شهية مفاجئة نحو شركات أمريكا الصغيرة.. ما وراء ربح «راسل 2000» التاريخي
من بين أكبر 3000 شركة عامة في أمريكا، تشكل أكبر 1000 شركة 95% من القيمة الإجمالية. أما الألفي شركة التالية، والتي تشكل مؤشر راسل 2000، فإن قيمتها مجتمعة أقل من قيمة شركة أبل، الشركة الأكثر قيمة في العالم.
وحسب تحليل لمجلة الإيكونوميست، فإنه بعدما كانت الشركات الصغيرة غير مفضلة للمستثمرين في سوق الأوراق المالية الأمريكية، انعكس الوضع، بعدما راقب المساهمون حركة الصعود والهبوط طوال العام.
وبالكاد تحرك مؤشر راسل 2000، في حين ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 للشركات الأمريكية الكبرى بنحو الخمس على مدى شهور.
لكن قبل أيام، انطلق مؤشر راسل 2000 إلى الأمام ليقفز بنسبة 9%، ويصل إلى أعلى مستوياته منذ بداية عام 2022. وبالمقارنة مع مؤشر ستاندرد آند بورز 500، الذي انخفض قليلاً خلال الأسبوع الماضي، فإن تفوق راسل 2000 كان الأكبر في التاريخ.
وبحث تحليل الإيكونوميست مع المحللين ما إذا كانت هذه الخطوة حادثة غريبة، أو بداية "صيف الشركات الصغيرة" أو حتى "دوران عظيم" من الأسهم الكبيرة إلى الصغيرة.
وقال ماكس جريناكوف من يو بي إس أنه لا ينبغي أن نستبعد مطلقاً أي تقلبات غير متوقعة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمثل هذه التحركات الضخمة. ولا يزال هناك الكثير مما قد يسوء بالنسبة للشركات الصغيرة. ويقول إن هناك نشاطاً "متفشياً" لخيارات الشراء فيما يتصل بمؤشر راسل 2000، وهو ما يراه بمثابة "استئجار المستثمرين للجانب الصاعد" بدلاً من الاستثمار بكل ما لديهم.
وتكرر الصعود في وقت سابق لكن بشكل كاذب. فقبل عيد الميلاد، ارتفعت أسهم الشركات الصغيرة، مدفوعة بتوقعات بخفض أسعار الفائدة الوشيك. لكن الأمور هدأت عندما اتضح أن التخفيضات بعيدة المنال.
وعلى نحو مماثل، فإن أي بيانات تشير هذه المرة إلى أن أسعار الفائدة قد تكون أبطأ في العودة إلى الأرض مما يتوقعه المستثمرون الآن قد تدمر بسرعة المزاج الاستثماري سريعا.
ارتفاع تدريجي
بالرغم من ذلك، فإن الشركات الصغيرة في أمريكا كانت تنمو منذ أشهر. ورغم التقييمات المرتفعة لأكبر الشركات في البلاد، تبدو الشركات الصغيرة وكأنها صفقة نادرة وجذابة على نحو متزايد.
ووفقا لـ لوري كالفاسينا من رويال بنك أوف كندا، فإن المراجعات الأخيرة لتقديرات الأرباح تشير إلى أن الشركات الأمريكية الكبرى لم تعد الهدف الوحيد لحماس المحللين.
وعلاوة على هذا فإن الحدثين اللذين هيمنا على الأسواق خلال الفترة الأخيرة ـ مفاجأة التضخم ومحاولة اغتيال دونالد ترامب ـ عززا من الحجة لصالح شراء الأسهم الصغيرة.
ففي الحادي عشر من يوليو/تموز أظهرت البيانات أن التضخم في أسعار المستهلك في أمريكا انخفض إلى 3% في العام حتى يونيو/حزيران، وهو ما جاء أقل من التوقعات. والآن يبدو أن خفض أسعار الفائدة من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي، والذي يفيد عادة الأسهم الصغيرة أكثر من الأسهم الكبيرة، أصبح مرجحاً على نحو متزايد.
وأضافت كالفاسينا أن ثروات مؤشر راسل 2000 ليست مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بصحة الاقتصاد المحلي الأمريكي فحسب، بل إن خفض أسعار الفائدة من شأنه أيضاً أن يوفر لميزانياتها العمومية قدراً من الراحة.
تقييمات جذابة
ووفقاً لبنك أوف أميركا، فإن نحو 40% من الاقتراض من قِبَل الشركات المدرجة في المؤشر يتم بمعدل فائدة متغير. ومن الممكن أيضاً أن يعني انخفاض تكاليف رأس المال، إلى جانب التقييمات الجذابة، أن تصبح المزيد من شركات مؤشر راسل 2000 أهدافاً للاستحواذ. حتى لو لم يكن كل المستثمرين مقتنعين تمامًا بامتلاك الشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة، فقد تكون شركات الأسهم الخاصة اليائسة لإبرام الصفقات والشركات الأكبر حجمًا التي تبحث عن النمو مقتنعة بذلك.
ومع ازدياد فرص الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في العودة للبيت الأبيض تزداد احتمالات أن تعمل تخفيضات الضرائب على الشركات وإلغاء القيود التنظيمية على تعزيز سوق الأسهم.
ويبدو الاستثمار في الشركات الصغيرة وسيلة معقولة للتحضير لإدارة تدعي أنها مؤيدة للأعمال التجارية، لكنها تتحدى هيمنة أكبر شركات التكنولوجيا. والواقع أن مؤشر راسل 2000، بتركيزه المحلي، قد يكون ملاذاً آمناً من أخطاء ترامب في الخارج المتعلقة بزيادة التعريفات المحتملة، في حين يستفيد من جهود إعادة الشركات إلى الداخل وخفض ضريبة الشركات في الداخل، وهو ما يجعل الشركات الصغيرة جذابة حقاً بالنسبة للمستثمرين.
aXA6IDE4LjExOS4yMTMuMzYg
جزيرة ام اند امز