ركزت الأوساط السياسية العربية والسورية الحديث مجدداً عن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية منذ تعليق عضويتها بالمنظمة في 2011.
وبعد مرور نحو عقدٍ من الزمن على تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية يبدو أن العلاقات بين دمشق والعواصم العربية تقوى وتأخذ شكلها المعتاد تدريجيا، فلا تُخفي دول عربية عدّة، بينها الجزائر التي تستضيف القمة العربية المقبلة في مارس/آذار عام 2022، رغبتها ودعمها لضرورة عودة سوريا إلى مكانتها وإعادة مقعدها الشاغر إليها، في خطوة دعّمتها وتدعمها دولة الإمارات العربية المتحدة، فضلا عن دول عربية أخرى كالعراق والأردن ومصر وسلطنة عُمان، ما يجعل الطريق معبّدا أمام سوريا للعودة إلى حصنها وحضنها العربي.
بالتأكيد سوف تستمر الاتصالات بين قادة الدول العربية في الفترة القادمة لاتخاذ قرارٍ فعلي وعملي بشأن إعادة سوريا إلى مقعدها بالجامعة، ومن المحتمل أن يتم اتخاذ مثل هذه الخطوة في ختام قمة الجزائر، وحتى ذلك الحين سوف تستمر الاتصالات الهادئة بين قادة الدول العربية وبين الرئيس السوري بشار الأسد، بهدف الوصول إلى مقاربة جديدة تُهدئ الأوضاع في الداخل السوري، بهدف دعم شعبها ليخرج من أزمته الممتدة لسنوات.
عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية سوف تُسهم في دورانها من جديد في فلكها العربي، بعد سنوات من التدخلات الدولية والإقليمية في شؤونها، سواء دول كبرى، أو دول بالمنطقة لها رغبات توسعية، كإيران، لكن هذه العودة العربية السورية تقوّي دمشق وتُفسح المجال أمامها لحلولٍ سياسية تدعم استقرارها سياسيا واقتصاديا، كما تقوّي الحالة العربية ككل.
على خط موازٍ، فإن استعادة سوريا مقعدها قد تؤدي لاحقاً إلى إعادة قواعد الدبلوماسية العربية كاملة إلى دمشق، خاصة بعد مبادرة دولة الإمارات مؤخراً عبر زيارة وزير خارجيتها للعاصمة السورية الشهر الماضي، ولقائه الرئيس السوري.
كل المؤشرات في الوقت الحالي تؤكد أن عودة سوريا إلى بيت العرب وشيكة، تحتاج فقط إلى بعض الترتيبات، التي تتعلق عموما بالعلاقات العربية-العربية، التي واجهت تحدياتٍ كبيرة نتيجة ظروف ما بعد 2011 وبسبب أيضا التباينات في المواقف الدولية والإقليمية.
خطوة العودة السورية ترتد بالنفع المتبادل سياسياً واقتصادياً عليها وعلى باقي العواصم العربية بمرور الوقت، حيث ستنشط الحركة الجوية المباشرة بين دمشق وبقية عواصم الوطن العربي، فضلا عن الأنشطة الاقتصادية المختلفة، التي تعطلت لعشر سنوات كانت في غاية القسوة على سوريا الدولة، التي عانت ويلاتِ ما سُمي "الربيع العربي"، إذ ابتُليت الأرض السورية بأطماع قوى إقليمية ودولية، لكن الحل العربي دائما في مثل هذه الظروف كان السبيل الأمثل، وكانت تلك تحديدا دوافع المبادرة الإماراتية، التي فتحت الباب للعودة السورية، إنقاذا لشعبها من سنوات الحرب، التي زادتها ظروف الجائحة العالمية معاناة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة