ما الذي يحارب داعش من أجله الآن بعد انتهاء حلمه؟
مجلة أمريكية توضح كيف يحاول تنظيم داعش الإبقاء على وجوده في المنطقة
مع بداية ظهور تنظيم داعش الإرهابي تمكن التنظيم من إيصال فكرته إلى عدد كبير من الأشخاص الذين يؤمنون بالعقيدة القتالية العنيفة، لكنه مع مرور الوقت وخلال السنوات الأخيرة انقلبت الأوضاع رأسًا على عقب، وتراجع نطاق المكاسب التي حققها إلى حد كبير، لكن على الرغم من ذلك لا يزال التنظيم متمسكًا بحلم الانتشار، فما الذي يجعله على الرغم من ذلك باقيًا على الحرب؟
تقول مجلة "نيوزويك" الأمريكية إن خسارة الأراضي على وجه التحديد تعتبر قضية خطيرة بالنسبة لتنظيم داعش، لكن قد لا تكون قاتلة، فبعد انشقاق التنظيم عن القاعدة وبزوغ نجمه في 2013، عمل التنظيم على إظهار نفسه من خلال الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي، وهو أمر لم تتمكن العصابات السالفة من تحقيقه.
يقول خبير مكافحة الإرهاب مايكل سميث، إن تمسك التنظيم بالسياسة المتشددة أصبح هو الوسيلة للحفاظ على مصداقيته بينما يخسر أراضيه، أيضًا ما هو مساوٍ في الأهمية لذلك، إدراك مدى تفاني تنظيم داعش لقضية معاقبة ما يسميهم "أعداء الإسلام" من تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات المتطرفة التي رفضت الاندماج معه.
التنظيم، الذي ولد من رحم القاعدة في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 والاحتلال العسكري اللاحق، لا يرفض فقط الحركات المتطرفة المنافسة، بل ويسخر منها، حتى وإن كانت أعدادها ضئيلة.
دكتور ميا بلوم، من جامعة ولاية جورجيا، وتعتبر في طليعة المتابعين لوسائل التواصل الاجتماعية الخاصة بتنظيم داعش، كما تتابعه على تطبيق الرسائل المشفرة "تليجرام"، توضح طريقتين يستخدمهما التنظيم للنجاة من عودة القاعدة، والحملات التي تقودها القوى الدولية، والجيش السوري والعراقي، وغيرهم من القوى التي تعمل على تدميره.
قالت بلوم إن التنظيم عادة لا يعترف بخسارته أمام تابعيه، ففي حين تتقلص جيوب مقاومة داعش في العراق؛ بسبب الغارات الجوية الأمريكية والهجمات البرية بقيادة الجيش العراقي، والقوات الكردية، إلا أن وجود التنظيم في سوريا لم ينتهِ تمامًا.
داعش عادة ما ينشر أعداد الضحايا وخرائط الحرب والصور الدعائية للأضرار الجانبية التي لحقت بالمدنيين بسبب حملات أعدائه خلال تلك المواجهات.
وتضيف بلوم: "في الأساس، يتخذون نفس المواقف المتوقعة من اليمين المتطرف، وأي فكرة تشير إلى خسارتهم يشيرون إليها على أنها (أخبار مزيفة)".
وتلفت النظر إلى أن داعش، بحكم طبيعته يحتضن الموت، وأتباعه المتشددون من "طائفة الموت المروع"، بحسب وصفها، لا يخجلون من القتال حتى النهاية المريرة؛ لأن وضع النهاية هو أحد مبادئهم الأساسية.
لا يبدو أن داعش قد تأثر بشبهة الغياب أو الوفاة المحتملة لمؤسسه أبو بكر البغدادي، لكن هناك تصدعات بدأت تظهر في أساس التنظيم. تقول بلوم إن تلك التصدعات أمر طبيعي في حالة تنظيم مثل داعش يخشى انهياره الوشيك، وترجع ذلك إلى بداية انقلاب مؤيدي داعش ضد بعضهم البعض وتبادلهم الاتهامات بأنهم مرتدون أو كفار أو جواسيس.
وتسمي ميا بلوم تلك العملية باسم "التفكيك الذاتي"، قائلة إنه على الرغم من الصورة التي يرسمها التنظيم بشأن صموده وثباته إلا أنه ربما يتفكك من الداخل إلى الخارج.
ويقول الدكتور فالي نصر، الباحث بمعهد دراسات الشرق الأوسط، إن فكرة الحفاظ على ما يسمى بالخلافة انتهت، مع خسارة تنظيم داعش لمدينة الموصل وتشبثه بنصف عاصمته الفعلية الرقة، لكن المخاطر العالمية التي يشكلها أنصاره قد تبقى لفترة من الوقت.
ويضيف نصر لـ"نيوزويك": "قد تختفي الفكرة في شكلها الحالي، لكن السؤال الأكثر أهمية هو ماذا سيحدث للمقاتلين؟ ليس بالضرورة أن يكون داعش خلافة كبيرة وضخمة ليمثل تهديدًا".
وخلص التقرير إلى أنه مع خسارة داعش لأراضيه في العراق وسوريا، من المرجح أن تتجه "قيادة وسيطرة" التنظيم للتوسع في دول ضعيفة أخرى مثل: تشاد وليبيا ومالي والفلبين.
وأكد نصر أن الطريقة الوحيدة لوقف ظهور تنظيمات مثل داعش في المنطقة ستكون من خلال إيجاد أرضية مشتركة بين الجهات الفاعلة المحلية.
aXA6IDE4LjE5MS44MS40NiA= جزيرة ام اند امز