بلغ رئيس الحكومة الإسرائيلية في خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة قمة الصلف والرياء السياسي عندما دعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى القاء خطاب أمام الكنسيت الاسرائيلية
بلغ رئيس الحكومة الإسرائيلية في خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة قمة الصلف والرياء السياسي عندما دعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى القاء خطاب أمام الكنسيت الاسرائيلية معرباً عن استعداده للمجيء إلى رام الله والتحدث أمام المجلس التشريعي الفلسطيني، مكرراً التزامه حل الدولتين. هكذا أراد نتنياهو تصوير نفسه امام أنظار ممثلي دول العالم داعية للسلام ومشجعاً للغة الحوار، وهو يريد من العالم ان يصدقه.
في هذا الوقت يواصل الجيش الإسرائيلي قتل الفتيات والفتيان الفلسطينيين على الحواجز واعتقال المئات، كما يستمر في فرض حصاره الخانق على سكان قطاع غزة الذين لا يزال عدد منهم يعيش بين أنقاض منازله التي دمرها الجيش الإسرائيلي في عمليته العسكرية الأخيرة صيف 2014.
يدعو نتنياهو عباس الى الكنيست، وهو الذي لم يلتقه منذ 2010 باستثناء مصافحة عابرة عام 2015 في باريس، والذي تجنب الاجتماع به طوال الفترة التي كان فيها وزير الخارجية جون كيري يقوم بمساعيه لتحريك العملية السياسية، والذي شن عليه حملات شرسة تشكك في شرعية تمثيله للشعب الفلسطيني وفي صفته شريكاً أو محاوراً.
أما الكذبة الكبرى الثانية، فهي حديث نتنياهو عن التزامه حل الدولتين، وهو الذي بذل في السنوات الست الاخيرة كل ما في وسعه كي يجعل هذا الحل مستحيلاً وغير قابل للتطبيق. ليس حل الدولتين ما يريده نتنياهو بل "إدارة" النزاع وتأبيده، مع كل ما ينطوي عليه هذا من مخاطر قد تؤدي الى انفجار ثورة فلسطينية جامحة دافعها اليأس وفقدان الأمل في الدولة الفلسطينية المستقلة.
إن الصورة الوردية التي حاول أن يسوّقها نتنياهو للأوضاع في بلده في الأمم المتحدة تخفي وراءها أزمة كبيرة تعانيها إسرائيل تحت حكمه نتيجة عقمه السياسي وعجزه عن القيام بخطوات يمكن ان تؤدي إلى تسوية سياسية مقبولة لدى جميع الأطراف. ومن المظاهر الأساسية لهذه الأزمة
السيطرة المتزايدة لليمين الإسرائيلي الجديد على الحياة السياسية في إسرائيل وسعيه الدؤوب الى تحويل يهودية دولة إسرائيل إلى الموضوع المركزي، مستغلاً موجة التطرف الديني والعنف الدموي في سوريا والعراق كي يدعو الى سياسة عنصرية ضد السكان العرب في إسرائيل والفلسطينيين في المناطق المحتلة وكي يجعل الدولة الفلسطينية مستحيلة، والتراجع المخيف لمعسكر الأحزاب الإسرائيلية اليسارية التي لا تزال تؤمن بالتسوية السياسية وتضاؤل نفوذها وتأثيرها في عملية صنع القرار، وموت معسكر السلام الإسرائيلي.
كلا، ليست إسرائيل بألف خير كما يدّعي نتنياهو، بل هي في مأزق يشتد كلما طال نزاعها مع الفلسطينيين.
* نقلاً عن "النهار"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة