اتصالات الدماغ البيضاء.. سر النضوج العقلي في سن المراهقة
كشفت دراسة جديدة عن أن التحسن الكبير في القدرات الذهنية خلال مرحلة المراهقة قد لا يكون ناتجاً عن نمو المادة الرمادية في الدماغ.
وكان يُعتقد سابقاً أن المادة الرمادية تلعب دورا، لكن الدراسة الجديدة المنشورة بدورية "نيتشر نيوروساينس"، أرجعت ذلك إلى تطور شبكات الاتصال بين مناطق الدماغ المختلفة، المعروفة باسم "المادة البيضاء".

وأجرى باحثون من جامعة فاندربيلت الأمريكية وجامعة ليون الفرنسية ومدرسة ويك فورست للطب دراسة مطولة على مجموعة من القردة اليافعة، بهدف فهم الأسس العصبية للنضوج العقلي الذي يميز هذه المرحلة الانتقالية بين الطفولة والرشد.
وخلال سنوات المتابعة، استخدم العلماء تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي إلى جانب تسجيلات دقيقة لنشاط الخلايا العصبية في قشرة الفص الجبهي، المنطقة المسؤولة عن اتخاذ القرار والتفكير المنطقي، مع إخضاع القردة لاختبارات تقيس الذاكرة العاملة والقدرة على مقاومة المشتتات.
وأظهرت النتائج أن نضوج المادة البيضاء التي تربط الفص الجبهي ببقية مناطق الدماغ كان المؤشر الأقوى على تحسن الأداء العقلي، في حين لعبت التغيرات في سماكة القشرة الدماغية دوراً أقل أهمية.
وقال البروفيسور كريستوس قسطنطينيديس، الباحث الرئيسي في الدراسة: "لطالما ألقى الآباء باللوم على عدم نضج الفص الجبهي في قرارات المراهقين المتهورة، لكن دراستنا تكشف أن التطور الحقيقي يحدث في طريقة تواصل مناطق الدماغ مع بعضها البعض".

وأضاف أن هذه النتائج تسلط الضوء على الدور المحوري للمادة البيضاء في تشكيل التفكير المعقد والذاكرة والانتباه، مشيراً إلى أن الفريق يعتزم توسيع أبحاثه لتشمل مناطق أخرى من الدماغ وفهم كيفية نضوجها عبر مراحل النمو.
وتفتح هذه الدراسة الباب لفهم أعمق لكيفية تشكل القدرات الذهنية خلال المراهقة، وربما تساهم مستقبلاً في تطوير طرق جديدة لدعم النمو العقلي السليم عند الشباب.