لماذا تعد "دونباس" هدفا استراتيجيا لروسيا؟
شنت روسيا، الثلاثاء، هجوما بريا طال انتظاره في شرق أوكرانيا، وهي حملة تستهدف "التحرير الكامل لجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك"، بحسب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في إشارة إلى الجيبين الانفصاليين اللذين يشكلان منطقة دونباس الكبرى.
وطبقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، لطالما كانت دونباس الغنية بالطاقة، الواقعة على الحدود الغربية لروسيا، نقطة توتر بين البلدين، حيث تدعم موسكو الانفصاليين الموجودين هناك منذ سنوات.
وقبل أيام من الحرب على أوكرانيا في فبراير/شباط، اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسميًا باستقلال منطقتي دونيتسك ولوهانسك، ما مثل نهاية لمحادثات السلام الهشة قبل أيام فقط على بداية الحرب.
وبالنسبة إلى موسكو، سيكون الانتصار في دونباس تحولا مرحبا به عن هجومها الذي لم ينجح في شمال أوكرانيا، كما سيمنح روسيا جزءًا مهما من الأراضي الأوكرانية، ويحرم كييف من قلبها الصناعي.
تاريخ دونباس
تعود الروابط التاريخية بين روسيا وأوكرانيا إلى القرن التاسع، وهو إرث لطالما دافع عنه بوتين مرارًا وتكرارًا وبشكل استراتيجي.
وتتمتع منطقة دونباس -التي تشترك في حدود مع روسيا- بتراث صناعي طويل، مع قدرة كبيرة في التعدين وإنتاج الصلب، بالإضافة إلى احتياطيات كبيرة من الفحم.
وفي بداية عام 2014، بعد الاحتجاجات الحاشدة في أوكرانيا التي أطاحت بالرئيس الموالي لموسكو، فيكتور يانوكوفيتش، استولت موسكو على شبه جزيرة القرم، وهي خطوة اعتبرتها أوروبا والولايات المتحدة غير قانونية.
وسيطر الانفصاليون المدعومون من موسكو كذلك على المناطق الشرقية: دونيتسك ولوهانسك على الحدود الروسية. وهناك، استولى المتمردون على المباني الحكومية وأعلنوا "جمهوريتين شعبيتين" جديدتين.
وتصاعدت الأزمة، ونظم الانفصاليون الموالون لروسيا في دونيتسك ولوهانسك استفتاء لإعلان الاستقلال عن أوكرانيا.
واتهمت كييف والغرب روسيا بدعم المتمردين بالقوات والأسلحة، لكن تقول روسيا إن المقاتلين هم متطوعون. وتواصلت الاشتباكات بين الانفصاليين والقوات التي تدعمها كييف.
وفي 2015، وافقت روسيا وأوكرانيا على اتفاقية مينسك للسلام، هي خطة تدخلت فيها فرنسا وألمانيا لإنهاء الصراع بين كييف والانفصاليين المدعومين من روسيا في المنطقة المتنازع عليها.
وبموجب الاتفاقية، كانت أوكرانيا ستمنح المنطقتين وضعا خاصا وحكما ذاتيا كبيرا مقابل استعادة السيطرة على حدودها مع روسيا، لكن تعثرت المفاوضات.
وقال بوتين إن أوكرانيا لا تنوي تطبيق بنود الاتفاقية، وقالت أوكرانيا إن اتفاقا بشروط روسيا من شأنه أن يمنح موسكو القدرة على التأثير على السياسة الخارجية الأوكرانية ويقوض سيادتها.
وكان اعتراف بوتين بجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين في 21 فبراير/شباط، قبل أيام على شن الحرب، إيذانا بنهاية اتفاق السلام ذي السبعة أعوام.
أهمية دونيتسك ولوهانسك
وصف بوتين الروس والأوكرانيين بأنهم "شعب واحد"، حيث كتب في مقال تمت مشاركته عبر موقع الكرملين في يوليو/تموز، أن "السيادة الحقيقية لأوكرانيا ممكنة فقط بالشراكة مع روسيا".
ووجد أحدث إحصاء رسمي للسكان عام 2001 أن أكثر من نصف سكان القرم ودونيتسك حددوا اللغة الروسية باعتبارها لغتهم الأم. لكن تحديد شرق أوكرانيا بأن جميعها تتحدث الروسية إلى حد كبير، فيما تهيمن الأوكرانية على الغرب، يمكن رؤيته على أنه تبسيط مفرط.
يتحدث كثيرون في الريف الشرقي اللغة الأوكرانية أو مزيجا من اللغات الروسية والأوكرانية. وقد دفعت الحرب عددا متزايدا من متحدثي الروسية في أوكرانيا للتخلي عن اللغة كجزء من رفضهم لمفهوم بوتين عن "روسكي مير"، أو "العالم الروسي"، الذي يتضمن أوكرانيا.
وتدافع روسيا عن فكرة الهوية الإقليمية المميزة لدونباس كأساس لـ"الدفاع" عن شعبها الذي يتحدث الروسية من أوكرانيا التي قالت إنها غير متسامحة.
وفي منطقة دونباس التي تسيطر عليها كييف، تريد الأغلبية عودة مناطق الانفصاليين إلى أوكرانيا. وفي المنطقة التي يسيطر عليها الانفصاليون، يرغب أكثر من نصفهم في الانضمام إلى روسيا، مع بعض الحكم الذاتي أو بدونه، وفقا لمسح نشر في 2021.
وتعتبر ماريوبول -موطن مصنع آزوفستال للحديد والصلب- إحدى المناطق الحضرية الأخيرة في دونيتسك التي لا تخضع لسيطرة روسيا بشكل كامل، ومن شأن السيطرة عليها أن تمنح القوات الروسية جسرا بريا بين روسيا وشبه جزيرة القرم.
aXA6IDE4LjIyMi4xODIuMjQ5IA== جزيرة ام اند امز