سحب السويفت.. هل يعزل «المركزي اليمني» الحوثي مالياً؟
مخاوف كبيرة تضرب مليشيات الحوثي من عزلة مالية بعد اتجاه البنك المركزي اليمني المعترف به دولياً لسحب نظام المعاملات المالية الدولية «السويفت SWIFT» من البنوك العاملة في صنعاء.
وكعادتها لجأت المليشيات المدعومة إيرانياً لإطلاق التهديدات العابرة عبر زعيمها عبدالملك الحوثي في خطابات منفصلة، كان آخرها اليوم الخميس، وشملت إشعال الحرب وقصف المنشآت الاقتصادية والحيوية إذ لم يتم التراجع عن قرارات البنك المركزي في عدن.
وكان البنك المركزي اليمني وجه البنوك في مناطق الانقلاب الحوثي للانتقال إلى عدن ضمن مساعيه لانتشال القطاع المصرفي ومواجهة بحزم ممارسات الحوثي -وكل من يتعاون معه- بحق الاقتصاد الوطني.
وعمل البنك المركزي في عدن اليومين الماضيين على تطبيق قراراته التي اتخذها قبل شهرين، بدأ بإيقاف التعامل مع البنوك التجارية الرافضة نقل مقراتها الرئيسية من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن.
كما اتخذ قراراً بإلغاء التراخيص المصرفية لمصارف بنك التضامن، بنك اليمن والكويت، بنك اليمن والبحرين الشامل، بنك الأمل للتمويل الأصغر، بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، وبنك اليمن الدولي.
وقالت مصادر مصرفية إن محافظ البنك المركزي أحمد غالب المعبقي وقع قراراً بإلغاء تراخيص البنوك المخالفة، كما وقع مخاطبة الشركة المسؤولة عن "السويفت" بسحب النظام من البنوك المخالفة خلال مدة أقصاها أسبوع واحد، وهو ما رفع مخاوف الحوثيين من عزلة دولية مالية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل واصل محافظ البنك المركزي اليمني بعدن إصدار قرارات بشأن إيقاف تراخيص شركات ومنشآت الصرافة المخالفة، كان آخره اليوم الخميس، حيث أوقف 6 شركات ومنشآت صرافة مخالفة ليرتفع عدد المنشآت الموقوفة إلى 26 منشأة صرافة خلال أسبوعين فقط.
وبرر البنك المركزي في عدن قراره بناءً على المخالفات المثبتة بتقرير النزول الميداني المرفوع من قطاع الرقابة على البنوك؛ ولما تقتضيه المصلحة العامة.
- طلب وهمي على العملة الصعبة.. مضاربة حوثية لضرب المركزي اليمني
- اليمن يشيد بالدعم الإماراتي لتقليل كُلفة توليد الكهرباء
تطور مهم
قال مغتربون يمنيون إنهم تلقوا رسائل قصيرة على هواتفهم المحمولة، تفيد بتوقف مؤقت للتحويلات المالية إلى اليمن، وذلك تطبيقاً لقرارات البنك المركزي بوقف التحويلات لمناطق الحوثي حتى استكمال الترتيبات.
وأكد عدد من المغتربين لـ«العين الإخبارية» أن الرسائل تضمنت أن التحويلات المالية توقفت مؤقتاً وأن هناك استثناء حيث إن التحويل متاح عبر خدمة ويسترن يونيون والتي تملك عدداً من الوكلاء المنتشرين في البلاد.
وكانت تقارير إعلامية أكدت أن جهوداً مشتركة تبذلها بنوك من السعودية واليمن تسعى لإيجاد ترتيبات تسمح باستمرار التدفقات المالية إلى مناطق نفوذ الحكومة اليمنية، ومنع وصولها إلى مناطق الانقلاب الحوثي.
دعوة لتنفيذ القرارات
في السياق، دعت جمعية صرافين تعمل في جنوب اليمن إلى تنفيذ كافة قرارات البنك المركزي اليمني في عدن، المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد، وذلك بعد تخطي سعر الدولار حاجز 1850 ريالاً يمنياً.
وأكدت الجمعية ضرورة تنفيذ كافة قرارات البنك المركزي في عدن وبسط السيطرة على السوق المصرفية وتثبيت سعر الصرف، من خلال عدد من الخطوات المقترحة، منها "إيقاف كافة شركات الصرافة التي تحولت إلى بنوك"، وإلزامها بالعمل وفقا لقوانين بنوك التمويل الأصغر، والتحكم في الكتلة النقدية في البنك المركزي بعدن.
كما اقترح البيان "فتح حساب في البنك المركزي للحوالات المتأخرة بحيث يتم إلزام كافة شبكات شركات الصرافة وشبكات البنوك التي توقفت عن دفع الحوالات المتأخرة بتحويلها إلى البنك المركزي في عدن".
وحثّ البيان جميع شركات ومنشآت الصرافة في المناطق غير المحررة بالتعامل مع الشبكة الموحدة، على أن يتم إغلاق جميع فروع شركات ومنشآت الصرافة في عدن التي ترفض الالتزام، وإيقاف تصدير أي حوالات عبر الفروع، وإلزام جميع شركات ومنشآت الصرافة بتصدير حوالاتهم عبر الشبكة الموحدة، لضمان سلامة وأمان هذه الحوالات ومراقبتها بشكل فعّال.
على شفا الإفلاس
تصدر إجراءات البنك المركزي في عدن من جهة سيادية تمتلك صلاحيات واسعة لحماية الاقتصاد اليمني من عبث مليشيات الحوثي ومن يتواطأ معهم من البنوك وشركات الصرافة المُضارِبة، بحسب خبراء اقتصاديين.
وأكد الخبراء أن التأثيرات الاقتصادية لقرارات البنك المركزي بعدن الأخيرة ستكون واضحة وكبيرة على البنوك وشركات الصرافة الخاضعة لمليشيات الحوثي والتي استهدفتها القرارات.
وقال أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة عدن، الدكتور سامي نعمان، إن سحب البنك المركزي نظام السويفت عن هذه البنوك سيوقف قدرتها على إرسال واستقبال الأموال من الخارج بسبب تعاملها مع مليشيات الحوثي المصنفة منظمة إرهابية.
وأضاف لـ"العين الإخبارية": وبالتالي ستتحول هذه البنوك إلى "شركة صرافة داخلية فقط"، وهو ما يعني فقدان القدرة على استقبال الودائع والحوالات من خارج اليمن، وخصوصا من المنظمات الدولية.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن هذا يعني أن الكثير من المنظمات الدولية ستتوقف عن التعامل مع هذه البنوك، فكما هو معروف أن هذه المنظمات هي أكبر المتعاملين مع هذه البنوك.
وتابع: "كما أن التجار سيتوقفون عن التعامل مع هذه البنوك فيما يخص فتح الاعتمادات المستندية الخاصة بعملية الاستيراد او التصدير".
وأكد أن هذه البنوك التي تقامر بالانصياع لتوجهات مليشيات الحوثي "ستكون على شفا الإفلاس؛ لأنها أصبحت غير قادرة على أداء جزء مهم من عملها، وفي نفس الوقت فهي مُطالبة بمنح المودعين لديها أموالهم.
ويرى مراقبون أن تنفيذ خيار نقل عمليات البنوك إلى عدن سيعزز من دور البنك المركزي في الرقابة على المؤسسات المالية، مما يحد من تدخل الحوثيين ويعزز الثقة في النظام المصرفي، كما يضمن حماية مصالح الجميع في ظل الظروف المعقدة في البلاد، ويعد خطوة استراتيجية لتحسين النظام المالي في اليمن.
وكانت القرارات البنكية الأخيرة في عدن لاقت دعماً دوليا وشعبياً ومساندة من مجلس القيادة الرئاسي والأطياف اليمنية المختلفة، باعتبارها تخدم انهاء الانقسام النقدي في البلاد وتحد من تهديدات الحوثي للقطاع المصرفي.