لماذا قفز التضخم الأمريكي عند قمة 40 عاما؟.. إليك الإجابة
لم يكن راسمو السياسية المالية والنقدية في أمريكا يتوقعون ارتفاع التضخم في يونيو/حزيران لهذه المستويات ما يشكل تحديا لكبح جماح أسعار المستهلك.
والأربعاء، قال مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة إن مؤشر أسعار المستهلك في البلاد صعد بنسبة 9.1% في يونيو/حزيران الماضي على أساس سنوي، صعودا من 8.6% في مايو/أيار السابق له.
بالعودة إلى معرفة الأسباب التي دفعت نسب التضخم لهذه المستويات المرتفعة نرى أن عدة عوامل متتالية ومتزامنة تسببت في هذه القفزة لأسعار المستهلك، لتصل إلى قمة نوفمبر/تشرين الثاني 1981.
السبب الأول هو حزم التحفيز التي أقرتها الإدارة الأمريكية خلال جائحة كورونا، بقيمة تجاوز 6 تريليونات دولار، وهي أموال من الطبيعي أن تمتصها السوق المحلية، لكنها احتاجت إلى أكثر من عامين لتحقيق ذلك.
وتراكمت لدى الأفراد والشركات الأمريكية سيولة نقدية بسبب حزم التحفيز وتراجع الاستهلاك في عامي 2020 و2021، وعندما حان موعد صرفها كان الطلب كبيرا على الإنفاق.
السبب الثاني يتمثل في زيادة الطلب العالمي وتذبذب سلاسل الإمدادات العالمية، والتي دفعت إلى شح وفرة سلع وارتفاع أسعارها، وهو ما حصل منذ الربع الثالث 2021.
السبب الثالث، الأزمة الروسية الأوكرانية والتي أدت إلى تفاقم أزمات تذبذب سلاسل الإمدادات، وارتفاع أسعار السلع الأولية بقيادة الطاقة بأنواعها (كهرباء، وقود، النفط، الغاز الطبيعي)، إلى جانب أسعار الغذاء.
وأدى استمرار تراكم سلاسل التوريد والطلب الاستهلاكي المرتفع على السلع إلى ارتفاع الأسعار؛ وارتفع المعدل الوطني لجالون البنزين فوق 5 دولارات الشهر الماضي.
وعلى الرغم من انخفاض أسعار البنزين منذ ذلك الحين، إلا أنه لا توجد إجابة واضحة عن متى ستهدأ التكاليف الإجمالية، مما يترك الأمريكيين يشعرون بالضغط على جيوبهم في غضون ذلك.
وأصبح الارتفاع في أسعار البنزين أحد أكثر الطرق التي يشعر بها الناس بالتضخم في حياتهم اليومية؛ في بعض أجزاء البلاد، لا سيما على الساحل الغربي، لم يكن من غير المألوف العثور على البنزين أعلى بكثير من 5 دولارات أو حتى 6 دولارات للجالون في يونيو.
وأدت المخاوف بشأن ارتفاع أسعار الوقود وأسعار المنازل وارتفاع الإيجارات إلى قلق الاقتصاديين بشأن ما إذا كانت زيادات التكلفة ستستمر حتى بعد انتهاء جائحة فيروس كورونا.
وأذكى المخاوف، عدم قدرة أدوات بنك الاحتياطي الفيدرالي على كبح جماح التضخم، إذ نفذ الفيدرالي ثلاث زيادات على أسعار الفائدة ويتجه لأربع زيادات أخرى بحلول نهاية العام الجاري.
كذلك، لم تنجح محاولات البيت الأبيض تهدئة أسواق الطاقة، من خلال إطلاق أكثر من مليون برميل نفط يوميا من الاحتياطي الاستراتيجي لمدة 6 شهور منذ مطلع أبريل/نيسان الماضي.
لكن أسعار الوقود على وجه الخصوص، أصبحت قضية اقتصادية وسياسية محفوفة بالمخاطر، لإدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي وإدارة بايدن الذي يتحضر للانتخابات النصفية بعد عدة شهور.
كذلك، تواجه العائلات في جميع أنحاء البلاد أسعارا أعلى في متجر البقالة، ويمكن أن يشهد المستهلكون هناك المزيد من النقص إذا تسبب الغزو الروسي في نقص واسع النطاق في القمح والذرة وغيرها من المواد خلال الفترة المقبلة.
ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية في يونيو الماضي، وهو الارتفاع الأكثر عدوانية منذ عام 2000. وستؤدي المعدلات المرتفعة إلى إبطاء الاقتصاد ولجعل اقتراض الأموال أكثر تكلفة.