عامل تمكين «جيواقتصادي».. لماذا المعادن هامة للسيارات الكهربائية؟

في عالم يتجه بسرعة نحو إزالة الكربون من وسائل النقل، تُعد المعادن النادرة أحد العناصر الأساسية في دعم هذا التحول.
ومع ازدهار سوق السيارات الكهربائية، تتحول هذه المعادن من مجرد مكونات تقنية إلى عوامل جيواقتصادية مؤثرة في العلاقات الدولية وسلاسل الإمداد العالمية.
ففي ظل التسارع المستمر في تبني السيارات الكهربائية حول العالم، يتغير مشهد الطلب العالمي على المعادن بشكل جذري والتي أصبحت عناصر حيوية لا غنى عنها في تصنيع محركات السيارات الكهربائية، خاصة النيوديميوم والديسبروسيوم والتيربيوم.
وبحسب بيانات Benchmark Mineral Intelligence الصادرة في أغسطس/آب 2025، بلغ الطلب على المعادن النادرة المستخدمة في محركات السيارات الكهربائية 830 ألف طن متري في عام 2024، مسجلًا نموًا سنويًا بنسبة 27% مقارنة بعام 2023. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الطلب إلى 933 ألف طن متري في عام 2025، بزيادة نسبتها 12%.
ويمثل هذا النمو انعكاسًا مباشرًا للزيادة المتسارعة في مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا، حيث باتت محركات هذه السيارات واحدة من أسرع مصادر الطلب نموًا على مغناطيسات المعادن النادرة.
محركات السيارات الكهربائية
ووفقا لتقرير نشره موقع "كابيتال فيجوالبيست"، توجد أربعة أنواع رئيسية من المحركات المستخدمة في السيارات الكهربائية وهم: محركات التزامن بالمغناطيس الدائم (PMSM) والمحركات الحثية (Induction) ومحركات التزامن المثارة كهربائيًا (EESM) ومحركات التدفق المحوري (Axial Flux).
ومن بين هذه الأنواع، يعتمد نوعا PMSM وAxial Flux فقط على مغناطيسات دائمة مصنوعة من المعادن النادرة، ومع ذلك، فإنهما يمثلان أكثر من 86% من سوق محركات السيارات الكهربائية في عام 2024.
وتُعد مغناطيسات النيوديميوم-حديد-بورون (NdFeB) الأكثر استخدامًا في هذا المجال، ولكنها غالبًا ما تُعزَّز بعناصر الديسبروسيوم والتيربيوم لتتحمل درجات الحرارة العالية داخل المحركات.
وكان سوق المحركات الكهربائية قد نما بشكل مطرد مما يعكس التوسع الكبير في إنتاج محركات السيارات الكهربائية عالميًا، ففي عام 2022 بلغ إجمالي المحركات المنتجة 13.7 مليون، وفي عام 2023 بلغ إجمالي المحركات المنتجة 18.3 مليون. وفي عام 2024 بلغ إجمالي المحركات المنتجة 22.9 مليون، ثم زاد العدد في عام 2025 إلى 28.1 مليون محرك.
الصين لاعب مهيمن
وفي الوقت الراهن، تهيمن الصين على إنتاج المعادن النادرة عالميًا، حيث تمثل أكثر من 90% من عمليات التكرير وإنتاج المغناطيسات الدائمة المستخدمة في محركات السيارات الكهربائية. ويمنح هذا التركز الكبير الصين نفوذًا قويًا في سلسلة التوريد العالمية ويثير مخاوف لدى العديد من الدول المصنعة للسيارات الكهربائية بشأن أمن الإمدادات.
وعلى الرغم من المحاولات الجارية من قبل بعض الشركات المصنعة لتقليل الاعتماد على المغناطيسات الدائمة، من خلال تطوير محركات خالية من المعادن النادرة أو باستخدام بدائل، فإن الكفاءة العالية، والقدرة على توليد عزم دوران أكبر، والتصميم المدمج لمحركات PMSM تضمن استمرار الطلب القوي على هذه المعادن.
وبالتالي، يمكن القول إن النيوديميوم والديسبروسيوم والتيربيوم سيظلون من أهم الموارد الاستراتيجية خلال السنوات القادمة، مع استمرار الثورة في قطاع النقل الكهربائي.