كانت قطر طيلة العقدين الماضيين هي الوسيلة الإسرائيلية لاختراق الجسد الخليجي والعربي
قبل أكثر من عقدين، رُفع العلم الإسرائيلي في سماء العاصمة القطرية الدوحة، عندما زار رئيس الحكومة الإسرائيلي وقتها شيمعون بيريز قطر عام 1996. تبعها فتح المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة، وكذلك توقيع اتفاقيات بيع الغاز القطري لإسرائيل، ثم إنشاء بورصة الغاز القطرية في تل أبيب.
كانت قطر طيلة العقدين الماضيين هي الوسيلة الإسرائيلية لاختراق الجسد الخليجي والعربي، ولكن الأسوأ من ذلك هو تحريض قطر عبر إعلامها وإطلاق الشائعات والأكاذيب على جيرانها واتهامهم زوراً بالتطبيع مع إسرائيل، بينما علاقاتها الرسمية مع إسرائيل تجاوزت حتى الدول التي لديها سفارات إسرائيلية.
المضحك أن النظام القطري لا يزال يخدع نفسه وشعبه ويتوهم أنه استطاع إقناع الرأي العام العربي بأن قطر دولة مقاومة وعدوة لإسرائيل! بينما العالم أجمع يدرك زيف العداء القطري لإسرائيل وحقيقة العلاقات القطرية - الإسرائيلية المتينة
الأسبوع الماضي استقبلت قطر مديرة المجلس الإسرائيلي لحماية الطفل للحديث في مؤتمر دولي أُقيم في الدوحة، وقبلها تستضيف قطر باستمرار العشرات من الرياضيين الإسرائيليين للمشاركة في بطولات رياضية مختلفة.
وفي السياق نفسه، لا ننسى تصريح السفير القطري محمد العمادي لوكالة "رويترز" قبل عامين، وفيه أوضح كيف تدار علاقات بلاده مع تل أبيب، عندما قال إنه زار إسرائيل 20 مرة منذ 2014 "وكانت الزيارات سرية في السابق، لكنها لم تعد على هذا النحو الآن"، حيث لم تكن العلاقات بين البلدين سراً، وإنما تخفيها وتظهرها قطر بحسب مصالحها مع الغرب، خصوصا الولايات المتحدة.
وفي مطلع فبراير/شباط الحالي، قام رئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين وقائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، هرتصي هليي بزيارة سرية للدوحة، والتقيا شخصيات قطرية؛ من بينها محمد بن أحمد المسند، رئيس الاستخبارات القطرية ومستشار أمير قطر للأمن القومي.. هذه الزيارة كما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية كانت بهدف طلب دعم قطري لحماس.
التساؤل الأهم هنا: كيف لقطر أن تدعم حماس، وفي الوقت نفسه هي أكبر شريك اقتصادي وعسكري في المنطقة مع إسرائيل (ارتفع حجم التبادل التجاري بين تل أبيب والدوحة إلى 7 مليارات دولار في 2015)؟! ببساطة قطر طالما أجادت اللعب على حبال التناقضات، وطالما استغلت غزة، كما حليفتها تركيا، لتبرير علاقاتها مع إسرائيل.
اليوم وبعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن صفقة القرن، بدأ الحديث عن خطوات للتقارب بين الفصائل الفلسطينية لمواجهة خطة ترامب، ولن تجد إسرائيل أفضل من الدوحة، التي لعبت دوراً مهماً في تكريس الانقسام الفلسطيني طيلة العقدين الماضيين، ولذلك أوفدت إسرائيل رئيس الموساد إلى حليفتها قطر لإفشال هذا التقارب وتعزيز الانقسام الفلسطيني بالمال القطري، ولم يعد ذلك سراً، فقد أعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي صراحة في أحد تصريحاته حين قال: "أي شخص ضد الدولة الفلسطينية يجب أن يكون مع تحويل الأموال إلى غزة، لأن إبقاء الانقسام بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في غزة يساعد في منع إقامة الدولة الفلسطينية".
قطر تمارس السياسة في أبشع صورها، فهي تعمل مع إسرائيل لإبقاء الانقسام الفلسطيني، وفي الوقت نفسه تزعم دعمها للقضية الفلسطينية. توثّق علاقتها السياسية والاقتصادية مع إسرائيل من جهة، بينما تطلق الشائعات ضد السعودية والإمارات والبحرين عبر شبكتها الإعلامية "الجزيرة" المتخصصة في اختلاق تقارير مكذوبة من جهة أخرى.
المضحك أن النظام القطري لا يزال يخدع نفسه وشعبه ويتوهم أنه استطاع إقناع الرأي العام العربي بأن قطر دولة مقاومة وعدوة لإسرائيل! بينما العالم أجمع يدرك زيف العداء القطري لإسرائيل وحقيقة العلاقات القطرية - الإسرائيلية المتينة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة