واقتصاد المعرفة والابتكار والذكاء الاصطناعي وغيرها من المجالات التي ستكون معيارا لقياس تطور الدول وتقدمها بين الأمم.
وعلينا أن ندرك أيضا أن هذا المشروع ولّد لدينا أجيالا مولعة بالعلم والفيزياء والرياضيات وغيرها من العلوم التقنية التي ستمثل ثروة عظيمة للإمارات تترجم الرؤية التي وضعها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، عندما قال: "إن أفضل استثمار للمال هو استثماره في خلق أجيال من المتعلمين والمثقفين، علينا أن نسابق الزمن وأن تكون خطواتنا نحو تحصيل العلم والتزود بالمعرفة أسرع من خطانا في أي مجال آخر"، واليوم يسعى أبناؤه وبكل فخر وإصرار وإخلاص على تحقيق تلك الرؤية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة