المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة بأبوظبي.. شراكة لسلامة الأوطان وأمنها
تنطلق من أبوظبي مبادرة عالمية تأسيسية لـ"المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة"، ليكون كيانا مؤسساتيا يعزز دور المسلمين ويرتقي بممارساتهم.
يعيش أكثر من نصف مليار مسلم حالة أقلية دينية وبشرية في بلدان متعددة الثقافات والأديان والأعراق، ومع ازدياد التحديات التي تواجه المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية من نمو للتطورات الجيوسياسية، كانتشار للحروب أو الأزمات السياسية أو التحديات الفكرية من تغلغل لتيارات الغلو والتطرف، أو تصدي المشهد السياسي من طرف أحزاب العنصرية والكراهية للآخر، برزت الحاجة المتزايدة لوضع آليات نشر ثقافة الاعتزاز بالانتماء للوطن وتفعيل قيم العقد الاجتماعي تحقق دمج تلك المجتمعات في محيطها وتحصينها فكريا وروحيا وحمايتها من التمييز العنصري أو التطهير العرقي.
وسعيا لتوطيد عناصر الانتماء للوطن كالدفاع عن الوحدة والاستقرار الوطني، أصبح السعي عاجلا لإطلاق مبادرة عالمية رائدة تساعد على تعزيز مفهوم المواطنة، ونشر قيمها لدى أبناء المجتمعات المسلمة، كمكوّن أساسي فاعل في تنمية بلدانها، وتعمل على تصحيح الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين وتضمن لهم حقوقهم الطبيعية في ممارستهم لشعائرهم الدينية وفق المضامين الأممية لحقوق الأقليات الدينية والعرقية؛ ما يضمن حق المجتمعات في التعددية الثقافية والدينية.
تحقيقا لذلك وانطلاقا من الرسالة الحضارية لدولة الإمارات العربية المتحدة الهادفة إلى نشر ثقافة السلم لتحقيق الأمن المجتمعي، واستلهاما لمبادراتها الدولية الرائدة في مجال ترسيخ قيم العيش المشترك والاحترام المتبادل بين شعوب العالم، وتعزيز التسامح والحوار بين أتباع الأديان والثقافات، واستحضارا لتوصيات مختلف المؤتمرات والندوات التي عقدتها المنظمات الدولية والإسلامية حول موضوع المجتمعات المسلمة، وتلبية لطلبات كثير من قيادات مؤسسات المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية، تنطلق من أبوظبي مبادرة عالمية تأسيسية لـ"المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة"، ليكون كيانا مؤسساتيا يعزز دور المسلمين ويرتقي بممارساتهم التطبيقية في مجتمعاتهم، إلى جانب المحافل الدولية.
ويعد المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة مؤسسة دولية تهدف إلى تنسيق جهود مؤسسات المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية والارتقاء بدورها الوظيفي لتحقيق الشهود الحضاري تشجيعا لأفرادها المساهمة في نهضة دولهم المدنية والثقافية والاقتصادية، وتصحيح الصورة النمطية عن الإسلام والمجتمعات المسلمة، وتجسير الهوة الفكرية والثقافية بين مكونات المجتمع الإنساني.
ولا يهدف هذا المجلس إلى أن يكون بديلا عن المؤسسات المحلية العاملة في المجتمعات المسلمة بالدول غير الإسلامية أو المؤسسات الحكومية، بل يركز بنشاطه على مساعدة هذه المؤسسات على وضع آليات تفعل دور الأفراد في خدمة أوطانهم، من خلال منصة تساعدهم على تبادل التجارب والعمل المشترك، ليتمكنوا من بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة في مجتمعاتهم مع الحرص على التعاون مع حكومات بلدانهم لتحقيق ذلك.
ويضطلع المجلس بمجموعة من المهام التي تعزز من ممارسات المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية المختلفة وزيادة فعالية أدائها تجاه أبنائها ومجتمعاتها، وذلك من خلال الميثاق العالمي للمجتمعات المسلمة للحقوق والحريات والخطة الاستراتيجية للنهوض بالدور الحضاري للمجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية.
ويهدف المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة إلى تعزيز التنسيق بين المؤسسات الناشطة في المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية، وتبادل الخبرات فيما بينها والتنسيق مع المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية لخدمة رسالتها، والعمل على تأصيل التعددية الثقافية واحترام الخصوصيات الثقافية والفكرية للمجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية، وكذلك تعزيز قيم الاعتدال والحوار والتسامح والانتماء للوطن ونشرها، ونبذ التعصب الديني والكراهية للآخر، والتأكيد على تعزيز الحقوق المدينة والسياسية للمجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية باعتبارها حقا أصيلا من حقوق الإنسان وفقا للمواثيق الدولية والوطنية.
كما يهدف المجلس إلى تأصيل خطاب ديني يساعد على تمكين المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية من التوفيق بين مقتضيات الانتساب إلى الدين ومقتضيات الانتماء إلى الوطن، بما يكفل تعزيز قيم المواطنة لديها، وتحصين المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية من خطر الجماعات الدينية المتشددة ومواقعها الإلكترونية، وكذلك تفعيل الآليات الأكاديمية والمهنية والقانونية والحقوقية لتصحيح الصور النمطية عن الإسلام والمجتمعات المسلمة في الإعلام.
المجلس أيضا سيقوم بدور في تأهيل الأسر والنساء والشباب والأطفال في مجال التربية على المواطنة والاعتزاز بهويتهم الوطنية والثقافية والدينية والمساهمة في تنمية مجتمعاتهم، وتسليط الضوء على نجاحات أبناء المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية حول العالم ونشر النماذج التي تعزز الممارسات الإيجابية والمساهمة الحضارية لأفرادها، من خلال تفاعلها المنفتح مع باقي مكونات مجتمعاتها، وإعداد وتهيئة القيادات في المجتمعات المسلمة في الدول غير الإسلامية من خلال وضع النظم والبرامج المناسبة لتنمية وتطوير كفاءات الموارد البشرية والقادة بمختلف المؤسسات.
ويقوم المجلس على عدة قيم، من بينها العزيمة والانتماء والشفافية والشراكة والسلام والمساواة والمسؤولية، ويحمل شعار "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا".