لا يمكن رصد الدور الإيراني، من سوريا حتى العراق، ومن اليمن حتى ليبيا، ومن غزة حتى لبنان، دون التوقف طويلاً أمام دور الحرس الثوري.
لا بد من القراءة العميقة والمتأنية لخطب وتصريحات قاسم سليماني.
الرجل يلعب دوراً أساسياً في الحرس الثوري الإيراني، ولديه تلك الشعبية لدى التيار المتشدد، ويحظى برضا المرشد الأعلى لكونه «بطل العمليات العسكرية والأمنية لمشروعات التمدد السياسي والمذهبي عبر وسائل أمنية وعمليات عسكرية في المنطقة».
ولا يمكن رصد الدور الإيراني من سوريا حتى العراق، ومن اليمن حتى ليبيا، ومن غزة حتى لبنان، دون التوقف طويلاً أمام دور الحرس الثوري الإيراني وقاسم سليماني.
ومنذ ساعات ألقى سليماني خطاباً سياسياً لتأبين قتلى قوات الحرس في منطقة «زهدان» الذين راحوا ضحية عملية انتحارية من «البلوش» قُتل فيها 27، وجُرح 13 آخرون.
باختصار، إن تيار الحرس الثوري يؤمن بأن دخول إيران في تسويات دولية أو إقليمية يحرمها ويقيدها في مواجهة أمريكا (الشيطان الأكبر) ويدفعها إلى أحضان الغرب الذي يشكل تناقضاً رئيسياً وليس ثانوياً مع فكر الإمام الخميني
في هذا الخطاب، وبينما كان سليماني يهاجم «أي مفاوضات بين الدول الأوروبية والدور الإيراني الإقليمي في المنطقة»، انكشف الغطاء عن أن هناك مثل هذا الحوار الذي يحاول عقد تسوية إقليمية تعتمد على معادلة تقول: «إعادة إيران إلى داخل حدودها وإيقاف امتداداتها في المنطقة مقابل استمرار الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأمريكية القاسية عليها والإفراج - بالتالي - عن أرصدتها المجمدة منذ سنوات».
من وجهة نظر سليماني السياسية ومن منظوره العقيدي ورؤيته الجهادية المتشددة ومن موقعه الأمني، فإنه يعتقد أن إعادة إيران إلى داخل حدودها تعني شهادة وفاة للحرس الثوري ولدوره في المعادلة الشخصية ونهايته هو شخصياً.
إن هذا الحوار وهذه المفاوضات ومسودة هذه التسوية المتداولة الآن بين طهران وأوروبا، وتحديداً مع باريس وبرلين ولندن، قد مست «العصب الحساس» لدى الحرس الثوري وسليماني وما يمثله كفكر ومصالح داخل المعادلة الإيرانية.
وحتى لا أكون متعسفاً أو أذهب في تحليلي بعيداً بشكل خاطئ دعوني أعود إلى ما قاله الرجل حرفياً حول هذا الموضوع، أمس الأول: «لست أعرف ما هي الغاية وراء السعي إلى اتفاق إقليمي من هذا النوع».
وعاد وقال: «إن مثل هذا الاتفاق يهدف إلى تجفيف روح وحركة إيران الإسلامية»، على حد وصفه.
وشرح سليماني كلامه بقوله: «إذا خضعنا لاتفاق ثانٍ فسوف نضطر إلى تطبيق اتفاقيات أخرى، إنهم يريدون أن تخسر البلاد هويتها في المضمون».
باختصار، إن تيار الحرس الثوري يؤمن بأن دخول إيران في تسويات دولية أو إقليمية يحرمها ويقيدها في مواجهة أمريكا (الشيطان الأكبر) ويدفعها إلى أحضان الغرب الذي يشكل تناقضاً رئيسياً وليس ثانوياً مع فكر الإمام الخميني مفجر«الثورة الإيرانية»، ويضاد مشروع ولاية الفقيه والخلافة على الأرض.
يحدث هذا وتبدأ البحرية الإيرانية بعد ساعات في إجراء مناورات بحرية كبرى عند مضيق هرمز على اتساع بحري كبير من أجل الضغط معنوياً لتحسين شروط التفاوض الجاري أو نسفها نسفاً.
الأيام المقبلة سوف تكشف هل تنتهي إيران إلى نسف التسوية أم تعود مرة أخرى وتتجرع سم التسوية مثلما حدث مع العراق والاتفاق النووي؟
نقلاً عن "الوطن" المصرية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة