غواصات «يو».. سلاح ألمانيا المرعب الذي غيّر تاريخ الحروب

لعبت الغواصات دورًا محوريًا في حربين عالميتين، حيث مثلت غواصات يو الألمانية تهديدًا خطيرًا للحلفاء، خاصة بريطانيا.
وعلى الرغم من أن الغواصات لم تكن سلاحًا جديدًا تمامًا بحلول عام 1914، إلا أن استخدامها كأسلوب جديد للحرب الاقتصادية كان تطورًا ثوريًا، وفقا لموقع "هيستوري أونلاين".
وكانت غواصات يو هي الذراع البحرية الأقوى للغواصات الألمانية، وبعد شهر واحد فقط من بدء الحرب العالمية الأولى، وجهت ضربة قوية للبحرية الملكية البريطانية عندما أغرقت الغواصة يو-21 الطراد البريطاني "إتش إم إس باث فايندر"، مسجلة بذلك أول استخدام ناجح للطوربيد ذاتي الدفع. وبعد ثلاثة أسابيع، أغرقت الغواصة يو-9 ثلاثة طرادات بريطانية في أقل من ساعة. حينها أدركت القيادة الألمانية أنها تمتلك سلاحًا جديدًا قويًا للحرب البحرية. وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول 1914، أغرقت الغواصة يو-17 أول سفينة تجارية.
وفي غضون ثلاثة أشهر، تغيرت طبيعة الحرب البحرية تمامًا. وأصبحت البحرية الملكية البريطانية مترددة في تعريض سفنها الحربية لهذا الخطر الجديد، بينما فضّلت البحرية الألمانية البقاء في قواعدها في فيلهلمسهافن. وتحول التركيز إلى الحرب الاقتصادية، حيث فرضت بريطانيا وفرنسا حصارًا على ألمانيا، بينما حاولت الغواصات الألمانية حرمان بريطانيا من الواردات الحيوية.
كم كان حجم أسطول غواصات يو الأول؟
في بداية الحرب، امتلكت البحرية الألمانية 29 غواصة في الخدمة، بعضها كان يعمل بمحركات بنزين صغيرة، بالإضافة إلى 25 غواصة قيد الإنشاء. ومع ذلك، كانت هذه الغواصات أسلحة فتاكة، كما أثبتت يو-9 سابقًا. وكانت الغواصات اللاحقة، مثل يو-21 تعمل بالديزل، مما منحها مدى أطول وقدرة على حمل المزيد من الطوربيدات.
كما شمل الأسطول أنواعًا أخرى من الغواصات، مثل الغواصات الساحلية والغواصات المخصصة لزرع الألغام. وللمساعدة في كسر الحصار الاقتصادي، تم بناء 11 غواصة شحن طويلة المدى لنقل الإمدادات. وبحلول نهاية الحرب، تم تشغيل 375 غواصة، فُقدت 178 منها، بينما استسلمت معظم الغواصات المتبقية في الموانئ البريطانية بعد الهدنة.
إلى أي مدى اقتربت غواصات يو من تحقيق النجاح؟
كانت هذه حربًا جديدة استهدفت المدنيين في البحر وعلى اليابسة. وبدأ الألمان حرب الغواصات المفتوحة ضد السفن المحايدة، لكنهم تراجعوا عنها في سبتمبر/ أيلول 1915 خوفًا من إثارة غضب الولايات المتحدة، قبل أن يعيدوا العمل بها في فبراير/ شباط 1917.
ولم يكن استهداف اقتصاد العدو جديدًا، لكن تطبيقه بواسطة الغواصات كان أمرًا غير مسبوق، خاصة بعد إعلان المناطق المحيطة ببريطانيا وأيرلندا منطقة حرب. وبحلول نهاية عام 1917، أغرقت الغواصات الألمانية 30 في المائة من أسطول الشحن التجاري العالمي.
وتم ابتكار نظام القوافل البحرية في سبتمبر/ أيلول 1917، مما أدى إلى تقليل عمليات الإغراق. ومع تزايد تدخل الولايات المتحدة في الحرب، استمرت الخسائر الألمانية في الارتفاع، مما أدى إلى فشل الحملة في النهاية.
غواصات يو تحت حكم النازية
حُظرت ألمانيا من امتلاك الغواصات بموجب معاهدة فرساي عام 1919. ومع ذلك، تم بناء بعض الغواصات سرًا في الخارج خلال العشرينيات، وبموجب المعاهدة البحرية الأنجلو-ألمانية عام 1935، بدأت ألمانيا في تطوير أسطولها من الغواصات بشكل علني.
وكانت العمود الفقري لأسطول الغواصات الألماني هو الغواصة Type VIIC، حيث تم بناء أكثر من 700 منها. أما الأنواع اللاحقة، مثل Type IX وType XXI، تميزت بمدى أطول، مما مكنها من البقاء في الخدمة لفترات أطول. كما أنها كانت قادرة على الغوص لعمق أكبر، مما زاد من فرصها في تجنب الاكتشاف والتدمير.
ومع تزايد قوة سلاح الجو التابع للحلفاء، تم تزويد الغواصات بأسلحة مضادة للطائرات، مثل مدفع 3.7 سم أو مدفع رباعي 2 سم. كما تم تجهيز الغواصات بأجهزة استشعار لاكتشاف موجات الرادار المستخدمة من قبل طائرات العدو، مما منحها وقتًا كافيًا للغوص وتجنب الهجوم.
ما هو السلاح النخبوي للبحرية الألمانية؟
تحت قيادة الأدميرال كارل دونيتز، تم تطوير الغواصات كقوة قتالية نخبوية. فقد كان دونيتز قائدًا لغواصة في الحرب العالمية الأولى وأدرك مدى اقتراب هذا السلاح من هزيمة بريطانيا. وكان يعتقد أنه من خلال التكتيكات الصحيحة وعدد كافٍ من الغواصات، يمكنه إغراق ما يكفي من السفن لإجبار بريطانيا على الاستسلام.
ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، كانت ألمانيا تمتلك 57 غواصة فقط، وهو عدد أقل بكثير من الـ 300 غواصة التي اعتبرها دونيتز ضرورية لإغراق مليون طن من السفن شهريًا، مما كان سيؤدي إلى هزيمة بريطانيا.
طور دونيتز تكتيكات جديدة مثل استخدام "مجموعات الذئاب"، حيث تعمل عدة غواصات معًا وتُوجّه من خلال طائرات استطلاع بعيدة المدى تابعة لسلاح الجو الألماني (لوفتفافه). وواصلت الغواصات الألمانية حربها بلا هوادة، حيث قامت بإغراق السفن الحليفة في أول وآخر يوم من الحرب في أوروبا.
ما مدى اقتراب غواصات يو من تحقيق النجاح؟
كانت النتيجة مشابهة لما حدث في الحرب العالمية الأولى. فقد تمكن أسطول الغواصات الألماني من إغراق كميات هائلة من السفن التجارية، حيث بلغت الخسائر 14.7 مليون طن في الحرب العالمية الثانية، مقارنة بـ 11.1 مليون طن في الحرب العالمية الأولى.
لكن بحلول منتصف عام 1943، أصبح واضحًا أن الحلفاء هم الذين كانوا ينتصرون، وذلك بسبب التفوق الصناعي والعسكري الأمريكي. ومثلما حدث في الحرب العالمية الأولى، قاتلت غواصات يو بكل شراسة وشجاعة، لكنها خاضت معركة خاسرة في النهاية.
aXA6IDE4LjIyNC4yMjkuMjE2IA== جزيرة ام اند امز