"الأيديولوجيات الكربونية".. كتاب يحذر من تفاقم الأضرار البيئية
كتاب "الأيديولوجيات الكربونية" لمؤلفه ويليام فولمان يعد صرخة أخيرة لكوكب الأرض الذي يعاني تفاقم الأضرار البيئية وخروجها عن السيطرة.
بعد صيف حارق واجهته الأرض هذا العام سجلت فيه أعلى درجات الحرارة في مختلف بقاع العالم، وتسبب بوفاة المئات نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وأشعل الحرائق في عدة غابات، قد يكون من الصعب تجاهل حقيقة أن الاحتباس الحراري لم يعد حدثاً مستقبلياً فحسب، بل واقع نعيشه اليوم ونتحمل تبعاته.
ولطالما تمت مناقشة موضوع البيئة وتغيراتها في أفلام سينمائية ومقالات علمية، كما كُتب عنها أهم الروايات والكتب، إلا أن كتاب ”الأيديولوجيات الكربونية“ قد يكون الكتاب الأكثر صدقاً من نوعه، فيصور لنا الأرض بسوداوية بالغة حيث يعيش السكان في ظروف مختلفة كلياً عن التي نعيشها اليوم، حين تصبح الأرض الكوكب الأكثر حرارة والأقل تنوعاً بيولوجياً.
ويعد الكتاب أشبه بسجل يدوّن إيذاء البشر لأنفسهم، فيصف الكاتب في ”الأيديولوجيات الكربونية“ حال البشر بعد تفاقم الأضرار البيئية وخروجها عن السيطرة، فنشاهد حالة من العنف البيئي الذي سببه استهلاك الفحم والنفط والغاز الطبيعي وحتى الطاقة النووية، ولا يقتصر الضرر هنا على الأجيال المستقبلية أو بعض أنواع النباتات أو الحيوانات التي تهددها تلك الممارسات بالانقراض وإنما تطالنا نحن البشر الذين يعيشون هذا العصر، وسط حالة من إنكار التغييرات المناخية الخطيرة التي نمر بها والضرر الذي نحدثه لأنفسنا بأذيتنا للبيئة.
العمل من تأليف الكاتب الأمريكي ويليام تي فولمان المعروف بتنوع أعماله، حيث يكتب الروايات والمقالات والمذكرات والتاريخ، وعادة ما يدمج أكثر من شكل واحد من أساليب الكتابة في عمل واحد، كما يناقش موضوعات شديدة التنوع، ولا يحد نفسه بعدد معين من الصفحات للكتاب الواحد، وبحسب اعترافه الذي استهل به الكتاب، فقد خاض نقاشات كثيرة مع محرريه، قبل أن يقلص حجم المخطوطة الأصلية وينشر الكتاب بحجمه الحالي.
ونشر كتاب "الأيديولوجيات الكربونية" في جزأين، يحمل الأول منهما عنوان ”لا خطر محدق“ والثاني ”لا بديل جيد“
وللكتاب عدة أقسام، ففي جزء منه جداول وقوائم وبيانات عن الاستهلاك العالمي للطاقة، كما يقدم للقارئ في قسم آخر تعريفات علمية ووحدات قياسية وتحويلات.
ويأخذك الكتاب في رحلة إلى أبرز المناطق الطبيعية التي دمرها استخدام الإنسان الخاطئ للطاقة، من أهمها فوكوشيما والتي دمرتها قنبلة نووية، وويست فرجينا والتي تضررت من استهلاك الفحم لإنتاج الطاقة، وكذلك الكولورادو وآثار استهلاك الغاز الطبيعي عليها.
كما يقدم الكتاب مقابلات عدة مع عمال جاوروا المفاعلات النووية ومصافي النفط وما عايشوه خلال ذلك، ليكون الكتاب عملا إنسانيا يحاول أن يفهم قدرة الإنسان على التخلي عن قليل من رفاهيته وراحته على المدى القصير لتجنب الكوارث الكبيرة مستقبلاً.
أما الفصل الذي يحمل عنوان ”شعاع من الأمل“ فمحتواه بعيد كل البعد عن عنوانه الذي لم يكتب سوى على سبيل السخرية، فلم تغير ست سنوات من السفر حول العالم ولقاءات الكاتب مع الخبراء وجمعه للبيانات أيا من قناعاته الرئيسية تجاه هذه القضية.
وفهرس فولمان في كتابه كل المشاكل التي أدت للتغير المناخي وساهمت فيه ولو بشكل صغير، كالسياسة والصناعة والتكاليف والنمو السكاني وإنكار المناخ وغيرها من مسببات التغير البيئي.
ويؤكد فولمان أن مناخ الأرض سيتغير، إلا أن طريقة تفكير الإنسان وسلوكه لن تتغير، فهدف كتابه لا يعدو كونه رسالة انتحار أو رسالة للمستقبل، يطلب بها من الأجيال القادمة أن يقدروا أنهم كانوا سيكررون الأخطاء نفسها التي قمنا بها نحن سكان الأرض اليوم.
aXA6IDMuMTQ5LjIzNC41MCA= جزيرة ام اند امز