خفض الفائدة الأمريكية لأول مرة في 2025.. هل حان وقت شراء الذهب أم بيعه؟
تأثير القرار المرتقب على الدولار

مع استعداد مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) لخفض أسعار الفائدة المتوقع خلال اجتماعه اليوم، تترقب الأسواق العالمية تداعيات هذا القرار على سلوك المستثمرين في الذهب سواء عبر الشراء أو البيع.
وتُشير التحليلات المالية إلى أن خفض تكلفة الاقتراض (أسعار الفائدة) سيعيد خريطة توزيع الاستثمارات عالميا، حيث من المتوقع أن تتحول التدفقات من أدوات سوق النقد ذات العائد المرتفع سابقًا نحو أصول النمو والأصول الحقيقة.
وفي هذه المعادلة يبرز الذهب كأحد الخيارات الجاذبة نتيجة تراجع تكلفة الفرصة البديلة لامتلاكه، خاصةً من استمرار طلب البنوك المركزية القوي وارتفاع مستوى عدم اليقين الجيوسياسي عالميا، والمقابل يواجه الدولار الأمريكي اختبارًا جديدًا أمام تحول السياسة النقدية، حيث قد يفقد جزءًا من قوته أمام العملات الأخرى في ظل بيئة أسعار فائدة أقل جاذبية.
ماذا نتوقع من اجتماع الاحتياطي الفيدرالي اليوم؟
يركز المحللون على أربعة محاور حاسمة في بيان سبتمبر/ ايلول: توقعات أسعار الفائدة، مسار التضخم الأساسي، مؤشرات سوق العمل، ونبرة رئيس الفيدرالي باول تجاه تأثيرات الرسوم الجمركية.
1. توقعات مسار أسعار الفائدة
- عدد مرات خفض الفائدة المتوقعة لعام 2025.
- التوجه المتوقع لأسعار الفائدة خلال عام 2026.
- تقديرات السعر الحيادي للفائدة على المدى المتوسط.
2. اتجاهات التضخم الأساسي
- تطور مؤشر Core PCE وهل سيحافظ على منحى الهبوط.
- تأثير الرسوم الجمركية على مسار الأسعار.
- تقييم مخاطر استمرار الضغوط التضخمية.
3 توقعات البطالة والنمو
إلى أي مدى سيقرّ الفيدرالي بضعف سوق العمل مقابل صلابة التضخم؟
4. نبرة المؤتمر الصحفي
- درجة الثقة في استمرار تباطؤ التضخم.
- الحديث عن تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد.
- التطمينات بشأن متانة سوق العمل مقابل الاعتراف ببوادر الضعف.
ما تأثير قرار الفائدة على أسعار الذهب والدولار؟
يؤثر قرار خفض الفائدة على الذهب والدولار بشكل عكسي في كثير من الأحيان، فمن الناحية التاريخية، تميل أسعار الذهب إلى الصعود في البيئات التي تنخفض فيها أسعار الفائدة، وذلك لسببين رئيسيين: الأول هو انخفاض العائد النسبي لحملة الدولار مما يقلل من فرصة تكلفة امتلاك الذهب الذي لا يدر عائداً، والثاني هو الضغط الهبوطي المحتمل على سعر صرف الدولار الذي ينعكس إيجابا على الأسعار العالمية للذهب المقوم بالعملة الأمريكية.
فعند خفض أسعار الفائدة تاريخيًا ارتفع سعر الذهب بشكل كبير في الأشهر الـ24 التي أعقبت خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مع مكاسب ملحوظة بلغت 31% و39% و26% في أعوام 2000 و2007 و2019 على التوالي.
ويتخذ الذهب (XAU/USD) موقعا حيويا حول نطاق 3,680 - 3,700 دولار للأونصة، مع استمرار تدفق الطلب عليه كأبرز الملاذات الآمنة قبيل اجتماع الفيدرالي، وتشكل منطقة 3,700 - 3,720 حاجز مقاومة فوري، حيث قد يؤدي اختراقها بإغلاق يومي متجدد إلى تمهيد الطريق لاستهداف مستويات أعلى عند 3,750 - 3,780 دولارا.
في المقابل، تتركز نقاط الدعم الأساسية عند 3,640 - 3,620 دولارا، حيث قد يشكل اختراق هذا النطاق إشارة لتراجع الزخم الصاعد وبدء موجة تصحيحية نحو 3,580 - 3,560 دولارا.
ويستفيد المعدن الأصفر حاليا من ضعف الدولار وتوقعات التيسير النقدي، بينما قد تدفع أي نبرة متشددة من الفيدرالي الأسعار دون 3,640 دولار، مع ذلك، تبقى أي تراجعات محتملة فرصة شراء جذابة في الأفق المتوسط، مع إمكانية استهداف مستويات قريبة من 4,000 دولار للأونصة.
محفزات إضافية لصعود الذهب
إلى جانب عامل أسعار الفائدة، يدعم الذهب عدة عوامل هيكلية أخرى، أبرزها:
- شراء البنوك المركزية المتواصل بمستويات قياسية، حيث تسعى العديد من الدول لتنويع احتياطياتها بعيدا عن الدولار.
- استمرار التوترات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى، وخاصة بعد إعادة تطبيق الرسوم الجمركية مؤخرا.
- ارتفاع الطلب على الذهب كتحوط ضد مخاطر التضخم، خاصة في ظل السياسات المالية التوسعية العالمية.
التأثير على الدولار
أما بالنسبة للدولار، فإن خفض الفائدة عادة ما يضعفه أمام سلة العملات الرئيسية، نظرا لتراجع الفارق في العائد بين السندات الأمريكية ونظيراتها من الاقتصادات الكبرى، ومع ذلك قد تظهر استثناءات في فترات الأزمات الجيوسياسية أو الاضطرابات المالية العالمية، حيث يعود الدولار لأداء دور الملاذ الآمن الأول حتى في ظل انخفاض العائد.
ويتداول مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) حاليًا في نطاق جانبي حول مستويات 97.0 - 97.6 نقطة، في انتظار قرار الفيدرالي الأمريكي القادم، من الناحية الفنية، يواجه المؤشر مقاومة قوية عند نطاق 97.6 - 98.0 نقطة والتي تمثل أعلى مستويات الحركة الأخيرة، حيث قد يؤدي اختراق هذا المستوى إلى تعزيز فرص الصعود نحو منطقة 98.5 نقطة.
وعلى الجانب الآخر، يظل الدعم الأساسي عند 96.5 نقطة، يليه دعم ثانوي عند 96.0 نقطة، حيث قد يؤدي كسر هذه المستويات إلى إضعاف الزخم الصاعي ويفتح الباب أمام هبوط أعمق.
وتعتمد هذه الديناميكية بشكل كبير على توجهات الفيدرالي، حيث قد تدفع أي لهجة متشددة المؤشر لاختبار منطقة 98 نقطة، بينما قد تعيده النبرة التسهيلية أو خفض الفائدة إلى ما دون 95.00 نقطة على المدى المتوسط.
توقعات لأسعار الذهب مع اتجاه الفيدرالي لخفض الفائدة
توقعات "يو بي إس" (UBS):
رفع البنك توقعاته لسعر الذهب إلى 3800 دولار للأونصة بنهاية العام الحالي 2025، مع توقع صعود إضافي إلى 3900 دولار بحلول منتصف عام 2026.
توقعات "غولدمان ساكس" (Goldman Sachs):
تتجه التوقعات نحو سيناريو صعودي متطرف يقترب من 5000 دولار للأونصة، خاصة في حال تراجعت مصداقية السياسة النقدية للفيدرالي .
تحذيرات "تيم ووتر" (KCM Trade):
يشير كبير محللي السوق إلى أن الخطر الرئيسي على الذهب خلال الفترة الحالية يتمثل في عدم وضوح رسالة الفيدرالي بشأن توقيت وحجم تخفيضات الفائدة الإضافية.
أيهم الأفضل في حال خفض الفائدة شراء الذهب أم بيعه؟
انخفاض أسعار الفائدة يقلل من "تكلفة الفرصة البديلة" لامتلاك الذهب (حيث لا يدر عائدًا)، مما يجعله أكثر جاذبية للمستثمرين.
- يؤدي خفض الفائدة عادةً إلى إضعاف الدولار الأمريكي، مما يعزز أسعار الذهب المقومة بالدولار.
- الذهب يحقق مكاسب تاريخية في بيئات الفائدة المنخفضة، حيث يرتفع الطلب عليه كتحوط ضد التضخم وعدم اليقين الاقتصادي.
والبيع قد يعني خسارة فرص صعود محتملة، خاصة مع استمرار الاتجاه الصعودي القوي (الذهب قرب 3700 دولار/أونصة في سبتمبر 2025)، وأي تراجع مؤقت في السعر نتيجة نبرة متشددة مفاجئة من الفيدرالي قد يكون فرصة للشراء وليس البيع.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAg جزيرة ام اند امز